ترجمات عبرية

معاريف – بقلم الون بن دافيد – الغاء صفقة

معاريف – بقلم  الون بن دافيد – 22/1/2021

واضح أن ترامب خلف وراءه الكثير من الخراب والضرر الذي يتعين إصلاحه، ولكن سيكون من الخطأ ان تلغي الإدارة الجديدة إنجازاته في الشرق الأوسط “.

عند سماع التعابير الحماسية التي رافقت مراسم التنصيب هذا الاسبوع كان يمكن الاعتقاد بان العجوز الذي يدخل الى البيت الابيض هو المسيح وأنه طرد الشيطان. وبالفعل، فان الطريقة التي خرج فيها ترامب من واشنطن كانت خلاصة موجزة لولايته: بشعة، تافهة ودون ذرة ذوق. وهو سيسجل في التاريخ الامريكي كالرئيس الذي بعث بالمتظاهرين لتهديد الديمقراطية، ولكنه في تاريخ منطقتنا سيسجل كالرئيس الذي غير وجه الشرق الاوسط خيرا، وهذا لا يمكن قوله عن اي رئيس آخر في العقود الاخيرة.  

جورج دبليو بوش الذي كان مشبعا بالنوايا الطيبة، خرب النظام القديم والمستقر في المنطقة وأدى به الى الفوضى. جاء براك اوباما فبث ريح اسناد في “الربيع العربي” وقضى بالموت على مئات الالاف، والبؤس على الملايين. وفي الطريق أعطى ايران ايضا الضوء الاخضر والقدرة الاقتصادية على الانتشار في العراق، سوريا، لبنان واليمن ونشر بشرى ارهابها. كارتر وكلينتون اعطيا شرعية متأخرة للاختراق الذي حققته اسرائيل بنفسها مع مصر، الاردن والفلسطينيين. أما ترامب مقارنة بهم فكان  مغيرا حقيقيا للعبة.

بنصف سنة حقق أربعة اتفاقات اعتراف وسلام بين اسرائيل ودول عربية واعاد قطر الى حضن الامة العربية. ما كان ملزما بان يفعل هذا.  كان يمكن لترامب ان يعترف بالسيادة المغربية على الصحراء مقابل صفقة سلاح، ولكنه اصر على أن يتضمن الاتفاق اعترافا باسرائيل. كان يمكنه أن يبيع F35للامارات دون أن يرمش له جفن،  ولكنه أصر على أن  يكون هذا في اطار اتفاق سلام مع إسرائيل.

سيدعي المتذمرون بانه حقق اتفاقات مع دول لم تكن لها علاقات عداء مع إسرائيل، ولكن الحقيقة هي ان أيا من اسلافه لم يحقق هذا. في اثناء الأشهر الأخيرة صب ترامب الاساسات لحلف إسرائيلي – عربي ضد ايران وجعل إسرائيل شريكا شرعيا للعالم السني. هذا التغيير سيبقى لسنوات أخرى بعد رحيله، وكذا الاعتراف الأمريكي بعاصمة إسرائيل سيبقى حقيقة قائمة. اذا كانت لبايدن الحكمة لاستخدام الزخم الذي بدأه ترامب، فسيكون ممكنا حقا ان يتأسس هنا شرق أوسط جديد.  

في هذه اللحظة يتمثل ميل بايدن في أن يلغي بسرعة كل ما فعله سلفه. فمن اللحظة التي جلس فيها في الغرفة البيضوية بدأ يجري تراجعا (Undo) عن كل قرارات ترامب، تماما مثلما فعل ترامب بقرارات أوباما. واضح أن ترامب خلف وراءه الكثير من الخراب والضرر الذي يتعين إصلاحه، ولكن سيكون من الخطأ ان تلغي الإدارة الجديدة إنجازاته في الشرق الأوسط.

سلسلة تعييناته لا تبشر بالخير. يكاد يكون كل رجال أوباما، مهندسو الاتفاق النووي البائس مع ايران، وضعوا في مواقع أساسية: مستشار الامن القومي جيك سلبيان، رئيس السي.اي.ايه بيل  بارنس، نائبة وزير  الخارجية ويندي شيرمان، وفوقهم المهندس الرئيس للاتفاق جون كيري، الذي سيكون عضو في كابينت بايدن. كل هؤلاء يبعثون على قلق في إسرائيل لا تهدئه حتى رسائل التهدئة التي بعث بها وزير الخارجية المرشح توني  بلينكن.

ينتظر رئيس الوزراء المكالمة الهاتفية الأولى مع بايدن كرئيس كي يفهم اذا كان يعتزم العودة الى الاتفاق النووي السابق كنقطة بداية، أم انه منفتح على صياغة اتفاق نووي جديد ومحسن. وفقط بعد هذه المكالمة سيقرر نتنياهو اذا كان سيعود للعمل ضد الإدارة، مثلما فعل في عهد أوباما أم سيعمل مع الإدارة كي يحسن الاتفاق. يميل نتنياهو للتفكير بانه لا يمكن تحقيق اتفاق محسن.

لقد أجملت قائمة الاماني المثالية في إسرائيل حيال ايران على نحو جميل في وثيقة الـ “12 نقطة” لوزير الخارجية السابق مايك بومبيو. وهي تتضمن قيودا متشددة على البرنامج النووي الإيراني، على التوسع في المنطقة، على دعم الإرهاب ونشر الصواريخ الباليستية. احد لا يقع في الوهم بانه سيكون ممكنا تحقيق كل القائمة، ولكن من استطلاع غير علمي اجريته في الأسابيع الأخيرة في القيادة الأمنية لإسرائيل يوجد اجماع حول نقطة واحدة: “فقرة الغروب”. هذه هي الفقرة التي تقول انه في 2025 سترفع القيود عن البرنامج النووي، أي تمنح ايران رخصة لانتاج سلاح نووي – وهي واجبة الشطب.

باستثناء هذه الفقرة الإشكالية – تنقسم  الآراء. ثمة من يعتقد أنه يجب التركيز على تشديد القيود على البرنامج النووي، وثمة من يدعي بان من الأفضل التركيز على تقليص النفوذ الإقليمي لإيران. والاغلبية تعتقد انه اذا واصل بايدن الضغط الأقصى للعقوبات على ايران، فسيكون بوسعه أن يحقق اتفاقا افضل لإسرائيل. ويبدو اعلان الحرب على إدارة بادين في هذه اللحظة كالامكانية الأقل نجاحا من ناحيتنا.

فما بالك أن نتنياهو سيستصعب الان تجنيد الكونغرس ضد الرئيس مثلما فعل في الماضي. فإدارة بايدن تكاد تكون بلا عوائق. فهو يتمتع بسيطرة في مجلس النواب وبقدرة على تحقيق اغلبية في مجلس الشيوخ. من بين التوازنات البارزة لمبدأ فصل السلطات لم تتبقى الا السلطة القضائية، حيث تمكن ترامب من تعيين قاضية محافظة يمكنها ان ترجح الكفة وتجعل المحكمة العليا كدية. وبالتالي  ففي موتها أيضا ساهمت القاضية روت بايدر غينسبرغ للديمقراطية الامريكية.

مظاهرة الازدواجية

يتعين على بايدن ان يجد توازنات وكوابح للسلطة الرابعة والاهم التي تقف حياله: الشبكات الاجتماعية. ففي مظاهرة مذهلة من  الازدواجية والتزلف اسكتت الشبكات الاجتماعية ترامب ومؤيديه في أواخر أيامه، وذلك بعد اربع سنوات فعل فيها العجائب في أروقتها. الفيسبوك والتويتر، اللتان تعطيات منصة لكل الدنس البشري، واللتين تضخان أنهارا من التلوث والمجاري الى عقولنا، تذكرتا فجأة بانهما مسؤولتان أيضا عن المضمون الذي ينشر فيهما.  

بعد أربع سنوات من اضرام الكراهية ونشر كل رسالة نكراء، فهم أصحاب الشبكات بان المشرعين الأمريكيين يوشكون على أن يتخلصوا منها وسيفرضون عليها قيودا ومسؤولية. وخرجت الشبكات الان عن طورها لمداهمة بايدن ومحظور عليه أن يزوغ بصره من هذه الملاطفة. فاذا ما أصبحت التويتر والفيسبوك فجأة حساستين جدا لنشر الرسائل موضع الخلاف، فلتتفضلا وتغلقا أيضا حسابات الدكتاتوريين الوحشيين، منظمات الإرهاب وداعميها، اللاساميين وباقي باثي السموم. من يرغب في أن يجلب بشرى التغيير ملزم بان يوقف تسيب الشبكات الاجتماعية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى