ترجمات عبرية

معاريف – بقلم بن كسبيت – عاصفة كاملة الاوصاف

معاريف – بقلم  بن كسبيت  – 26/3/2020

نتنياهو يخيفنا بمصيبة لان له اجندات خفية أساسها التملص من المسؤولية والبقاء في الحكم “.

نحن في عاصفة كاملة الاوصاف. لو أن احدا ما كتب سيناريو هذه الايام الرهيبة، لركلوه الى قسم علم  الخيال.

تدار دولة اسرائيل بدون حكومة منتخبة، بدون مفتش عام للشرطة، بدون مدير عام وزارة العدل، بدون مأمور لمصلحة السجون، بدون نائب عام للدولة، بدون رئيس وزراء منتخب، بدون رئيس كنيست، بدون ميزانية للدولة، بدون سلطة طوارىء وطنية، بدون كمامات، بدون عتاد للوقاية. بدون اجهزة تنفس (كافية)، بدون سلطة قانون، بدون أطقم فحص، بدون منظومة اعلام وطنية.

ماذا يوجد؟ يوجد كورونا، يوجد خصام حظوة غبي بين رئيس الوزراء ووزير الدفاع، توجد دعوة من وزراء كبار لعدم الانصياع لاوامر محكمة العدل العليا، يوجد رئيسكنيست يستخف باوامر المحكمة العليا، توجد فوضى سلطوية غير مسبوقة، بطالة لمئات الالاف، اغلاق شبه تام للشوارع والمدن وخطابين للامة في ذات المساء: واحد لرئيس الدولة، والثاني لرئيس الوزراء (غير المنتخب).

تحدث بنيامين نتنياهو أمس بتعابير توراتية. لو علق رجل فضاء في عالمنا للحظة لكان على قناعة باننا في العام 1347 حين اندلع الوباء الاسود (“الموت الاسود”)، الذي قتل بين الثلث و60 في المئة  من سكان اوروبا وبضع عشرات الملايين من الصينيين. تذكير: في هذه اللحظة يوجد في اسرائيل 5 موتى. كلهم كبار في السن جدا مع أمراض خلفية. في هذه اللحظة يوجد في اسرائيل 39 مريض خطير. المعطى المؤكد الوحيد في داخل فوضى الكورونا هو المرضى الخطيرين. كلهم معروفون ونزلاء المستشفيات.

وبالفعل، هاكم معطى مذهل: عدد المرضى الخطيرين في اسرائيل هو، بشكل دائم، نحو 1 – 2 في المئة من عدد المرضى المعروفين. والان، شيء آخر: عدد المرضى الحقيقيين الذين يتجولون في اسرائيل اكبر بعدة اضعاف من المرضى الذين شخصوا. وحسب البروفيسور ايتمار غروتو، يدور الحديث عن 50 الف مريض. وحسب خبراء آخرين يدور الحديث عن نحو 100 الف مريض. وحسب مجموعات المحللين الاسرائيليين الذين يجلسون على كل المعلومات التي تراكمت من كل ارجاء العالم، يدور الحديث عن اكثر من هذا بكثر. شيء ما بين 300 و 400 الف اسرائيلي يتجولون مع هذا الفيروس. معظمهم لا يعرفون عن ذلك  على الاطلاق. هذا يؤدي في نهاية المطاف الى الاستنتاج بان نسبة الوفيات الحقيقية من الكورونا ادنى بكثير من نبوءات الغضب التي يقدمها نتنياهو. لن يكون هنا 10 الاف ميت. لست متأكدا من أن نبوءة البروفيسور مايكل لويت ستتحقق (فقد تحدث عن 10 موتى) ولكني متأكد من أن التخويف بالاف الموتى لن يتحقق.

وبالتالي لماذا يخيفنا نتنياهو؟ يحتمل أن يكون هو نفسه خائف. لدى نتنياهو ميل للدخول في حالة فزع. وهذا الميل معروف لكل معارفه، مقربيه ومستشاريه. بشكل عام هذا جميل. من الافضل ان نكون مستعدين من الا نكون مستعدين. حتى لو لم تأتي الكارثة في النهاية. هذه المرة، يحتمل أن تكون لديه بضعة اجندات خفية اخرى: اولا، بناء الرواية. اذا كان يتحدث عن 10 الاف ميت وفي النهاية يموت 150 “فقط” فانه سيخرج ساحرا. ثانيا، المصلحة الشخصية. تحت غطاء الكورونا، يواصل حث أزرق أبيض على قبول زعامته في حكومة وحدة. عندما يحترق كل شيء، فماذا يهم رشوى – مشوى؟ ادخلوا الى الحكومة ولننقذ شعب اسرائيل. واذا لا، فاني سأتمكن دوما من أن القي عليكم الملف بعد ذلك.

يوجد شيء ما آخر. مع ان الوباء هو على ما يبدو أقل فظاعة بكثير مما يروون لكم (ولا تزال حاجة للاستعداد وحاجة لتنفيذ كل التعليمات نصا وروحا)، فان مشكلة نتنياهو تكمن في وضع الجهاز الصحي الاسرائيلي: حتى ظهور معقول للوباء من شأنه ان يخلق وضعا لا يكون فيه ما يكفي من اجهزة التنفس. الجهاز منه، جائع، جاف ومتوتر حتى اقصى حدود القدرة. عدد الممرضات للمريض، عدد الاسرة للمواطن، كمية القوى البشرية والاهمال عديد السنين اعطت مؤشراتها. من الافضل الامتناع عن هذه الصور لاحقا. وبالتالي يبث نتنياهو حدثا توراتيا، يخيف شعب اسرائيل كخطر كارثة ثانية ويفعل كل هذا لانه يستطيع، لانه يعرف ولانه لا يوجد ما يمكن ان يخسره.

في كل خطابه أمس لم يكلف نتنياهو نفسه عناء التطرق الى الازمة الدستورية غير المسبوقة التي قاد اسرائيل اليها. فرفض رئيس الكنيست الانصياع الى قرار محكمة العدل العليا مر عن اذنه، كذبابة مزعجة. في الماضي حرص نتنياهو على أن يقول الامر المفهوم من تلقاء ذاته في كل مرة حاول فيها احد ما من عصبته المس بسلطة القانون او بالقاعدة الاساسية للانصياع لقرارات المحكمة. هكذا فعل في 2015، هكذا فعل حتى في 2019، في تغريدة قصيرة جاء فيها “كل واحد يجب أن يطيع قرارات المحكمة”. في 2020 يتجاهل الحدث وكأنه لم يحصل ابدا. وكأن ادلشتاين لم يحاول ان يغلق بوابات المجلس التشريعي الاسرائيلي في وجه منتخبي الجمهور. وكأن ادلشتاين لم يرفض الاستجابة لطلب 61 نائبا لانتخاب رئيس كنيست جديد (كما هو دارج بعد الانتخابات). وكأن ادلشتاين لم يحتقر المحكمة العليا وكأن وزراء كبار آخريون لم يحثوه علنا على عمل ذلك. ليس فقط انهم لم يخجلوا بل  تباهوا. حقيقة أن الفعل الذي لا يعقل هذا يفترض أن يدفع ادلشتاين الى الامام في الصراع على خلافة نتنياهو هي ارث نتنياهو. خير فعل نتنياهو إذ لم يتطرق  لهذا امس. ولكن لا حاجة له  لان يقلق.  إرثه سيطارده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى