ترجمات عبرية

معاريف– بقلم  اوريت لفي نسيئيل – اعلام مجند

معاريف– بقلم  اوريت لفي نسيئيل – 20/5/2021

“لا يوجد تماثل بين الدولة وبين منظمة ارهابية، ووسائل الاعلام الاسرائيلية ليست من الامم المتحدة، ورغم ذلك فان عليها أن توفر معلومات مصداقة وشاملة بقدر الامكان كي يحصل مستهلكو الاعلام على صورة واسعة وعاقلة عما يجري وليس فقط “صورة نصر” .

من يشاهد ويستمع لوسائل الاعلام الاسرائيلية يحصل على فكرة هزيلة عما يجري في غزة. فالصحافيون يتغذون اساسا من الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي، من جهاز الامن ومن محافل حكم اسرائيلية. وبما يتناسب مع ذلك، فان الصور التي تبث من غزة هي في الغالب صور بعيدة لعواميد الدخان، صور لقصف اهداف تلتقطتها اجهزة تصوير متطورة على الطائرات الحربية لسلاح الجو، او مشاهد مخيفة للدمار لمبان منهارة في داخل نفسها واعتراضات منظومة القبة الحديدية تلمع في الليالي في سماء غزة – اسرائيل. 

في التقارير الاسرائيلية يوجد القليل جدا من الصور القريبة واصوات الناس من الميدان. لا مجال للحديث – هذه هي الحرب الاكثر نقاء التي رأيناها حتى اليوم. موضعية فائقة تكاد تكون بلا قطرة دم ودمع. 

على نحو ثابت تمتلىء الاستديوهات ومواقع البث بالمحللين المتحمسين. فالصحافة الاسرائيلية في معظمها مجندة طوعا وتثرثر بالرواية الاسرائيلية. ناهيك عن المحللين الذين يشجعون الجيش الاسرائيلي على مواصلة الهجوم وعدم التوقف قبل ان تتحقق اهداف الحملة كما رسموها اهم انفسهم. في هذه الظروف من الصعب ان نشاهد بثا متوازنا. من الطبيعي البث من زاوية نظر اسرائيلية ذاتية، ولكن التجاهل الفظ لما يجري في الطرف الاخر يقوض مهنة الصحافة. 

وسائل الاعلام، على لسان الناطق العسكري، تبلغ عن تصفيات لقادة ومقاتلين من حماس (صغار بشكل عام) وبقدر اقل تعنى بالمدنيين الذين قتلوا، بمن فيهم عشرات الاطفال. ناهيك عن الجرحى وعن عشرات الالاف الذين تبقوا بلا مأوى. قصتهم لا احد يقصها. وباللغة العسكرية التي تبناها العديد من الصحافيين، فان مواطني غزة “غير المشاركين” ممن اصيبوا بقصف سلاح الجو هم بالاجمال “ضرر جانبي”. ان الاختيار لهذه التعابير المغسولة يحرر وسائل الاعلام الاسرائيلية من الانشغال بخراب غزة ومصيبة نحو مليوني نسمة يعيشون فيها بفقر مدقع تحت نظام ارهابي عنيف لا يعتد بهم ويستخدمهم لاغراضه. اسرائيل غير مذنبة في ذلك ولكن يوجد لها دور في المأساة الانسانية التي تجري خلف الجدار. حتى لو لم تكن هذه الحرب ضرورة لا غنى عنها، محظور ان نتجاهل الثمن الذي تجبيه القذائف الذكية لسلاح الجو وصدمة مواطني العدو. فليس للطفل في غزة غرفة امنية، ليس له ملجأ، ليس له خدمة نفسية يمكنه أن يستعين بها لتبديد التوترات. لا يمكنه ان يذهب الى اي مكان حتى لو راق له الا يبقى. 

من المبالغ به أن نفكر في أن يبث الصحافي الاسرائيلي من غزة، ولكن كان من الصواب على وسائل الاعلام الاسرائيلية ان تتعاون مع صحافيين اجانب او فلسطينيين يبثون من هناك، مثلما فعلت في الماضي. هذا لم يحصل هذه  المرة وعلى هذه الخلفية لا غرو ان اسقاط برج الاعلام في غزة استقبل هنا بهزة كتف. ما الذي كسبته اسرائيل من تدميره؟ الجيش الاسرائيلي يقول ان البرج استخدمته حماس لجمع المعلومات، لانتاج السلاح وتخزين العتاد الرامي الى تشويش عمل الجيش. يحتمل. ولكن مؤكد ان تدمير وسائل بث مركزية لا يخدم اسرائيل في المعركة على الوعي الدولي. 

لا يوجد تماثل بين الدولة وبين منظمة ارهابية، ووسائل الاعلام الاسرائيلية ليست من الامم المتحدة، ورغم ذلك فان عليها أن توفر معلومات مصداقة وشاملة بقدر الامكان كي يحصل مستهلكو الاعلام على صورة واسعة وعاقلة عما يجري وليس فقط “صورة نصر”: مطلوب معلومات عن مدى تعاون الغزيين مع حماس. حجم البنى التحتية التي بنوها لاقامة منظوماتهم الصاروخية. المال الذي استثمروه في بناء “المترو” والمدينة التحتية لغزة (برعاية حكومة اسرائيل التي سمحت للمال القطري بدخول غزة)، على حساب بنى تحتية مدنية من تحت انف اسرائيل. بقدر ما كانت المعلومات،  ليس واضحا لماذا سمحت القيادة السياسية لحماس بتعاظم القوى، لماذا لم تتخذ اجراءات مثلما حصل (حسب مصادر اجنبية) ضد تموضع ايران في سوريا، بدلا من تحصين انفسنا حتى الجنون. 

فضلا عن ذلك وعلى فرض أن هذه المرة ايضا اضرت اسرائيل بقدرات حماس ولكنها لم تصفي دوافعها، فهل تدمير البنى التحتية وتحويل عشرات الاف الفلسطينيين الى لاجئين سيجدي نفقا ويعلمهم درسا؟ كيف نستخلص الاستنتاج او الفهم دون أن نسمع الفلسطينيين. هذه ليست مطالبة بتماثل زائف بل حاجة واجبة من اجل قراءة الواقع على نحو صحيح. بهذا المفهوم فان وسائل الاعلام الاسرائيلية ستوفر لنا صورة حرب ناقصة. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى