ترجمات عبرية

معاريف – بقلم الون بن دافيد – خلفية مرضية

معاريف– بقلم  الون بن دافيد  – 24/4/2020

بعد أن نتفرغ من فزع الكورونا سنتبين أن حزب الله يتحدى ردعنا أكثر فأكثر، وعلى الجيش ان يعيد النظر في سياسته على الحدود الشمالية  “.

بعد عشرين سنة من خروجنا من لبنان، تلقينا في نهاية الاسبوع الماضي تذكارا لميزان الردع المتبادل والهش الذي نشأ منذئذ بيننا وبين حزب الله، منظمة حرب العصابات التي كبرت لتصبح جيشا مع قدرات دولة. تحت غطاء الوباء الذي يلقي بظلاله على الجميع، اختفت الرسالة الخطيرة التي كانت تنطوي عليها احداث قطع السياج في ليل السبت. ما بدأ كمحاولة اسرائيلية (حسب التقارير) لبث رسالة حازمة ورادعة لحزب الله، انتهى برد جريء من المنظمة، يذكرنا باننا نحن ايضا مردوعون.

في المركبة التي تعرضت للاعتداء في العيد الثاني للفصح على طريق دمشق – بيروت كان اربعة نشطاء حزب الله يعملون بتهريب العتاد المتطور من ايران عبر سوريا الى لبنان. وحسب التقارير من لبنان، اطلقت طائرة صاروخا واحدا قرب المركبة، التي كانت لا تزال في الاراضي السورية، ما جعل الاربعة يتوقفون على جانب الطريق وينزلون. وبعد دقيقتين فقط، حين كانوا على مسافة آمنة من المركبة، ضربها الصاروخ الثاني ودمرها.

يمكن الافتراض بان الاعتبار بعدم المس بالنشطاء كان المعادلة التي خلقها حزب الله منذ آب الماضي: رد فتاك على الحدود الشمالية على كل مس باللبنانيين، حتى لو وقع هذا على الاراضي السورية. ولكن مشاهدة شريط الهجوم تثير جوانب مقلقة اخرى. معظم الناس الذين يسقط الى جانبهم صاروخ – يفرون من المركبة بفزع. اما الاربعة فبدوا ينزلون من المركبة بارتياح، وليس بفزع، ما يعني أنهم لم يفاجأوا حقا من هذه الاشارة. بعد بضع ثوان من ذلك بدا الاربعة يعودون الى المركبة، بلا ضغط، كي يخرجوا منها الحقائب التي تركوها خلفهم، وكأنهم قالوا: نحن نثق بمن اطلق الصاروخ الاول بانه لا يقصد حقا المس بنا.

كان هناك من رووا لانفسهم بعد الحدث بان اولئك الاربعة لن يعودوا بعد الان للعمل في  التهريب، ولكن ما يتبين من الشريط هو ا لعكس تماما. هذه الرباعية فهمت جيدا جدا لان من يقوم بعملية “انقر الطريق” ليس معنيا بقتلهم، ومثلما قال توقو في فيلم “الخير، الشرير والبشع”

(If you want to shoot- shoot):

استغرق لحزب الله 48 ساعة لان يخرج الى حيز التنفيذ ردا – مرآة للعملية التي نسبت لاسرائيل. بعد الغروب في ليل السبت تقدمت ثلاثة طواقم للمنظمة في مسارات خفية نحو الحدود وفتحت ثلاث ثغرات في السياج: في منطقة المطلة، يفتح وافيفيم. وباستثناء نقطة واحدة، لم تلاحظهم نقاط الرقابة التابعة للجيش الاسرائيلي، وانصرفوا مخلفين وراءهم اكياس نايلون مع عقدة من الاسلاك الكهربائية وبقايا آلة شفط الغبار. وصلت قوات الجيش الاسرائيلي بسرعة الى الثغرات، ولكن لم يكن هناك أحد.

لا ينبغي أن نكون متفاجئين من قدرة حزب الله على تحليل النقاط الميتة في رقابة الجيش الاسرائيلي والاقتراب من السياج دون الانكشاف. فرجاله هم من معظمهم من ابناء المكان، ممن يعرفون كل سبيل وكل قناة حول قراهم. ولكن الرسالة التي نقلها حزب الله كانت: “ان شئت، يمكنني أيضا ان اصل الى البلدات الاسرائيلية. الصحافي ابراهيم الايمن المقرب من نصر الله وصف العملية بانها “انقر ابواب البلدات”.

“أجرينا علامة استخبارية وعملياتية أمام منظومة الدفاع والرقابة للجيش الاسرائيلي”، كتب الايمن.  رغم وفرة الكاميرات والوسائل التي نصبها الجيش الاسرائيلي على حدود الشمال، لا تزال توجد على طول الحدود عشرات عديدة من النقاط المخفية، المناطق الميتة التي تسمح بالاقتراب من السياج دون الانكشاف. في جانب تكتيكي، مطالب الجيش الاسرائيلي الان بان يفحص من جديد انتشار الكاميرات والوسائل واصلاح ذلك. على المستوى الاستراتيجي، يتطلب هذا الحدث من الجيش الاسرائيلي اعادة احتساب سياسة العمل تجاه حزب الله ورجاله. من الصعب ادارة سياسة هجومية فاعلة دون أخذ مخاطر.

مساعي دقة

لقد كان لبنان غارقا عميقا في أزمة اقتصادية حين ضربه الكورونا، وبات ممكنا الحديث عنه بتعابير الدولة الفاشلة. ايران هي الاخرى، المرضوضة بالعقوبات وبالمرض، اختطفت الان ضربة قاضية اخرى مع انهيار سوق الطاقة. هذه الازمات لا تتجاوز حزب الله، الذين اضطر لان يحتمل تقليص الثلث في ميزانيته التي تبلغ اليوم نحو 650 مليون دولار في السنة. رغم ذلك، فان المنظمة لا تهجر تطلعها وجهدها للوصول الى قدرات دقة الصواريخ.

على مدى زمن ما أمل حزب الله في انتاج الصواريخ الدقيقة على الاراضي السورية بمساعدة جنرال الظل للاسد، باسم حسن، رجل المهمات الصعبة. ولكن الهجمات المتكررة على المنشآت التي اقامها حسن في المجمع العسكري في المصايف أوضحت لحزب الله بان الاراضي السورية ليست مكانا آمنا لبرامجهم. فقرر حسن نصرالله والقائد الجديد/القديم لفيلق لبنان في الحرب الثوري الايراني، حسن مهداوي نقل انتاج الصواريخ الى لبنان، الى جانب مساعي التهريب المتواصلة من سوريا. وكان تطلعهما هو انتاج الصواريخ من الالف الى الياء على الاراضي اللبنانية. في آب من السنة الماضية هبطت حوامة مسلحة على خلاطة وقود صلبة كانت تقف في ساحة في بيروت. في بداية هذه السنة نشب حريق في منشأة اخرى مجاورة لمطار بيروت. هذه  الاحداث لم تردع حزب الله. فليس لهم نية لان يتنازلوا، وليس لاسرائيلي قدرة على أن تتنازل في هذا الموضوع. فقدرة حزب الله على توجيه ضربة دقيقة لمنشآتنا الاستراتيجية ستخلق ميزان رعب لن تتمكن اسرائيل من التعايش معه. ويفهم الطرفان بان الصراع على مشروع الدقة كفيل بان يحملهما الى المواجهة. بالنسبة لاسرائيل ستكون هذه حربا أليمة جدا، ولكنها ستوقع على لبنان خرابا حقيقيا.

في هذه الاثناء ينشغل العديد من ضباط البحوث في شعبة الاستخبارات العسكرية في تحليل مراكز نقل عدوى المرض، ولكن العمليات الخاصة تلاحق الفحوصات،  ورئيس الموساد نقل مقره الى مستشفى شيبا ويقاتل الفيروس. عندما نصحو من هلع الوباء – على هؤلاء الاشخاص ان يعودوا للانشغال بما يعتبر التهديد الاهم والاكثر حقيقية على اسرائيل. قبل عشرين سنة أملنا بان نبقي لبنان وراءنا ولكنه لا يزال على أعتابنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى