ترجمات عبرية

معاريف– بقلم جاكي خوجي – وهل سيكون نور؟

معاريف– بقلم  جاكي خوجي – 19/2/2021

إن لم تعترف اسرائيل بذلك فان فعلها هذا وموقفها من القطاع يدلان على أنها اختارت حماس. مشروع الكهرباء الجديد يثبت انهم في اسرائيل سلموا بوجود حكم حماس بل ويرون فيه شريكا “.

يوم الاحد كشف المبعوث القطري الى قطاع غزة على نحو مفاجيء اتفاقا بين شركة ديلك للتنقيبات بملكية اسحق تشوفا، والحكومة القطرية وآخرين. وحسب التفاصيل المعروفة حتى الان، فان قطر والسلطة الفلسطينية ستشتريان بشكل مشترك لمحطة توليد الطاقة في غزة الغاز من حق لافيتان. وستمول قطر تمديد الانبوب في البحر في الجانب الاسرائيلي. اما الاتحاد الاوروبي فسيدفع لقاء تمديده من الجدار الحدودي وحتى محطة توليد الطاقة. وستنتج شركة الكهرباء في غزة الكهرباء من الغاز الذي يورد لها وتبيعه لمستهلكيها في القطاع.

توجد الصفقة في مراحل متقدمة، وقد تلقت الاذن من حكومة اسرائيل. مسؤولو ديلك ومندوبو حكومة قطر يتحدثون عن السعر، ولكن قريب اليوم الذي ينطلق فيه المشروع على الدرب. فليس التيار وحده سيضاعف بل والسعر سينخفض ايضا. تدفع قطر والسلطة الفلسطينية اليوم 22 مليون دولار على تفعيل محطة توليد الطاقة التي لا تنتج الا 180 ميغاواط. اما في عصر الغاز فستدفعان 15 مليون ومحطة توليد الطاقة ستنتج 400 ميغاواط. وسيضيء الغاز الاسرائيلي القطاع، ومشكلة الكهرباء فيها كفيلة بان تحل.  

اسرائيل لن تنفق دولارا واحدا من جيبها. العكس هو الصحيح فهي سترتزق من اموال ضرائب ديلك. وقبل أن تعطي الضوء الاخضر للصفقة، عقدت حكومة اسرائيل مداولات طويلة، تشاورت مع الجانب القطري ومع اصدقائها المصريين، وسألها الاتحاد الاوروبي وقالت نعم. بمفاهيم فرع الغاز فان الكميات طفيفة، ولكن القصة هنا هي سياسية في اساسها.

لا شك  ان 2.2 مليون نسمة في القطاع يستحقون العيش بكرامة. واسرائيل، كمن تسيطر عليهم في الجو، في البحر وفي البر، يتعين عليها أن تسمح بذلك. ولا سيما عندما لا يكون المستمتعون بذلك في معظمهم اعداءها بل مواطنين ابرياء. ورغم ذلك، فان الكهرباء هو بيضة الذهب التي سلمت لسلطة الكهرباء لحماس في غزة. فهي ستحل على الغاز من اسرائيل، ستنتج منه الكهرباء وتبيعها للمستهلكين. اما المداخيل فتأخذها الى صندوقها. هكذا سيكون ان يساعد الغاز الاسرائيلي حماس في انتاج المال. اسرائيل لن  تتمكن من الرقابة عليه ولن تعرف الى أين سيضخ.

في القدس يعرفون كل هذا ولكنهم يعيشون في شرك. اذا ما تركت اسرائيل غزة لمصيرها، وسمحت لها بان تغرق في فقرها، فمن شأنها أن تطور الكراهية والحروب. واذا ما ساعدتها على اعادة بناء نفسها، من خلال مشروع من هذا النوع مثلا، فانه ستنقذ حكم حماس.

وان لم تعترف اسرائيل بذلك فان فعلها هذا وموقفها من القطاع يدلان على أنها اختارت حماس. ليس  انطلاقا من المحبة، بل لانعدام البديل. فالايام التي فكرت فيها القيادة الامنية ومكتب رئيس الوزراء باسقاط حكم حماس انقضت. ينبغي أن تندلع حرب مضرجة بالدماء، مثل الجرف الصامد كي تصعد هذه الفكرة مرة اخرى الى جدول الاعمال. مشروع الكهرباء الجديد يثبت انهم في اسرائيل سلموا بوجود حكم حماس بل ويرون فيه شريكا.

كثيرة هي السيناريوهات التي طرحت في السنوات الاخيرة لتغيير حكم حماس. جلب السلطة الفلسطينية بالقوة، تتويج دحلان، اعادة احتلال القطاع. كل واحد منها  مثير للانفعال بحد ذاته، ولكنه غير واقعي. في حماس يرفضون تسليم سلاحهم طوعا، إذ بذلك ينهون حكمهم، مما يتطلب نزعه بالقوة. اسرائيل غير مستعدة لان تدفع بدماء ابنائها كي تغير حكما ضعيفا نسبيا، يوجد الان تحت سيطرتها، رغم أنه عدو. كما أنها لا تريد، وعلى اي حال لا تحتاج لان تعود لتحكم القطاع، فتجعل بذلك من جنودها هدفا مريحا لبقايا الفصائل المسلحة التي ستبقى فيه. ليس لدى دحلان كتائب. ولا للسلطة الفلسطينية ايضا. كل واحد منهما يدعي انه يريد ان يحل محل حماس، سيعلن خائنا جاء على حراب الجيش  الاسرائيلي.

في  القدس يعرفون كل هذا، واختاروا اقل الشرور سوءا. صحيح ان هذا عبث اذا ما  أثرى الذراع العسكري لحماس  بمداخيل  الغاز الاسرائيلي، ولكن في اسرائيل اخذوا هذا بالحسبان. فمع ان الغاز سيعزز قوة السنوار ورفاقه،  ولكنه يزيد ايضا تعلقهم باسرائيل.  ثمة في هذا اعتراف بفشل استخدام القوة، ولكن يوجد فيه ايضا اغراء استراتيجي. كلما  كانت حماس والسلطة بعيدتين ومتفرتين الواحدة عن الاخرى، سيسهل على اسرائيل التعاطي معهما بسياسة فرق تسد.

يحمرون خجلا

كثيرون هم كارهو صديقتنا اتحاد الامارات في هذا العالم، ولا سيما في اوساط جيراننا. يوجد فيهم فلسطينيون غاضبون من أنها ستتسكع مع اسرائيل بدلا من مكافحتها. يمنيون اكتووا بنار ذراعها الجوي في الغارات شبه العمياء ضد التحالف، قطريون يرون فيها جارا باردا ومتعاونا مع امريكا واسرائيل، وليبيون، تنبش هي في بلادهم. الكثير من كل هذا كسبته أبو ظبي باستقامة. في ذاك الجزء من العالم، يوجد الجميع في تهديد وجودي من عدو حقيقي او وهمي، واحساس البقاء يملي سياستهم بقدر كبير. امتشاق الاظفار، استباق الضربة بالعلاج او تحالفات مع آخرين هي في احيان قريبة وسائل دفاع، حتى وان بدت كهجومية. من نواحٍ عديدة، موازين القوى بين عواصم الخليج أبقت الواقع الذي كان هناك في العهود السابقة. حروب قبلية، ينتصر فيها القوي ويبحث الضعيف عن مأوى بكل سبيل.

على هذه الخلفية كان غريبا مشاهدة اكوام الهزء التي سقطت على اتحاد الامارات مع دخول عبّارتهم الى مدار كوكب المريخ. هذا انجاز عظيم على مستوى دولي. وضع ابو ظبي على خريطة التكنولوجيا العالمية. فهي  الدولة العربية الاولى التي وصلت الى هناك بهذه الطريقة، الخامسة في العالم. مصدر الهزء لدى كارهيها. فقد أبرزوا حقيقة أن العلماء المسؤولين عن المشروع هم اجانب، يابانيون في معظمهم. وهذا الهجوم عليهم يتكرر مرات عديدة. هدفه حرمان الامارات من اساسات الانجاز. الاظهار بانهم لم يخترعوا شيئا بل اشتروه ووضعوا عليه ختمهم. قوة عملهم هي الشراء، الغذاء، والان احتلت المريخ. هكذا ايضا المفاعل النووي الذي اقاموه لانتاج الكهرباء. فقط اشتري العلم من علماء كوريا الجنوبية والولايات المتحدة.  

النكتة هي على من ضحك.  هو الذي ينبغي له ان يحمر خجلا. صحيح أن اتحاد الامارات استثمرت المليارات في العبّارة وعزتها لنفسها ولكن هذه مجرد البداية. في هذه الاثناء اظهرت لسكانها بان كل شيء ممكن، وان التعليم نهايته النجاح وان مستقبل البشرية في العلم. اولاد اليوم الذين شاهدوا العبّارة بعيون لامعة سيذهبون  الى افضل الجامعات في العالم، وسيعودون الى وطنهم، وسيكونون علماء الغد. هكذا توضع الاساسات للتميز. في اسرائيل ايضا، التي حتى وصلت بقواها الذاتية الى جبهة التكنولوجيا العالمية، ربت اجيالا  في حضن   المفاعل النووي في ديمونا، الذي كان على الاطلاق من انتاج فرنسي. السباق الى القمة لا يتلخص في  يوم واحد. دوما سيقف هناك هازئون على قارعة الطريق،  ولكنهم في الغالب سيبقون ايضا  في الوراء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى