ترجمات عبرية

معاريف– بقلم تل ليف رام – حتى الجولة التالية

معاريف– بقلم  تل ليف رام – 4/6/2021

في جهاز الامن يعتقدون ان سيناريو جولة اخرى قريبة اكثر احتمالا من التسوية. وعلى نتنياهو الا ينسى بانه في علاقات الاخذ والعطاء مع الولايات المتحدة، اسرائيل هي الجانب الذي يأخذ  “.

مر اسبوعان منذ انتهت حملة حارس الاسوار وفي اسرائيل يحاولون، الى جانب مصر، بناء آلية انهاء تختلف عن الحملات السابقة في الماضي. المستوى الذي تضعه اسرائيل هذه المرة اعلى، ومن هنا ايضا الصعوبة في الوصول الى توافقات والتقدم في المفاوضات مع حماس لوقف نار مستقر. عمليا، حتى هذه المرحلة، التوافق الوحيد هو ذاك الذي تحقق مع نهاية الحملة، والذي معناه توقف للنار وليس اكثر.في مثل هذا الوقع، في جهاز الامن ايضا يعتقدون بان تصعيدا آخر في قطاع غزة هو سيناريو معقول أكثر من التسوية والاتفاق مع حماس في مسألة الاسرى والمفقودين.

نذكر أنه بعد الحملة، صرحت القيادة السياسية الامنية بان اسرائيل ستغير ثلاثة مباديء متصدرة حيال غزة.

الاولى هو ان اعمار غزة وفتح المعابر بشكل كامل لن يتم الا بعد ان تعيد حماس جثماني الجنديين الملازم هدار غولدن والعريف أول اورون شاؤول الراحلين، وتطلق سراح المواطنين الاسرائيليين ابرا منغيستو وهشام السيد.

الثاني هو ان أموال المساعدة لاعمار قطاع غزة، بما في ذلك المال القطري، ستمر عبر السلطة الفلسطينية وليس بشكل مباشر لحماس في غزة، وذلك تحت هيئة رقابة دولية تتأكد من أن المال يصل الى عناوينه الاصلية وليس لتمويل انفاق الارهاب لحماس.

الثالث هو التغيير من الاساس لمعادلة الرد على استمرار الارهاب ونار الصواريخ من قطاع غزة، في ظل جباية ثمن أعلى بكثير من حماس على كل اطلاق لصاروخ.

في جهاز الامن يعتقدون بان نتائج الحملة الاخيرة ستعمق ردع الجيش الاسرائيلي على مدى الزمن وان حاجة حماس لاعمار غزة تزيد الاحتمال للوصول هذه المرة الى اتفاق في موضوع الاسرى والمفقودين.

باستثناء انه لهذه الفرضيات توجد نقطة ضعف مركزية واحدة، حيث ان لزعيم حماس يحيى السنوار  توجد في هذه اللحظة خطط اخرى له، وهو مصمم بكل حال على أن يقدم عرض نصر على اسرائيل في المواجهة الاخيرة.

هذه بالضبط المشكلة مع الحملات التي تستهدف تحقيق الردع تجاه عدو طريقة تفكيره مختلفة تماما عن فكر ومعتقد المجتمع الغربي الديمقراطي. فموازين القوى مع حماس واضحة لكل الاطراف وكذا ايضا من تضرر وفقد ذخائر اكثر في الجولة القتالية الاخيرة، ولكن هذا ليس الاختبار الوحيد. فعندما يدور الحديث عن منظمة ارهاب مثل حماس، ذات فكر متطرف وديني، فهي قادرة المرة تلو الاخرى على أن تتخذ قرارا غير عقلاني ظاهرا في عيون غربية، وعمليا ان تعلن الحرب على اسرائيل، رغم أن موازين القوى بين الطرفين، كما اسلفنا، واضحة لكل الاطراف.

من ناحية حماس تقاس الانجازات بمقاييس مختلفة تماما، بل ان السنوار سار عدة خطوات اخرى الى الامام،  كالمعتاد على حساب السكان في غزة. حماس لم  تكن في ضائقة استثنائية واختارت بشكل واعٍ أن تتخذ الخط القتالي في اعقاب الاحداث في القدس وفي الحرم.

بعد الانتخابات لقيادة حماس في غزة والتي فاز فيها السنوار بالكاد، قدرت الاستخبارات عندنا بالخطأ بان الضوء الاصفر المتذبذب والتعبير عن عدم الثقة من جانب مصوتي حماس في غزة  لزعامته سيفسره السنوار كاشارة واضحة على أنه ملزم بان يحقق انجازات ويحسن الوضع الاقتصادي ورفاهية السكان في غزة. اما عمليا، فقد فسر السنوار الرسالة بشكل مختلف تماما، شدد مواقفه وخرج الى كفاح مسلح بصفته من يتصدر الخط الصقري تجاه اسرائيل. في استخباراتنا تخلفوا جدا في قراءة المؤشرات الاولية.

الفجوة بين الاقوال والافعال

قبيل خروج الوفد الاسرائيلي الى القاهرة الاسبوع القادم، والذي يترافق وتقارير عديدة، فمن ناحية بعض المحافل في المنظومة الاسرائيلية ايضا  وكأنه زادت ظاهرا الاحتمالات لصفقة في مسألة الاسرى والمفقودين، صبت المحافل المطلعة على التفاصيل ماء باردا وربما حتى متجمدا إذ قالت: “توجد اقوال، تسريبات مقصودة ووفود مختلفة، ولكن صحيح حتى هذه المرحلة لا يوجد اي تقدم جوهري. فالفجوات بقيت واسعة واحتمالات التقدم بقيت متدنية جدا”.

تدعي هذه المحافل  بان السنوار يتعامل بابتزاز وهو ينثر اقوالا بلا رصيد عملي عن استعداداه للتقدم بصفقة اسرى ومفقودين تجاه الوسيط المصري ايضا. اما اسرائيل فقد صلبت مواقفها مقارنة بجولات التصعيد السابقة ولكن بعد سنوات عديدة من الفجوة الكبيرة بين الاقوال والافعال على الارض، فان هذه المواقف لن تختبر الا في اختبار الفعل.

اسرائيل مصممة ظاهرا على أن تغلق، كشرط مسبق للتسوية في غزة، فصل الاسرى والمفقودين الذي فتح في حملة الجرف الصامد قبل نحو سبع سنوات.  من يتوقع نتائج سريعة سيخيب ظنه، إذ انه في الطريق الى الاتفاق والتسوية من غير المستبعد أن تنشأ جولات تصعيد اخرى في غزة منذ الفترة القريبة القادمة. في هذه اللحظة في جهاز الامن ايضا يعتقدون بان هذه هي امكانية معقولة اكثر. في الجولة الاخيرة كان للجيش الاسرائيلي انجازات افضل في تفعيل النار وفي الربط مع استخبارات نوعية ترجمت الى اصابة افضل بقدرات حماس مما في حملات سابقة. ولكن في نهاية المطاف لا تزال هذه حملة محدودة في حجمها، وينبغي الحذر من تسويقها كحملة تؤدي الى تغيير كبير في صورة الوضع تجاه غزة بشكل فوري. على مدى 16 سنة بني هنا مسار أعوج سيكون من الصعب جعله مستقيما، حيث ان المقصود هو الفجوة بين الاقوال والافعال، انعدام الرد العسكري الحاد على كل صاروخ وانعدام اخذ المبادرة السياسية. وبالتالي يحتمل أن يؤدي عناد حماس الى جولات تصعيد اخرى الى ان يوجد الطريق الصحيح او القرار في التوجه الى معركة اوسع مما في المرة الاخيرة.

اختبار الحكومة التالية لن يكون في الرد على بالون حرق وحيد بل في المواظبة على مدى الزمن على سياسة واضحة لا تكون فيها الفجوة بين الاقوال والافعال دراماتيكية مثلما كانت في السنوات الاخيرة.

حديث قادة الالوية

نشر هذا الاسبوع في “معاريف” عن لقاء رئيس الاركان أفيف كوخافي مع سبعة قادة الالوية النظامية الذين عملوا في جبهة فرقة غزة في اثناء الحملة. ويقال في صالح رئيس الاركان انه يعرف كيف يكون يقظا ومنصتا للنقد الذي يأتي من المستويات الميدانية – وقد كان لقادة الالوية غير قليل مما يقولونه، ينتقدونه ويسألونه حول طريقة استخدام في الحملة، واكثر من ذلك – ما الذي ينتظره منهم الجيش عمليا في المستقبل القريب، وما هي مكانة المناورة البرية  في قتال كثير التكنولوجيا، وتفعيل نار دقيقة وتفوق استخباري، في اطاره لسلاح الجو يوجد تفوق واضح مقارنة بالقوات البرية.

من جهة، الجيش معني بان يخرج الى حيز التنفيذ في  السنوات القادمة خططا ذات مغزى لتعزيز دراماتيكي للجيش البري، وان تضاف اليه عناصر متطورة من الحداثة وتكنولوجيا متطورة للنار والاستخبارات. ويفترض بهذه الخطط ان تحسن بشكل واضح قدرة القوات في  الميدان على تشخيص العدو الخفي، كشفه وقتله تحت عنوان “الفتك الذي  وضعه رئيس  الاركان كهدف هام.  من جهة اخرى، الى جانب تعزيز ما لالوية رأس الحربة للجيش الاسرائيلي بالوسائل والمقدرات في السنوات الاخيرة، فان المسافة عن الرؤيا واسعة جدا، وستكون صعبة جدا على التحقق في السنوات القادمة في  الضائقة المالية التي توجد فيها دولة اسرائيل.

بعض من القادة الميدانيين، قادة الكتائب والنظاميين وقادة الالوية اعتقدوا انه في اثناء القتال سيكون ممكنا تفعيل المنظومة البرية بشكل اكثر نجاعة. بعض من النقد وجه الى الشكل الذي نفذت فيه خطة الخداع العسكرية  في مرحلة مبكرة للهجوم الاول لسلاح الجو  على الانفاق الدفاعية لحماس في شمال القطاع. وحسب هذا النقد كان يمكن للجيش الاسرائيلي أن ينفذ الخطة وان يدخل القوات بضع مئات الامتار في اراضي القطاع ولعله بذلك كان سيعطي احتمالا افضل لخطة الخداع في أن تتحقق ويدفع نشطاء حماس لان يدخلوا الى داخل الانفاق.  

في الجيش الاسرائيلي ارادوا ان يصلوا في حارس الاسوار الى عدد قتلى اعلى جدا لحماس مما في حملات سابقة، الامر الذي لم يحصل عمليا. وبالتالي فمع أنه يمكن الجدال وخوض البحث في مسألة هل عدد قتلى أعلى للعدو هو مقياس للنجاح، الا انه يجب أن نتذكر بان  الجيش هو الذي حدد، تحت بند الفتك، هذا الهدف في المركز.

ولكن فضلا عن ذلك، يبدو ان الجيش، حتى بعد الحملة، يحتاج لان يجري تنسيقا للتوقعات مع قادته الميدانيين، الذين استعدوا في السنتين الاخيرتين لان يتم استخدامهم في كل سيناريو لحملة هامة في غزة تقريبا حتى وان كان بشكل محدود. يمكن ان نقبل قول رئيس الاركان في الحديث مع قادة الالوية ان هذه الحملة لم تكن الوقت لمناورة برية في القطاع ولا لاجتياحات موضعية ايضا، ولكن الجيش سيكون مطالبا بان يتصدى للخطاب المتعاظم في اوساط المنظومة القتالية التي لا يتم تفعيلها بسبب الخوف من الاصابات.

فوارق في النهج

لرئيس الولايات المتحدة وادارته  الديمقراطية قد  تكون مشاكل في الداخل في كل ما يتعلق بالمعاملة المفضلة التي تعطى لاسرائيل،  ولكن صحيح حتى الان لا تزال هذه الظاهرة هامشية، فادارة جو بايدن عاطفة على اسرائيل وتفهم جيدا مصالحنا الامنية.  ولكن المسائل التي تقلق اسرائيل، من حماس وحتى حزب الله وايران لا  تراها هذه الادارة في مركز سياستها الخارجية. الصراع الحقيقي للامريكيين  يتطلع  لسنوات الى الامام وهذا    على الاقتصاد، القوة والهيمنة العالمية حيال الصين.

ان اندلاع العنف والحروب في الشرق الاوسط لا يخدم بالتأكيد الادارة الجديدة ويخلق ضجيج خلفية يزعج بايدن عنده في الداخل ايضا. وبشكل غير مفاجيء عملت الادارة الامريكية على وقف الحملة في غزة بالسرعة الممكنة بينما بالتوازي ستجدد لاسرائيل مخزون صواريخ الاعتراض للقبة الحديدية. في كل ما يتعلق بالعودة الى الاتفاق النووي في اسرائيل مقتنعون بان استئنافه هو مسألة وقت فقط. وفي هذه المسألة انكشفت هذا الاسبوع وليس صدفة فوارق المناهج بين وزير الدفاع والغالبية الساحقة من جهاز الامن وبين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي اوضح بان “علينا أن نفعل كل شيء كي لا تتسلح ايران نوويا، حتى بثمن الاحتكاك مع الولايات المتحدة”. اما وزير الدفاع وقيادة الجيش فيعتقدون بالمقابل بان الخلافات مع الادارة الامريكية يجب ادارتها بسرية في الغرف المغلقة ويجب العمل للتأثير من الداخل على بنود هامة  في البرنامج النووي.

يفهم رئيس الوزراء جيدا صورة الوضع ويعرف أنه صحيح حتى اليوم ليس لدى اسرائيل  قدرة مصداقة ومثبتة للعمل وحدها في ايران وضمان المس بمنشآتها النووية. في سنوات الاتفاق حول الجيش الاسرائيلي من مقدراته التي وظفت في العملية في ايران لاهداف اخرى، حيث أن القدرة التي نسبت لسلاح  الجو في  الماضي  ايضا تضمنت مسا جزئيا فقط بالمشروع وتأخيره لفترة زمنية، ولكن ليس لتدميره.

ان رفع النبرة الحادة من جانب نتنياهو هذا الاسبوع – أكثر  من نية كرسالة حادة للولايات المتحدة، جاء لاهداف سياسية داخلية في رسالة تفيد بان نتنياهو فقط يمكنه أن  يواجه الادارة الامريكية، بالضبط مثلما كانت الرسالة المعاكسة في الماضي بان نتنياهو فقط يمكنه أن يعمل مع ترامب. دولة اسرائيل هي دولة قوية، ذات قوة عسكرية واقتصادية وذات قدرات جيدة للدفاع عن نفسها. ولكن يجدر بالذكر ايضا بان اسرائيل ليست قوة عظمى وليست هي بغضبها ستغلق للولايات المتحدة اموال المساعدة العسكرية تمنع عنها سلاح متقدم للطائرات وتوقف لها اسنادا هاما في  قرارات دولية معادية.

هذا هو جوهر الحلف بين اسرائيل والولايات المتحدة. في علاقات الاخذ والعطاء اسرائيل هي التي تأخذ وليس العكس. اسرائيل لن تهاجم ايران وحدها دون موافقة، مساعدة استخبارية بل وتعاون عسكري مع الولايات المتحدة. نتنياهو يعرف هذا جيدا، إذ انه في الخط الكدي تجاه الادارة الامريكية من شأنه فقط أن يمس بالمصالح الاسرائيلية. اذا فعل نتنياهو هذا من المعارضة، فهو عديم المعنى تماما،  ولكن اذا ما بقي في نهاية المطاف رئيس الوزراء – فهذه تكون قصة اخرى تماما.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى