معاريف– بقلم حاييم مسغاف – في هذا الفيلم سبق أن كنا
معاريف– بقلم حاييم مسغاف – 3/1/2021
“ المزيد من الاحزاب الجديدة تظهر ولم تنتهي العملية بعد. ولكن توجد مشكلة صغيرة واحدة هي أن ملايين المواطنين يريدون سياسة من نوع آخر“.
عربة مليئة بـ “الرؤوس” انطلقت على الدرب. ولكل واحد منها يوجد “حزب”. لا يوجد منتسبون مسجلون. كما لا توجد مؤسسات منتخبة. كل شيء سطحي. فمسجل الاحزاب لا يطالب بشيء. يدفعون الرسوم وينتقلون الى استديو التلفزيون. ليس كل “الاحزاب”، فتلك التي لم تسجل بعد قانونيا، اتفقت منذ الان على الاسم، ولكن هذا لم يعد يهم، على ما يبدو، من سبق أن نجح في ان يتموضع في العشرية الاولى للمرشحين في الكنيست في الحزب الذي نشأ لتوه.
يوجد اعلان عن اقامة حزب، و “الرأس” بات منذ الان يرغب في بدء المفاوضات على “ارتباطات” باحزاب مشابهة. لا توجد ترددات ايديولوجية. يكفي استطلاع مرض واحد كي يجعل الانتهازيين ممن لم يتكبدوا ابدا عناء الاستيضاح مع انفسهم ما هي مواقفهم في المواضيع التي لا تنطوي تحت كليشيه “فقط لا بيبي” – ليغازلوا “الراس”. ليس صعبا ملء الصفوف حين تقوم وسائل الاعلام باساس العمل من اجل المرشح العزيز على قلبها.
تمعنت بالخطابات الاولية لبعض من منشئي الاحزاب الجديدة، وعلى الفور شعرت بانني سبق أن كنت في هذا الفيلم. خطابات مشابهة سمعتها في الماضي. وهي تكاد تكون دوما قد اطلقت تقريبا الامر ذاته. مليئة بالكراهية، برأيي، وفارغة من المضمون الحقيقي. شاهدت مثلا رون خولدائي. رجل محبوب بشكل عام. يحب أن يعزف على الناي في المناسبات الاجتماعية. ومع أنه اشار الى ماضيه كتيار في سلاح الجو، فان ما أثر فيّ دوما لديه هو حقيقة أنه بخلاف بعض من رفاقه في الخدمة العسكرية، لم يتوجه الى المستوى التجاري. لم يتاجر بالسلاح ولم يؤسس شركات وهمية نزعت المال من الجمهور وبعد ذلك افلست. توجه الى التعليم، وهذا أعجبني.
ومع ذلك، لا يوجد اي احتمال أن اصوت له. فالشتائم التي اطلقها في خطابه الاول ضد بنيامين نتنياهو تستبعده، باحساسي، من أن يكون زعيما على المستوى الوطني. ليس هكذا يحظى الناس بثقة الجمهور الكبير الذي انتخب نتنياهو. الضغينة الشخصية بينة في كل جملة يطلقها. لم اسمع على لسانه حتى ولا كلمة واحدة ذات مغزى؛ بمعنى، لماذ يمكنه هو برأيه ان يكافح بشكل افضل مثلا وباء يضرب كل العالم بوحشية او كيف يعتزم ان يكافح ضد امكانية أن تصبح ايران نووية.
يبدو أن خولدائي يريد أن يكون رئيس وزراء. وهذا على ما يرام تماما. مثله يوجد كثيرون آخرون يريدون أن يكونوا كذلك، ولا يزال الدفتر مفتوحا. والتسجيل لم ينتهِ بعد.كلهم طيبون وكلهم جديرون. توجد فقط مشكلة صغيرة واحدة: ملايين المواطنين يريدون سياسة من نوع آخر. وبافضل ما اراه مناسبا يريدون كتلتين ايديولوجيتين؛ مثلما كان هنا ذات مرة الى هذا الحد او ذاك. مرشحان وحزبان وليس شظايا احزاب يتحكم بها اناس مغرورون تفيض ضفافها بهم. اناس يعانون بتقديري من هوس تنم عنه رائحة مجاري.
سمعت قبل بضعة ايام صحافيا يسعى لان يعرف ممن يقابلهم اذا كانت هناك اوجه شبه بين حركة “اربع امهات” التي دعت في حينه الى الانسحاب من جنوب لبنان وبين “الاعلام السود” الذين يريدون كما أرى، استئناف هيمنة “اسرائيل الشبعى”. وأثار مجرد السؤال نفورا لديّ. نتنياهو يسكن في منزل رئيس الوزراء بقوة الاجراء الديمقراطي. والمظاهرات ضده هي مظاهرات سياسية. ومسألة الانسحاب من جنوب لبنان كانت على صعيد آخر تماما إذ تجاوزت المعسكرات، والصحافي يعرف هذا. ولكن هذا لم يمنعه من أن ينشر كراهية مجانية قليلة اخرى؛ وهو الامر الذي يحرك حسب ما اخذته من الانطباع معظم “الرؤوس”. وهذا يسوء من يوم الى يوم.