ترجمات عبرية

معاريف – بقلم افرايم غانور – حين يتدفق العرب

معاريف – بقلم  افرايم غانور  – 24/11/2019

مثلما في مجالات عديدة في حياتنا، نستيقظ متأخرين. أو أننا نتبين كم أننا لم نسمع الاصوات ولم نرَ العنوان الذي لاح على الحائط.

هذا ما يحصل هذه الايام مع الوسط العربي في اسرائيل، والذي يبقى الموقف منه في معظمه مثلما كان في الايام الاولى من الدولة، حين فرض عليه حكم عسكري كاد ينطوي على قيود وقرارات قاسية.

فضلا عن الاهمال طويل السنين من جانب كل حكومات اسرائيل – التي استثمرت القليل جدا في جهاز التعليم، في البنى التحتية البلدية، في الصحة، في الثقافة وفي المواصلات – ينبغي أن نقول باستقامة ان الكثيرين منا فضلوا ان يروا هذا الوسط كدون، مهمل وبعيدا عن العيون.

لقد كانت الخطيئة الكبرى ولا تزال في اننا لم نعمل ولم نحاول تقريب عرب اسرائيل منا. لم نمنحهم الاحساس بانهم جزء من الدولة ويسعدنا أن نراهم كشركاء كاملين في بناء الدولة. اما المتشددون فيقولون ان هذا قصور جسيم تواصل لسنين لو كنا عملنا على اصلاحه قبل نحو أربعة عقود لخلقنا هنا جسرا لعرب يهودا، السامرة وغزة – ولكان كل شيء مختلف اليوم. بدلا من ذلك جعلنا عرب اسرائيل خونة ومكروهين، رغم ان غالبيتهم العظمى هم جمهور مخلص وبراغماتي، يتطلع الى الاندماج والعيش هنا بسلام وانسجام.

اما المتسامحين فسيقولون بالمقابل اننا كنا منشغلون بالحروب، باستيعاب ملايين المهاجرين، بالمشاكل الاجتماعية في داخلنا وفي بناء البلاد وتطويرها – فلمن كان الرأس لعرب اسرائيل؟

ولعرب اسرائيل أنفسهم ايضا – ولا سيما لنوابهم – دور كبير في خلق الصورة السلبية التي في الوسط لدى الجمهور اليهودي. فبدلا من معالجة المشاكل الحادة الداخلية لديهم، استثمروا معظم وقتهم وجهدهم في الصراع ضد حكومات اسرائيل في موضوع المشكلة الفلسطينية، وضع سكان المناطق العرب والسجناء. بعضهم استغل مكانتهم لعمل ضد الدولة بل ومنعوا شباب الوسط من التطوع في اطار الخدمة الوطنية، التي كان يمكن لها أن تقربهم من حياة التعاون والانتماء.

في الوقت الذي يقترب فيه الوسط العربي بخطى واسعة ليصل الى المليون الثاني، ينبغي أن نقول ان الكثيرين منهم اندمجوا على نحو جميل في مجالات مختلفة في حياة الدولة. غير أننا لا نعطي الرأي في التغييرات التي تجري في الوسط ولا نفهم بان عرب اسرائيل لم يعودوا الفلسطينيين من “جيل الصحراء” اولئك السكان العرب الذين اجتازوا النكبة، رأوا قيام الدولة وقوة الجيش الاسرائيلي والشعب اليهودي. ان الجيل الشاب في الوسط العربي هو جيل غربي، متعلم وطموح، واكثر جسارة بكثير، مفعم بالثقة بالنفس وبعيد عن مشاعر الدونية التي رافقت آبائه واجداده. كما أن هذا هو السبب الذي يجعل الطبيعة الابوية للمجتمع العربي تكاد تختفي. لقد مرت الايام التي كان فيها لشيوخ العشيرة تأثير كبير على كل ابناء العائلة.

من هنا فان من يستخف أو يتجاهل هذا الجمهور او يعرضه كعدو بدلا من أن يقربه – من شأنه ان يدفع ثمنا باهظا. فمسألة وقت فقط الى أن يستوعب الوسط العربي ويفهم جيدا مكانته وقدرته على التأثير على مبنى الحكومة في اسرائيل ويعمل على استغلال قوته. عندما يبدأ عرب اسرائيل قريبا في التدفق بجموعه الى صناديق الاقتراع، لا شك ان حكومات اسرائيل المستقبلية، مثلما هو المجتمع العربي في  اسرائيل سيكونون مختلفين تماما. وهذا سيحصل قريبا جدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى