معاريف – بقلم د. اوسنات عكيراف – تحدي غانتس
معاريف – بقلم د. اوسنات عكيراف – رئيسة دائرة العلوم السياسية في اكاديمية الجليل الغربي – 5/11/2019
لا شك أن بيني غانتس يقف هذه الايام امام تحد غير بسيط في محاولته لتشكيل حكومة. ومع ذلك، من المهم أن نجري ترتيبا لكل التحديات التي يقف امامها، من حيث انواع الحكومة المختلفة التي يمكن تشكيلها. احد الاقوال، والذي يستهدف دب الرعب، هو ان غانتس سيشكل حكومة اقلية.
كما هو تعريفها، فان حكومة الاقلية هي خلاف يتشكل من حزبين على الاقل توجد لهما معا اغلبية برلمانية. هناك دول في العالم لا يكون مطلوبا فيها عند طلب الثقة للحكومة تصويت اغلبية اعضاء البرلمان، مقابل دول مطلوب فيها اغلبية كهذه وحكومة الاقلية تتكون بفضل تأييد احزاب أو نواب مستقلين لا يكونوا جزءا من الائتلاف.
ان حكومات الاقلية تقوم بتواتر عال في ديمقراطيات مثل ايرلندا، هولندا، النرويج، الدانمارك، بلجيكيا، اسبانيا وايطاليا، وبتواتر متدن في انجلترا وفرنسا. حاول الباحثون فهم كيف تبقى حكومات الاقلية على قيد الحياة وتؤدي مهامها.
أولا، الاحزاب التي ليست في الائتلاف تؤيد حكومة الاقلية مقابل قدرتها على التأثير على السياسة في موضوع قريب من قلبها. ثانيا، نواب مستقلون لا يرتبطون بحزب معين، يميلون لتأييد حكومة الاقلية مقابل تشريع يخدم المنطقة التي يمثلونها. ثالثا، احزاب تفضل ان تكون خارج الائتلاف كي لا تعاقب في الانتخابات التالية من الناخبين فينخفض التأييد لها. في ذات الوقت يمكنها أن تدفع الى الامام بسياسة انتخبت من اجلها في البرلمان.
في اسرائيل لم تتشكل بعد حكومة اقلية فور الانتخابات، ولكن في اعقاب ازمات سياسية في اثناء تولي الحكومات المختلفة مهامها على مدى السنين، نشأت حكومات اقلية مع انسحاب احزاب من عضوية الائتلاف. هكذا حصل مثلا في حكومة رابين الاولى والثانية، في حكومة باراك وفي حكومة شارون الثانية.
ان اقامة حكومة اقلية بعد الانتخابات يخلق تحديات هامة، تمرير قانون الميزانية وتصويتات حجب الثقة، ولكن مثل هذه الحكومة ليست كلمة فظة. هذه امكانية عملية ومشروعة.
نقطة اخرى يجب التشديد عليها وتشكل تحديا لغانتس هي عملية الشيطنة التي اجريت لجماعات في المجتمع الاسرائيلي، العرب والاصوليين. فمعنى التقليل من شأن هذه الجماعات هو اضعاف الحجر الاساس للديمقراطية. لقد نشأ خطاب عليل وكلما ذكر أكثر اعتبر مشروعا. فجملة “لا اتفق مع أي كلمة من كلامك، ولكني مستعد لان اموت في سبيل حقك في أن تقولها”، والمنسوبة خطأ لفولتير، هي حجر اساس في كل نظام ديمقراطي. وان تحدي غانتس في هذه المسألة هو الاعلان عن أنه وفقا لحكم الناخب فان الجميع شرعيون، والرد بحدة على كل تعبير يخلق نزع شرعية عن قطاعات كاملة في دولة اسرائيل.
ان النقاط التي بحثت حتى الان لا تتعلق بعد بالمضامين وبالايديولوجيات التي ترغب تلك الحكومة المنتخبة في العمل عليها. في هذه النقطة مطلوب ابداع وجاهزية لتحطيم المسلمات وانماط الماضي. مثلا، يمكن بناء ائتلاف نحيف يوجد فيه توافق على عدد قليل من الخطوط الاساس. فالرغبة في خلق قاسم مشترك واسع يؤدي الى وضع “امسكت كثيرا فلم تمسك شيئا”، كون المحاولة لارضاء اكبر عدد ممكن من الشركاء في اكبر عدد ممكن من المواضيع تجعل اتخاذ القرارات صعبا. وخلق التوافقات اللحظية في المواضيع التي يوجد فيها اجماع بين الاحزاب التي تكون في الائتلاف واحزاب تمنح كتلة مانعة من المعارضة، مثل القائمة المشتركة، هو مثال على تحطيم مسلمات الماضي. مثال آخر هو اقامة حكومة بدون احزاب كانت لسنوات في الائتلاف، تمتعت بمناعم الحكم وحرصت اساسا على قطاعاتها. لهذه الاحزاب الحياة في صحراء المعارضة ستفعل الخير فقط وستمثل بالنسبة لها معنى الآنية في منصب منتخب الجمهور. ان التحدي الذي يقف امامه غانتس ليس بسيطا ولكنه ممكن. عليه فقط أن يطير عاليا كي يرى بعيدا.