ترجمات عبرية

معاريف – بقلم الون بن دافيد – بقي على الارض

معاريف – بقلم  الون بن دافيد – 11/12/2020

كوخافي مثل اسلافه يجد صعوبة في تقليص الفجوة الهائلة بين القدرات في الجو، في البحر، في الاستخبارات وبين الجيش البري الذي تبقى في معظمه قديما، عفنا وعديم الثقة بالنفس “.

في الشهر القادم ستحل ذكرى السنتين لتولي رئيس الاركان افيف كوخافي منصبه. يؤشر هذا الموعد بشكل عام الى نصف الولاية. ما سميناه في جيلنا “قلب  الاسطوانة”. لشدة الاسف، فان تعيين  كوخافي ايضا، مثل اسلافه، تم لثلاث سنوات مع خيار لسنة رابعة. ما يفرض على رئيس الاركان السعي لدى وزير الدفاع في سنته الثالثة كي يضمن ان تكون له رابعة.

ثمة شيء مأساوي في ولاية كوخافي، الضابط الفهيم، الابداعي والنشيط الذي لا مثيل له والذي تعثر حظه بان يتولى منصبه في ايام الازمة السياسية الاخطر والاكثر تواصلات في تاريخ الدولة. وتحت هذه الازمة اصبح منصب وزير الدفاع، الذي ترافقت معه هالة شبه مقدسة الى عملة سياسية متآكلة تتناقلها الايدي. فقد عين كوخافي بتوصية من وزير الدفاع ليبرمان. ومنذئذ تمكن من أن يعمل تحت إمرة ثلاثة وزراء دفاع آخرين.

واذا لم يكن عدم الاستقرار الكافي بكافٍ فقد جاءت جائحة الكورونا والقت بظلالها واوزانها الثقيلة على سنته الاخيرة. من جهة، ادت الكورونا الى كبح جماح عموم الاعداء المحيطين وسمحت للجيش الاسرائيلي بان يعمل بحرية شبه مطلقة في كل الجبهات. من جهة اخرى فانها تجعل من الصعب جدا تنفيذ مخططات بناء القوة والتدريبات وتجبر الجيش الاسرائيلي على تخصيص مقدرات كثيرة للتصدي لها.

لمناصبه السابقة دخل كوخافي بعصف، مع علم وفهم واضحين للتغييرات التي يريد أن يحدثها من اللحظة الاولى. كرئيس للاركان اخذ لنفسه وقتا اطول لبلورة الافكار المرتبة لسياسته، التي يمكن لمعظمها ان يدخلها تحت عناوين “الفتك” و “تعدد الابعاد”. وبمرور سنتين بات واضحا الجهد الذي وظفه في تحسين فتك اذرع الجيش. فالوحدة متعددة الابعاد التي اقامها  “رفائيم” تلوح كمختبر تجربة ناجحة لقدرات جديدة في النهاية ستنقل للجيش كله. ولكن كوخافي ايضا، مثل اسلافه، يستصعب تقليص الفجوة الهائلة التي نشأت بين القدرات المتطورة لسلاح الجو، الاستخبارات وكذا ايضا ذراع البحرية المتطور، وبين الجيش البري الذي بقي في معظمه قديما،  عفنا في اجزاء واسعة وعديم الثقة بالنفس. الجيش الاسرائيلي يكاد لا يحتك بالعدو في العقدين الاخيرين، وفي حالات الظهور الثلاثة التي طلب فيها منه ان يقاتل – لم يكن اداؤه مبهرا. ولهذا فقد بنى الجيش جهازا هائلا يستهدف ضرب العدو من بعيد ويوفر على القوات البرية الحاجة للقاء العدو عن كثب.

في مناورة الفرق الاخيرة، “سهم فتاك” كان يمكن أن نرى قادة استوعبوا منذ الان القدرات لاستخدام القوات بابعاد مختلفة ومرافقة ضربات النار بضربات سايبر وبالقتال بالاطياف الالكترومغناطيسية. ولكن هناك ايضا كانت القوات مطالبة في النهاية بان تقاتل في داخل القرى المحصنة في جنوب لبنان وتطهيرها. رجال الاحتياط الذين شاركوا في المناورة نظروا الى هذا السيناريو وتساءلوا اذا كان احد ما يقصد بجدية بانهم بالفعل سينفذوه  في اي  مرة من المرات.

الجيش الاسرائيلي اليوم يعتمد أكثر فأكثر على الجيش النظامي وبقدر اقل على الاحتياط، وعن حق. فليس لدى معظم وحدات الاحتياط الخبرات والكفاءات لميادين القتال الحالية. ولكن الجيش النظامي يعاني من تبدلات دائمة للمقاتلين، بسبب الخدمة التي تقصر اكثر فأكثر ومن غياب مقاتلين مهنيين يحافظون وينقلون المعرفة بين اجيال الجنود المتبدلين.

كما ان الجيش النظامي ليس كبيرا بما يكفي كي ينفذ عموم المهمات في الحياة العادية، وبالتأكيد ليس في المواجهة. فالكثير من الوحدات الميدانية تعاني منذ الان من نقص في المقاتلين. واذا ما قصرت الخدمة النظامية أكثر فان هذا النقص سيتعمق اكثر. ولو كان فقط مسموحا له لاقام الجيش منذ اليوم ألوية من المقاتلات ليفرغ الزمن الباهظ لرجال الاحتياط الى التدريب فقط وليس الى المهام الامنية الجارية.

كما أن التغيير الذي قاده رئيس الاركان في قيادة الذراع البري وجعلها وحشا تنظيمات مع خمسة (!) ضباط برتبة لواء و 12 عميد – لم يثبت نجاعاته بعد. كما حل كوخافي ايضا شعبة التخطيط في الجيش الاسرائيلي واقام الى جانبها (شعبة ايران) الخطوة التي هي ايضا تغيير لا يزال موضع خلاف وسيكون ممكنا تقدير نجاعتها مع نهاية ولاية رئيس الاركان.

ظاهرا، لا يوجد اي سبب للافتراض الا تمدد ولاية كوخافي، مثل معظم اسلافه لاربع سنوات، ولكن مثلما اجاد في التشخيص زميلي عاموس هرئيل في “هآرتس” في السنة الاخيرة تغيرت طريقة الحكم في اسرائيل. فتحت الازمة السياسية والكورونا وبدون أي قرار او اعلان، انتقلت اسرائيل  الى نظام خاص، فردي شبه ملكي، لا توجد فيه حكومة تؤدي مهامها، لا توجد ميزانية ومعظم مؤسسات الدولة افرغت من محتواها.

الجيش الاسرائيلي هو الاخر يجد نفسه مبعدا ومقصيا غير مرة عن قرارات ذات مغزى، فيما يعمل مباشرة تحت الزعيم ولخدمته. في هذا الواقع  الذي لم يعد يوجد فيه اي نظام واي عُرف ملزم، حيث تتخذ القرارات بتعسف وتتقلب كل بضع ساعات، وليس ليس تخطيط حتى للشهر القريب القادم، فان  ايضا من اصحاب المناصب لا يمكنه أن يعرف اين سيجد نفسه بعد سنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى