ترجمات عبرية

معاريف – بقلم الون بن دافيد – القائمة السوداء

معاريف – بقلم  الون بن دافيد – 22/11/2019

في الاسبوع الماضي انضم رجل الجهاد الاسلامي بهاء ابو العطا الى القائمة التي لا تنتهي من محدثي الارهاب ممن صفتهم اسرائيل. المقابر في غزة مليئة بنتائج حملات التصفية التي نفذتها اسرائيل على مدى السنين، وليس فقط في غزة. ولكن الارهاب والمخربين لا يختفون – بل يتبدلون فقط. منذ الازل عملت الدول على تصفية افراد اعتبرتهم تهديدا عليها. اسرائيل، من لحظة قيامها بل وقبل ذلك تتصدى لارهاب قاس، جعلت هذه الطريقة سياسة. منذ ان بعثت رئيسة الوزراء غولدا مائير الموساد للمس بمخططي المذبحة في الالعاب الاولمبية في ميونخ نفذت اسرائيل عددا لا يحصى من عمليات التصفية، في كل دولة في العالم تقريبا. وقد أخذت هذه الطريقة في التأطر، وفي العقود الاخيرة اعطي لها ايضا اسم جديد، اكثر نقاء: “الاحباط المركز”.

ولكن الى اي حد ناجعة هذه الطريقة؟ فهل تقلص الارهاب ام تشعل فقط نار الثأر؟ هل القرار بتصفية شخص ما تدفعه الرغبة بمنع مواصلة عمله ام ايضا الرغبة في محاسبته على ما فعله في الماضي؟ في السنتين الاخيرتين تحدثت مع مئات الاشخاص الذين انشغلوا بالتصفيات:  بدء من اصحاب القرار، عبر المخططين وحتى المنفذين انفسهم، اولئك الذين ضغطوا على الزناد. وذلك في اطار مسلسل سينشر الاسبوع القادم في القناة 13 وفي توقيت ذي صلة اكثر من أي وقت مضى.

اسرائيل هي احدى الدول الوحيدة في الغرب التي يمكن فيها لرئيس وزراء أن يأمر باعدام شخص ما دون أن يكون ملزما بان يتشاور مع اي جهة اخرى أو ان تصادق معه على القرار. وحتى بعد التنفيذ، لا تخضع معظم عمليات التطبيع للرقابة او المتابعة البرلمانية. ان القرار بتصفية شخص ما قد يكون احد القرارات الاصعب التي يكون رئيس الوزراء مطالبا باتخاذها، وليس فقط بسبب المضاعفات. هذا قرار شخصي، عن شخص محدد، تعرف انت من هو، من هم ابناء عائلته وما هي انماط حياته. هذا ليس قرارا عائما عن حرب او معركة سيقتل فيها مجهولون. ثمة اوقات صباحية ينظر فيها رئيس الوزراء في اسرائيل الى المرآة ويعرف بان احدا ما، في مكان ما في العالم، لن ينال فرصة ان يرى حلول المساء.

***

ان قرار تصفية ابو العطا بالذات اصطدم بعائق. ففي ايلول، بعد أن اطلق ابو العطا الصواريخ الى اسدود وقطع مهرجان انتخابي لرئيس الوزراء، امر نتنياهو بتصفيته. واستعد الجيش والمخابرات للتنفيذ، ولكن كان هناك في الجيش الاسرائيلي من سألوا اذا كان القرار بالتصفية والكفيل بان يؤدي الى معركة لا يحتاج الى اقرار الكابنت. وقضى المستشار القانوني بان بالفعل مطلوب قرار الكابنت، ونال ابو العطا الحق في ان يعيش بضعة اسابيع اخرى.

عن الحاجة التي كانت لتصفية ابو العطا – لا خلاف. لم اجد شخصا في جهاز الامن يعتقد خلاف ذلك. ثمة اناس تمنحهم شخصياتهم ومؤهلاتهم وزنا خاصا ليس للاخرين. وبالفعل، ثمة في المقابر ايضا اناس لم يوجد لهم بديل. المثال الابرز هو عماد مغنية، رئيس الاركان ورجل العمليات في حزب الله الذي صفي في دمشق في 2008. عين حزب الله ثلاثة اشخاص ليتولوا المناصب التي تولاها مغنية، وثلاثتهم معا لا ينجحون في ملء الفراغ الذي خلفه ومنح المنظمة الجسارة، الحكمة والابداعية التي كانت في مغنية. كما ان تصفية مؤسس الجهاد الاسلامي فتحي الشقاقي في مالطا في 1995 شكل ضربة وجد التنظيم صعوبة في الانتعاش منها.

بالمقابل، فان تصفية زعيم حزب الله عباس موسوي في 1992 في لبنان جرت عمليات ثأر جبت حياة اكثر من مئة انسان. لم يتوقع احد مسبقا بان مكان موسوي سيأتي حسن نصرالله الكريزماتي الذي حول حزب الله من منظمة ارهابية الى جيش توجد له دولة. محاولة التصفية الفاشلة لخالد مشعل في عمان في 1996 عظمت فقط زعامته وجرت ايضا الافراج الاضطراري عن زعيم حماس احمد ياسين.

من الصعب جدا التقدير مسبقا ما هي النتائج بعيدة المدى للتصفية. فالغالبية الساحقة من العمليات تنفذ ضد “قنابل موقوتة” حقيقية، مثل ابو العطا او مثل المهندس يحيى عياش – اناس يشكل استمرار نشاطهم خطرا جسيما وفوريا ولا مفر من ازالة التهديد، حتى لو كان الثمن عاليا.

قلة من اصحاب القرار اعترفوا امامي باستقامة لان هناك ايضا عمليات يوجد فيها وزن واضح لعنصر الثأر. هكذا كان في حالة القاتل سمير قنطار، الذي نسبت تصفيته لاسرائيل وبعد تحريره في صفقة الاسرى عاد الى نشاط ارهابي في هضبة الجولان. لقد كان هدفا شرعيا تماما للتصفية، ولا يزال من الصعب تجاهل الرضى الذي في تصفية الحساب مع قاتل كريه كهذا.

علي حسن سلامة، رئيس منظمة ايلول الاسود ومخطط مذبحة الرياضيين في مينونخ، كسب هو  ايضا عن حق رحيله قبل الاوان. وكانت الصحافة وصفته بـ “الامير الاحمر” بسبب انهار الدم التي خلفها وراءه. ولكن عندما نجح الموساد في وضع يده عليه، كان قد بات مصدرا تدير معه  السي.اي.ايه حوارا حميميا وثمة من يقول انه كان يمكن له أن يقود الحركة الوطنية الفلسطينية الى مسار آخر.

صفي سلامة في عملية لامعة ببساطتها في بيروت في 1979. اربعة مقاتلين من الموساد فقط – ثلاثة رجال وامرأة – اداروا عملية التصفية الدقيقة هذه. في الفصل الخامس والاخير من المسلسل ستؤتى لاول مرة  بشهادات المقاتلين من مواصلي درب ايلي كوهن – رجال الموساد الذين يرسل بهم للسكن في عاصمة عربية معادية. وهم يروون بصدق مفاجيء عن الحياة في دمشق، مع العلم بان كل خطأ صغير، كل زلة لسان، سترفعهم الى حبل المشنقة.

ان النقيض التام للعملية البسيطة في بيروت كانت العملية لتصفية ابو جهاد، نائب عرفات والقائد العسكري لـ م.ت.ف في 1988 في تونس. فقد بعث الجيش الاسرائيلي في حينه بمئات المقاتلين في جيش من السفن الى مسافة 3 الاف كيلو متر، وكل هذا من اجل تصفية شخص واحد. الاف الاشخاص شاركوا في العملية التي كلفت ملايين كثيرة. ثمة عمليات تقوم اسرائيل بها ببسطة لانها تستطيع ولان الشعور لطيف جدا بعد ذلك.

***

قاسم سليماني، قائد قوة القدس الايرانية، ينتمي الى الصنف الضيق للاشخاص الذين من المشكوك به ان يكون لهم بديل. فمن اصبح مهندس الشرق الاوسط، الذي تنبش اذرعه في العراق وتطلق علينا الصواريخ من سوريا، من يزود حزب الله ويطلق الصواريخ من اليمن، اصبح تهديدا يتعين على اسرائيل أن تزيله. في الماضي، وفقا لمنشورات اجنبية، تخلت اسرائيل عن فرص لتصفيته، تخوفا من رد الفعل الايراني. سيسرني أن اكرس له فصلا في الموسم القادم من “قائمة التصفية”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى