ترجمات عبرية

معاريف – بقلم الون بن دافيد – مطلوب : قائد معركة

معاريف – بقلم  الون بن دافيد  – 27/3/2020

التصدي للوباء يجب أن يدار كما تدار الحرب ولكن حاليا تعمل الحكومة بلا استراتيجة او سياسة واضحة. مطلوب تعيين شخص تنفيذي يقود هذه المعركة بمساعدة المهنيين من كل المجالات“.

كان هذا مجرد مسألة وقت لان يجند حتى “الموت الاسود”، ذاك الوباء الذي قتل نحو نصف اوروبا في القرن الرابع عشر، لحملة التخويف التي تدار ضدنا. “سيكون هنا 10 الاف ميت”، هكذا يخيفنا موشيه بار سيمان توف والبروفيسور ايتمار غروتو،  المدير العام ومساعد المدير العام في وزارة الصحة – حين لا يكون واضحا من أين اخذت هذه الارقام المبالغ فيها وهل لها اساس في الحقائق. عندما ننظر من خلال ستار التخويف يتبين أن اسرائيل تتصرف في هذه المعركة بلا سيناريو مرجعية، وعليه فليس لدينا ايضا استراتيجية تنشأ عنه، والاخطر من ذلك بلا: قائد معركة.                                                      

“هذه هي الازمة الاخطر على الانسانية منذ العصور الوسطى”، قضى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بمعنى أن هذه ستكون اسوأ من الكارثة. وعن تطلعه لان يبقينا في وضع دائم من الخوف كتبت هنا غير قليل في الاسابيع الاخيرة، والان يقرر لنا المقياس: كل شيء سيكون اقل سوء من الكارثة سيشكل نجاحا له. ولكن الى جانب الخوف الذي يبثه، لا يحاول نتنياهو على الاطلاق زرع الامل او رسم الطريق الذي يعتزم فيه قيادة التايتنك لتتجاوز الجبل الجليدي.

مثلما في الحرب، فان التصدي للوباء هو حدث دينامي أمام عدو نشط. هذه ليست هزة أرضية وقعت ولا يتعين علينا الان الا مواجهة نتائجها، بل كفاح ضد عدو لا يرتاح: عدو يبادر، يهاجم ويفاجيء. لا يمكن تحقيق الحسم في الحرب عندما تكون انت ترد فقط على اعمال العدو. الحسم يتحقق في تشخيص السيناريو، تحديد الاستراتيجية امامه وتخطيط عملياتي يربط للعمل كل المقدرات اللازمة وينقل المبادرة الى جانبك.

قائد المعركة بشكل عام يشكل تحت رئاسته نوعا من “الكابينت الحربي”، الذي يجند له خبراء من كل المجالات ليعملوا معا سواء في تنسيق الردود على الواقع المتغير أم في تعريف وضع النهاية المرغوب فيه والتخطيط بعيد المدى الذي يؤدي اليه. الكابينت الحربي لا يعنى فقط بوضع الوية المدرعات في الجبهة بل وايضا بوضع الاقتصاد، بتأثير المعركة على الجبهة المدنية الداخلية، بشرح الوضع وبآثار الحرب بعيدة المدى.

السلوك لدينا حتى الان يبدو رد فعل، لحظي وعديم الاستراتيجية. والكابينت يتشكل من مجموعة تكونت بالصدفة لمن ينجحون في ان يتسابقوا للاقتراب من طاولة رئيس الوزراء، فيما أن الانا والصراعات السياسية وتلك التي بين الوزارات تملي الاراء التي تسمع فيه. والنتيجة هي غياب سياسة واضحة في موضوع الفحوصات، قرارات بالاغلاق بينما ليس واضحا كيف الخروج منه ونقص يظهر تقريبا في كل مجال بتأخير شهر.

عدم الثقة بالقيادة

الجهاز الوحيد الذي يتعاطى مع هذا الحدث مثلما مع الحرب هو الجيش الاسرائيلي. هناك دخلوا قبل اسبوعين الى ساعة قتالية اركانية ينشأ عنها جدول أعمال ثابت للقادة: كل يوم في الساعة 15:30 يجري تقويم للوضع برئاسة نائب رئيس الاركان او رئيس شعبة الاستخبارات. وبالتوازي يوجد منتدى تفكير يعنى بالتخطيط للمدى الابعد، ونتائج المنتدين تعرض على رئيس الاركان، الذي يترجمها الى أوامر.

المهمة العليا للجيش الاسرائيلي – الحفاظ على الاهلية لمهمة الدفاع عن البلاد – محفوظة حتى الان بنجاح. ورغم أن وباء الكورونا لا يمس بشكل كبير بالشباب، فان النجاح هنا ليس تافها. ففي غضون اسبوعين كان مطلوبا من الجيش الاسرائيلي أن يغير تماما نمط عمله. فقد فصل بين الفئات السكانية للخاضعين للخدمة، انتقل الى الخطاب والاوامر بوسائل رقمية ويواصل الحفاظ على روتين العمل.

صحيح أن الدول المجاورة لنا تنطوي هذه الايام على ذاتها، ولكن حتى في ايام الكورونا يواصل سلاح الجو وغيره من الاذرع الاسرائيلية العمل ضد التموضع الايراني. والقلق الاساس في الجيش الاسرائيلي اليوم هو النقص في قطع الغيار التي تشترى من الشركات في الخارج وانتاجها توقف.

المهمة الثانية للجيش الاسرائيلي هي الدعم قدر الامكان للمنظومة المدنية، وهنا تتبين مبادرات دائمة تبرز من كل اجزاء الجيش: الساحة الفنية لشعبة الاستخبارات تصدر كل صباح خلاصة عموم بحوث الكورونا في العالم، الوحدة التكنولوجية لسلاح المخابرات اقامت بسرعة منظومة تربط بين كل المختبرات التي تنفذ فحوصات الكورونا في اسرائيل وتنشر المعلومات، وبالتوازي بدأت في انتاج اجهزة تنفس على اساس اجهزة التنفس البيتية والعتاد الوقائي للطواقم الطبية.

فوقها يحاول وزير الدفاع ان يضع تحت تصرف المجتمع الاسرائيلي كامل القدرات التي توجد في الجسم الاكثر خبرة الذي لدينا في ادارة اوضاع الطوارىء. نفتالي بينيت يتبين في هذه الازمة كزعيم نشط ومفعم بالمبادرة. معظم مبادراته تتوقف عند رئيس الوزراء لاعتبارات تبدو سياسية، ولكنه نجح في هذه الاثناء في أن يربط الجيش الاسرائيلي بمهمة العناية بالسكان الضعفاء، باستيعاب الاسرائيليين العائدين الى اسرائيل والان ايضا بمهمة حفظ النظام وانفاذ الاغلاق. وفي الخلفية تستعد شعبة اللوجستيات بان تضع قدراتها تحت تصرف الاقتصاد، الكفيل بان ينهار تحت الاغلاق التام.

اسرائيل برمتها ملزمة أن تتبنى هذا النموذج في ادارة المعركة. ظاهرا كان يفترض بهيئة الامن القومي ان تدير الازمة. ولكنها تتبين كجسم ليس لديه كامل القدرات للتصدي للتحدي الكبير. ليس معقولا أن تكون ادارة وزارة الصحة، مهما كانت كفؤة، أن تملي السياسة العامة التي تؤثر على كل جانب في حياتنا. والاسوأ من هذا هو أن جهاز  الصحة نفسه أعرب عن عدم ثقته بقيادته في رسالة مدراء الاقسام ضد مدير عام الوزارة. تصوروا أنه في حالة الحرب يوقع مئة قائد كتيبة على اعلان عدم ثقة برئيس الاركان – المطلوب الان، مهما كانت الحكومة، هو تعيين منفذ يقود هذه المعركة بمساعدة مهنيين من كل المجالات، احد ما يعرف كيف يزن ويقرر كم من الوقت مطلوب اغلاق وكيف الخروج منه، كيف ينفذ ما يكفي من الفحوصات التي تسمح بالعثور على عناصر الخطر وعزلهم عن الباقين وما هو مدى الضرر الذي يمكن احتماله في الاقتصاد، وبعده لن يكون معنى للدفاع عن النفس ضد المرض.

عند فحص تفشي المرض في العالم، يتبين نموذجا واضحا للتفشي بطول نحو ثمانية اسابيع. انتشار الوباء يرسم في كل دولة جرس جاوس او ما نسميه “معوج”. الوسائل المضادة التي اتخذت – العزل الاجتماعي والفحوصات – تقرر طوله وعرضه.

لقد باتت الصين في نهاية الجرس وتعود الى النشاط شبه الاعتيادي. اما ايطاليا فتبدو كمن تجاوزت منذ الان نقطة الذروة، وباقي اوروبا على مسافة ايام من الذروة، والولايات المتحدة لا تزال قبله. الانباء السيئة من ناحيتنا هي أنه بعد عشرة ايام سنصل الى ذروة المرض. الانباء الطيبة هي اننا اذا تصرفنا على نحو سليم، بعد نحو شهر سيكون القسم الصعب للتفشي الحالي بات خلفنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى