ترجمات عبرية

معاريف – بقلم اهود اولمرت ، رئيس الوزراء السابق – لماذا التقيت ابو مازن

معاريف – بقلم  اهود اولمرت ، رئيس الوزراء السابق –  14/2/2020

” من أجل الوصول الى سلام يجب الحديث مع قيادة وممثلي الطرف الاخر. وان كانت خطة ترامب ليست مبنية على اساسات متوازنة هي ضرورية لخلق البنية السليمة التي تؤدي الى مفاوضات ناجحة الا ان فيها عدة اساسات كفيلة بان تؤدي الى اتفاق تاريخي، ولا سيما الحاجة الى اقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها شرقي القدس “.

سألني الكثيرون الاسبوع الماضي لماذا رأيت من الصواب أن التقي في اثناء زيارتي الى الولايات المتحدة برئيس السلطة الفلسطينية ابو مازن  الذي عرض موقفه الرسمي من صفقة القرن للرئيس ترامب.  ينبغي الاعتراف بانه حتى الايام الاخيرة، كان الانطباع الذي قد ينشأ لدى الجمهور الاسرائيلي، مثلما لدى الاسرة الدولية ايضا، هو ان خطة ترامب هي موضوع بين اسرائيل والولايات المتحدة فقط. الحدث في البيت الابيض، الذي لعب فيه دور النجم الرئيس الامريكي ورئيس حكومة تصريف الاعمال بنيامين نتنياهو كان احتفالا لامعا شاركت فيه دولتان فقط. اسرائيل والولايات المتحدة ترتبطان بحلف من الصداقة والالتزام المتبادل ليس له موازٍ في العالم. لا شك أن دونالد ترامب يبدي التزاما عميقا بتعزيز قوة اسرائيل وامنها، وفقا لفهمه لاحتياجاتها ولخريطة مصالحها. حتى هنا الصورة بسيطة، واضحة ومشجعة، ويمكن ان نفهم الحماسة التي ألمت بالكثيرين في ضوء هذه المظاهرة المؤثرة جدا للصداقة من جانب زعيم القوة العظمى، التي يتعلق امن اسرائيل، استقرارها السياسي والاقتصادي جدا بها. كل هذا صحيح، ولكن بعد ان تبددت الحماسة الاولى لا يزال يتبقى لغز غير قابل للتفسير: كيف تنخرط مسيرة السلام بيننا وبين الفلسطينيين في هذه الحملة الحماسية وهل المفاوضات لتنفيذ افكار ترامب توجد على الاطلاق على جدول اعمال اسرائيل؟ هل يعتقد احد ما بجدية بانه يمكن صنع السلام او على الاقل البدء بالجهد لاجراء مفاوضات مع الشريك الذي ينبغي معه الوصول الى اتفاق، دون الحديث مع زعمائه وممثليه؟

يتبين أنه يوجد شخص واحد على الاقل يعتقد بان هذه حيلة ممكنة. هذا الرجل هو رئيس حكومة تصريف الاعمال، الذي من المتوقع أن ينهي مهام منصبه بعد بضعة اسابيع. نتنياهو لم يقصد حقا تبني خطة السلام لترامب. اعتقد ان بوسعه أن يجعل منها مناورة اخرى من تلك المناورات التي يتميز بها: لماذا يعقد السلام مع الفلسطينيين اذا كان ممكنا ضم غور الاردن من طرف واحد، وبسط القانون الاسرائيلي على كل المستوطنات والبلدات التي بنيت في مناطق يهودا والسامرة، واحاطة المناطق الاخرى التي تتبقى ظاهرا بسيطرة السلطة بتواجد عسكري مكثف للجيش الاسرائيلي وقوات الامن – والاعتقاد بان هذا سيؤدي الى وقف الارهاب، الى الهدوء، الى التسليم، الى المصالحة بل وحتى الى اختفاء المشكلة الفلسطينية عن جدول اعمال حياتنا؟

ولكن يتبين ان حتى الادارة الامريكية التي تشعر بالتزام عميق جدا تجاه اسرائيل غير مستعدة لان  تنجرف وراء احابيل نتنياهو.

***

ان امل نتنياهو والعصابة التي ترافقه وتكرر تحريضاته وتبجحاته– بان الرئيس سيوافق على تحطيم الخطة التي عرضها وشطب صفقة القرن من جدول الاعمال ويستقبل خطوات احادية الحانب للضم والتي من شأنها ان تشعل نار العنف والارهاب وتقوض السلام الهش بيننا وبين  الاردن وربما ايضا مصر – كان  مبكرا جدا. يتبين أن ترامب لا يعمل عند نتنياهو. لا شك انه ملتزم باسرائيل، وان مساعديه يحبون اسرائيل ويريدون أن يضمنوا مستقبلها الامني، السياسي والاقتصادي – ولكنهم غير مستعدين لان يتخذوا صورة الدمى لرئيس حكومة تصريف أعمال في طريقه الى انهاء ولايته.

يتبين أن القسم الاخر من صفقة القرن، الهدف الذي تكبد الرئيس عناء عرضه في ذاك المؤتمر الصحفي اللامع في البيت الابيض – دولتين للشعبين – لم يكن شعارا فارغا، بل هدف ضروري لما تعتقد الولايات المتحدة بانه الاساس الثابت لبلورة الصفقة. غير أن هذا ما ليس نتنياهو مستعدا له. فهو لا يقصد حقا الوصول الى تسوية في نهايتها تقام دولة فلسطينية عاصمتها شرقي القدس، كما يظهر بشكل لا لبس فيه من الخطة التي وضعها ترامب على طاولة المفاوضات المستقبلية.

لا يمكنني أن اشكو من نفتاليبينيت، رافي بيرتس وبتسلئيلسموتريتش. فهم حتى لا يحاولون التظاهر بانهم معنيون بالتسوية مع الفلسطينيين، أو انهم مستعدون لاي تنازل عن ذرة تراب واحدة في يهودا والسامرة. ولكن نتنياهو يتظاهر. يعتقد انه يمكن ان يأكل الكعكة حتى آخر الفتات فيها، وان  يتركها كاملة في  نفس الوقت. ولكنحتى نتنياهو غير قادر على أن يفعل ذلك. يمكن قبول خطة ترامب، والمشاركة في احتفالات اطلاقها، والتجول في فروع الليكود ومواصلة التحريض ضد من يشكك بنزاهة ومصداقية نتنياهو. ولكن لا يمكن قبول الخطة وفي نفس الوقت رفض الاساس المركزي الذي تقوم عليه: فكرة الدولتين للشعبين.

يعرف نتنياهو جيدا بانه اذا أعلن صراحة وبشكل علني بانه موافق على خطة ترامب بكل عناصرها، وانه مستعد لان يعمل، وليس فقط يضم اجزاء من الضفة الغربية بل وان يوقع ايضا على اتفاق يعترف بوجود دولة فلسطينية وبسيادتها في معظم المناطق – فانه سيفقد تأييد شركائه في كتلة اليمين، مما سيلغي تماما فرصع لتشكيل حكومة. الحقيقة هي أن المعارض الاشد لخطة ترامب هو من يحاول تصوير نفسه كالمؤيد الاكبر لها.

في هذه الظروف، فان المخرج الوحيد الذي يقبله نتنياهو هو نشر الاكاذيب، وبالاساس التحريض ضد معارضيه، اولئك الذين لديهم ما يكفي من الاستقامة الجماهيرية لكشف تظاهره. من هنا وحتى القصص وكأنه في اثناء المفاوضات مع ابو مازن اقترحت على الفلسطينيين السيطرة في الحائط  الغربي المبكى – الطريق قصير جدا.

نتنياهو يحرض  ويقصي. قبل 25 سنة ساهم   تحريضه ضد اسحق رابين في خلق اجواء لعلها اعطت الهاما للكراهية، للاحتجاج واخيرا للعنف  الذي انتهى بمأساة هزت المجتمع الاسرائيلي. لست مستعدا لان اطأطىء الرأس وأسلم بالوحشية العنيفة لنتنياهو والعصابة التي تحيط به.

***

انا على قناعة بان الحاجة الى الانفصال عن الفلسطينيين  والموافقة على قيام دولة فلسطينية مستقلة تقع الى جانبنا هي مصلحة جوهرية لاسرائيل. لا شك عندي بان قسما هاما من الجمهور يريد وقف السيطرة الاسرائيلية على ملايين الفلسطينيين ممن لا  يمكنهم ان يقيموا نمط حياة حر، بحيث يتمتعوا بحقوق المواطن الكاملة في الدولة التي يريدون ان  يعيشوا فيها. في دولتهم.

لخلق  واقع كهذا،  هناك حاجة الى العودة للحديث معهم. فكرت، و لم أغير رأيي، بان خطة ترامب ليست مبنى على اساسات متوازنة هي  ضرورية لخلق البنية  الصحيحة التي يمكنها أن تؤدي الى مفاوضات ناجحة. ولكن يوجد في الخطة عدة اساسات كفيلة – اذا ما قبلها الطرفان وبحثا فيها بجدية – ان تؤدي الى اتفاق تاريخي. في اساس الامور توجد الحاجة الى اقامة دولة فلسطينية مستقبلة، عاصتها شرقي القدس.

من أجل البدء في ذلك هناك حاجة الى الحديث مع من يمثلوا  الفلسطينيين.  نتنياهو يفضل الحديث، بشكل مباشر او غير مباشر، مع حماس في غزة. انا مقتنع بانه يجب  الحديث مع ابو مازن،  ولهذا التقيت به. توجد فوارق كثيرة بيني  وبينه وغير قليل من عدم التوافق. لو كان بيننا توافق كامل، لكنا توصلنا الى اتفاق سلام قبل 12 سنة. ولكن عندما لا يكون توافق يكون الحديث افضل. نتنياهو غير مستعد لذلك لانه يريد الضم، مهما كان الثمن الدموي الذي ندفعه لقاءه. أما أنا فأفكر بشكل مختلف.

لا أتبوأ أي منصب جماهيري ولا  أدعي تمثيل  اي جهة سياسية ولست مستشارا ولا  اتشاور ايضا مع بيني غانتس ورفاقه في قيادة أزرق أبيض، ولكن العنف اللفظي وتحريض نتنياهو، ميري ريغفوسموتريتش لم يمنعني من الاعراب عن رأيي والعمل بالطريق الذي يعمل فيه الناس في دولة ديمقراطية ومتسامحة كي يحققوه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى