ترجمات عبرية

معاريف– بقلم الون بن دافيد – خدمة الزامية

معاريف– بقلم  الون بن دافيد – 29/1/2021

لا ينبغي لرئيس الاركان ان يخشى الاعراب عن موقفه حتى لو كان هذا غير مريح لكل السامعين. بل العكس هو ملزم بان يحذر، علنا ايضا مما يراه كتهديد “.

جوقة غير طيبة ولكن شبه موحدة من الصحافيين سارعت هذا الاسبوع للهجوم على رئيس الاركان أفيف كوخافي، لتجرؤه على ان يحذر من المخاطر التي في العودة الى الاتفاق النووي مع ايران. فقد أنشد احد الصحافيين فقال: “كيف يجرؤكوخافي ما”. وفي تضارب كامل احتج المنتقدون على أن رئيس الاركان يطلق علنا رأيا في موضوع امني، وفي نفس الوقت اشتكوا من أنهم لا يسمعون رأيه في مواضيع اخرى. يبدو أن المشكلة لم تكن في حقيقة ان رئيس الاركان اسمع رأيا، بل في هذا الرأي لم يكن هو ما اراد المنتقدون ان يسمعوه.

بالضبط على المنصة ذاتها لمعهد بحوث الامن القومي وقف قبل  خمس سنوات من كان في حينه رئيس الاركان غادي آيزنكوت وتحدث في صالح الفرص التي في الاتفاق النووي. وقد استقبلت اقواله في حينه بالهتاف ونالت الثناء على الجرأة في اطلاق رأي علني يختلف عن رأي رئيس الوزراء. اما هذه المرة فرأي رئيس الاركان قريب من رأي رئيس الوزراء، ولهذا فليس مناسبا ان يطلقه، على حد زعم المنتقدين الذين منحوا كوخافي لقب سيد قشطة . خطوة اخرى وعلى أفضل ما في عقيدة هورودوس كانوا سيسمونه “موظف”.

رئيس الاركان في اسرائيل ليس موظفا. صحيح أنه مستوى مرؤوس، يخضع لامرة القيادة المنتخبة. ولكنه ايضا صاحب القرار الثاني في اهميته في اسرائيل. وبصفته هذه فهو ليس لا سياسي. لا توجد حكومة يمكنها أن تجبر رئيس الاركان على الخروج الى حرب لا يؤمن بضرورتها.

لا حاجة لرئيس الاركان ان يخشى الاعراب عن موقفه، حتى لو لم يكن مريحا لكل السامعين. هكذا فعل ايهود باراك، حين اشار على تلة في اللطرون الى الثقوب التي في اتفاق اوسلو؛ امنون ليبكن شاحك، الذي تحدث عن أمراض المجتمع الاسرائيلي بعد اغتيال رابين؛ أو آيزنكوت، الذي أشار الى فضائل الاتفاق النووي. نحن لا نريد حقا رؤساء اركان يخافون من الاعراب عن موقفهم المهني، وبالتأكيد ليس في المواضيع التي يؤتمنون عليها.

في الشهر الماضي سمعنا رئيس الاركان الامريكي مارك ميلي يخرج بشجاعة امام قائده، الرئيس ترامب، ويعلن انه موالٍ للدستور فقط. ليس لدينا دستور، ولكن رئيس اركاننا مؤتمن على حفظ ذخر لا يقل قيمة عن الدستور: افضل بنات وابناء الشعب الاسرائيلي ممن دعوا للخدمة الالزامية. وبينما يدافع رئيس الاركان الامريكي عن مصالح الولايات المتحدة في العالم فان رئيس اركاننا يدافع عن مجرد وجودنا. عليه واجب التحذير. جماهيريا ايضا، بما يراه كتهديد على مستقبلنا.

يرى كوخافي في العودة الى الاتفاق النووي السابق لاوباما الذي يمنح ايران رخصة حكم واقع للتقدم الى قنبلة نووية بعد أربع سنوات، تهديدا على مستقبل ابنائنا واحفادنا. وهو ثابت في موقفه هذا ويطلقه منذ سنوات، بما في ذلك في محافل اصحاب القرار وكذا امام من يحادثهم من الجيش الامريكي. ليس فقط كوخافي – معظم القيادة الامنية عندنا تعتقد بان العودة الى الاتفاق النووي في 2015 ستكون بكاء للاجيال. وكأنه كي يعزز اقوال كوخافي صرح في الغداة وزير الخارجية الامريكي الجديد بان الولايات المتحدة تتطلع للعودة الى الاتفاق السابق كنقطة بداية.

اتجاه الريح

في اثناء ولايته كرئيس شعبة الاستخبارات العسكرية “امان” التي انتهت في 2014 حتى قبل ان توقع الولايات المتحدة على الاتفاق مع ايران، اشار كوخافي الى الامكانيات لتحقيق اتفاق نووي جيد مع الايرانيين. واليوم ايضا يؤمن بانه يمكن الوصول الى “اتفاق ممتاز”. في نظره، فان اتفاقا لا تكون فيه “فقرة غروب” تقرر موعدا نهائيا للقيود على ايران، التي تقيد قدرة ايران على تطوير اجهزة طرد مركزي اسرع لتخصيب اليورانيوم وتثبت آليات رقابة اكثر نجاعة – هو اتفاق جيد لاسرائيل.

نتنياهو اكثر شكا منه ولا يؤمن بانه يمكن اقتياد الولايات المتحدة الى اتفاق نووي محسن مع ايران. رغم ذلك، فانه ينتظر بصبر مكالمة هاتفية اولى مع بايدن، وفي الشهر القادم سيبعث برئيس الموساد يوسي كوهن لاجراء محادثات مع قيادة الادارة الجديدة. يحتمل ان يلتقي كوهن ايضا بالرئيس في اثناء الزيارة. وفقط بعد أن يفهم اتجاه الريح التي تهب في واشنطن، سيقرر نتنياهو اذا كان سيسير مع الادارة الجديدة ام ضدها.

خيارات اسرائيل ليست جيدة. فمع أن كوخافي  صرح بانه وجه تعليماته منذ الان لاعداد مخططات للعمل حيال ايران، الا ان ليس لديه الميزانية لاعادة بناء الخيار العسكري، وحتى لو كانت لديه – واضح أن في اللحظة التي تبدأ فيها مفاوضات بين الولايات المتحدة وايران، فان اسرائيل ستكون مطالبة بان تتوقف عن اعداد علني لخيار عسكري. لقد سبق أن كنا في هذا الفيلم في 2012.

ان الخيار العسكري الاسرائيلي حيال ايران كان ولا يزال وسيلة سيئة، يمكنها في اقصى الاحوال ان تعيق الايرانيين قريبا ولكنها لا يمكنها أن تحرمهم من القدرات. لدى ايران يوجد العلم لتخصيب اليورانيوم، ولا يمكن لاي هجوم أو قصف أن يأخذاه منها. من المهم أن يكون لنا خيار عسكري، ولكن على أن يستخدم فقط كمخرج أخير.

في رد فعل شرطي، فسر الكثيرون خطاب رئيس الاركان كمحاولة لانتزاع ميزانية اخرى للدفاع، ولكن في اسرائيل 2021 فان الميزانية هي في اقصى الاحوال ذاكرة غامضة من الايام التي كانت هنا فيها دولة تؤدي مهامها. فلا توجد ميزانية، لا للجيش الاسرائيلي ولا لاي منظومة عامة، كما لا توجد ايضا قدرة على تخطيط خطوة واحدة الى الامام. كوخافي، الذي من اللحظة التي دخل فيها الى منصبه  قبل سنتين يعمل تحت معركة انتخابات يمكنه فقط أن يحلم بميزانية مرتبة للسنة القادمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى