ترجمات عبرية

معاريف – بقلم  ران أدليست  – سنة النزاع

معاريف – بقلم  ران أدليست  – 10/9/2021

” يبدو أن هذه الحكومة الغريبة تسير في الطريق  الصحيح. ولكنها قريبا ستخوض اختبارها الاكبر الذي يتمثل في سياسة الخارجية والامن “.

رأس السنة، يهودية كانت أم مدنية، هو موعد لايجاز سنة او بدء اخرى. اشكالي بعض الشيء “اجمال” سلوك مخلوق سياسي كثير الاذرع والرؤوس بعد نحو ثلاثة اشهر. غير أنه وفقا للسلوك حتى الان يمكن القول انه بطريقها الغريب، فان  هذه الحكومة في الطريق الصحيح. فبدلا من العروض النافخة والمتصببة عرقا، التي تتحرك على طيف من العداء، الازدواجية والمزايدة، لحكومة نتنياهو – توجد تقارير من الميدان ومؤشرات مشجعة على تنظيم اسطبلات. في الاسبوع الماضي اطاح رئيس الوزراء نفتالي بينيت ببيبي من لجنة تعيين كبار المسؤولين، وزير الامن الداخلي منع تعيين ضابط اشكالي، وزير العدل يجيز قانون مناهض لبيبي، والاتجاه يبدو واعدا. اما المشكلة فهي سياسة الخارجية والامن.

ظاهرا كل شيء مؤجل، عمليا كل شيء يتدفق، مثلما قال الفيلسوف اليوناني هركليتوس. حتى حكومة تفر من البشرى ملزمة بان تقرر اذا كانت ستغرق أم تسير مع التيار. في هذه المرحلة تحافظ حكومة بينيت على الخطوط العريضة للحكومة السابقة في المواضيع الجوهرية التي هي القطاع، الضفة، لبنان، سوريا وايران. ابقاء ايران كعدو وجودي هو أمر سهل، هذا بعيد، هذا نظري وهذا وطني. نجاح بنيامين نتنياهو في أن يثبت ايران في الوعي الجماعي للجمهور في اسرائيل كالشيطان المطلق  هو نجاح مغيظ، وحكومة بينيت تعزف على هذا الوتر. 

اختبار بينيت سيكون في مؤتمر الزعماء في الامم المتحدة. لفهمي الهزيل فهو لن يخرج عن الخط. ولكن اذا ما شدد  – مثل نتنياهو – باننا نحن والولايات المتحدة نسير يدا بيد – فكفانا. وبمراعاة حقيقة الولايات المتحدة دونالد ترامب والولايات المتحدة جو بايدن هما الولايات المتحدة ذاتها في السياق الايراني، فان هذا القول يفترض أن يكفي. 

لا فكرة لدي عما يفكر به بينيت وكم هو منصت لتقدير شعبة الاستخبارات العسكرية أمان بان ايران ليست كصرختها وتصريحاتها هي مجرد مادة تشويش لقاعدتها. وبخلاف ايران، فان الاحتكاك مع لبنان وسوريا هو محلي واحد من الاطراف غير معني بتوسيعه. هنا وهناك حادثة هامشية، تجربة أدوات من جانبنا ومن جانبهم، ولكن الهدوء سيبقى من خلال آلية ميزان الرعب. لكل الاطراف واضح ان “انتصارا” في جولة حربية اوسع لا يستحق الضرر والضحايا. 

في غزة القصة مختلفة. في غزة والضفة يمكن التصدي محليا بثمن هدم وقتل اسرائيلي داخلي معقولين نسبيا (بشرط الا يجن احد ما ويجرنا الى احتلال  القطاع والدخول الى المدن في الضفة)، المشكلة هي ان في غزة وفي الضفة على حد سواء يوجد تنقيط دائم لدم فلسطيني واسرائيلي. التنقيط، مقلق ومغيظ مهما كان، ليس سببا للحرب او  للسلام. كما أن  التوقيت لا يفترض أن يتسبب بتغيير سياسي داخلي دراماتيكي، مثل شلال الدم في حرب يوم الغفران التي تسبب بتوقيع اتفاق السلام مع مصر. تسويق كاسح لـ “الهدوء” بعد الانتفاضات في الضفة وحملات في غزة (تحقق زعما بفضل “انتصارنا”) يسكت هذه المطالبة والحاجة الى تغيير سياسي، وفي هذه الاثناء يخلد روتين النزف البطيء والدائم للنزاع “غير قابل للحل”.

غير أن هذا التنقيط ليس كارثة طبيعية. فهو سياسة موجهة لحكومة راقصي الدم لنتنياهو، ممن جعلوا كل قطرة دم مخزونا قابلا للاشتعال ضد العدو الرهيب الذي ينهض علينا لافنائنا. في السنة الجديدة يفترض بحكومة التغيير ويلزمها بان تبدأ بالتحرك في الاتجاه الصحيح. وهنا يوجد احتمال للتغيير. عندما قال بينيت: “لن تكون تسوية سياسية مع الفلسطينيين”، فانه كما أسلفنا غمز قاعدته، والحقيقة هي ان احدا لا يعتزم الدخول الى حقل الالغام هذا. المطلوب هو خطوات صغيرة، غير ملحوظة (كي لا تفر القاعدة) من اجل الوصول الى مرحلة  يكون ممكنا منها الانتقال الى المرحلة التالية. وهذا ايضا غير ضار ظاهرا: ان يرفع قليلا مستوى التسهيلات لغزة، ان تعزز قوة ابو مازن وبالاساس التنسيق، التنسيق، التنسيق. مع الولايات المتحدة. 

لمستَ – فككتَ

هذا هو السبب، الذي يجعل ادارة النزاع مع حلول السنة الجديدة ثلاثة رؤساء وزراء يأخذونه على عاتقهم. احدهم هو الحالي، واحد بديل وواحد بتكليف ذاتي. ثلاثتهم يفكرون في الانتخابات التالية وهذا طبيعي، انساني وسياسي. بينيت مكبل بجمهوره المستهدف الذي هو يمين – يمين. الجمهور المستهدف ليئير لبيد هو يمين – وسط. وبيني غانتس يقصد الوسط – اليسار. وبهذه الصفة، يمكن لغانتس أن يسمح لنفسه بسياسة مستقلة في جملة مواقع (التقى ايضا مع وزير الزراعة في شؤون الاصلاح للمزارعين). بينيت يلمح بان زيارة غانتس لدى ابو مازن لم تطيب له؟ على غانتس ينطبق القول: لمستَ، فككتَ. بحركة اصبع يفكك الرزمة.

كوزير دفاع، من ناحية عملية لا يحتاج لبينيت كي يدير سياسة مستقلة.  في وزارته يوجد منسق الاعمال في المناطق والادارة المدنية. وبواسطة هذه الادوات، وفي اطار التنسيق مع رئيس الاركان افيف كوخافي، يفترض به أن يدير السياسة في المناطق.

ان المحاولة الاخيرة لادارة اتصالات سياسية مع السلطة كانت عندما التقت تسيبي لفني، مديرة المشروع لدى نتنياهو، مع ابو مازن في 2014. نتنياهو سمع آهة مبشرة بالشر من اليمين، فزع وعارض واقالها من الحكومة.

بعد زيارته لدى ابو مازن قال غانتس ان “مصلحة ابو مازن ومصلحتنا متماثلتان: اضعاف حماس”. قوله هذا يتوافق مع سياسة نتنياهو وبينيت وليس مع الواقع. عمليا يخدع غانتس نفسه أو يخدع سامعيه. عمليا هو يجري اتصالات سياسية مع ابو مازن، يعزز حماس، يحاول منع جولة اشكالية للسلطة في المحكمة الدولية في لاهاي مقابل موافقة على انتخابات مشتركة في الضفة وفي القطاع. فرضية العمل هي انه كلما تأجلت الانتخابات واحدثت حماس الاضطرابات – هكذا تساعد رواسبها القتالية في انتصارها في الانتخابات، ويفترض بغانتس ان يعرف هذا. السؤال هو اذا كان يوجد احتمال ان في اعقاب انتصار حماس ستزيد اعتدالا مثلما حصل في  الماضي مع م.ت.ف. الجواب هو ان اسرائيل قوية بما يكفي كي تزيد اعتدالها منذ اليوم. 

في هذه الاثناء، فكرة غانتس وجهاز الامن  هي الاحتواء، التهدئة ودعم الاقتصاد. نأمل ألا يكون الحديث هذه المرة يدور عن سلام اقتصادي على نمط نتنياهو يستهدف التغطية على استمرار الاحتلال بل على تعزيز الاقتصاد الفلسطيني بالتوازي مع تعزيز السلطة وابو مازن قبيل الانتخابات المستقبلية. الى جانب غانتس يعمل وزراء الحكومة من اليسار. نيتسان هوروفيتس، تمار زندبرغ، عيسوي فريج ووزير الامن الداخلي عوفر بارليف. في القدس تنزع الشرطة اعلام م.ت.ف وكأن اسحق شمير ونتنياهو لا يزالان يخوضان حرب الابادة خاصتهما. وبارليف يأمر الشرطة بالتوقف عن هذه السخافة كجزء من سياسة الاحتواء.

خلافات رأي؟ كما اسلفنا كل واحد في هذا الائتلاف يغمز الى الامام قاعدته ويتأكد الى الوراء بان عجيزته لا تزال تدفيء الكرسي الصحيح. احد منهم لا يتأثر حقا بـ “خلافات الرأي”. في مواضيع الخارجية والامن ايضا احد هناك لا يعرف ما هي النوايا المكشوفة والخفية لشركائه. لعل في السنة القادمة تعرف عناصر الحكومة ما الذي تريده من نفسها ومن شعبها. في هذه الاثناء فلتكن سنة خير ورفاه.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى