ترجمات عبرية

معاريف– بقلم اسحق ليفانون – خدعة نصرالله

معاريف– بقلم  اسحق ليفانون – 22/9/2021

” حين ستبيع مصر، بتشجيع امريكي وموافقة سورية، الطاقة اللازمة للبنان، لا تعود حاجة الى السخاء الوهمي من جانب نصرالله ولا الى ازدواجية ايران الاخلاقية. فالدول التي توجد على مسار ابحار السفينة يمكنها الان ان تمنع عبور سفن اخرى “.

فاجأ زعيم حزب الله باعلانه قبل اسابيع بان سفينة ايرانية محملة بالوقود والمازوت  ستنطلق من ايران في طريقها الى لبنان في المدى الفوري. واضاف بانه في اللحظة التي تغادر فيها السفينة المياه الاقليمية الايرانية وتكون في قلب البحر تصبح ارضا لبنانية. بمعنى أنه يريد القول ان المس بالسفينة حكمه كحكم المس بالاراضي اللبنانية وسيستوجب ردا من جهته. هذه هي المعادلة التي ثبتها مؤخرا. يعرف نصرالله جيدا بان كل القوى السياسية في لبنان ضد خطوته وضد تلقي الوقود من ايران. فهم لم يرغبوا، وعن حق، في تدخل ايراني مباشر. فقرر تنفيذ تصريحه بقرار منه فقط.  وهكذا يكون تجاوز عدة خطوط.  

ردود الفعل لم تتأخر في المجيء. رئيس الوزراء الاسبق سعد الحريري، رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع وباقي الزعماء شجبوا خطوة نصرالله التي تضع لبنان في خطر. وتوجهوا الى حليفه الرئيس ميشيل عون كي يمنعه من ذلك. ولكن الرئيس ملأ فمه ماء. رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي قال في المقابل ان “ارسالية الوقود الايرانية تمس بسيادتنا”. نصرالله صادر بذلك الصلاحيات التي في ايدي الحكومة الشرعية، الوحيدة المخولة بان تقرر ذلك. هذه خطوة اخرى من جهته كي يقرر مدى حرية العمل التي لديه وقدرته على اتخاذ القرارات على المستوى الوطني بقرار ذاتي وذلك في ظل تجاهل  للادارة السليمة. 

هذا التحدي ليس فقط للمؤسسة اللبنانية بل وايضا للاسرة الدولية. منذ 2018 تفرض عقوبات على ايران على تصدير  النفط والوقود لديها. وحقيقة ان نصرالله حذر الولايات المتحدة التي يوجد لها في البحر المتوسط تواجد بحري هام، واسرائيل، التي ستمر الباخرة من امام شواطئها –تلمح  باستعداده لان يأخذ مخاطرة محسوبة لاشتعال محتمل. هو يخدع. 

الى جانب  الخيار بالسماح للباخرة بالوصول الى الهدف كانت خيارات لمنع هذا عنها. لكل واحد من الخيارات يوجد ثمن. كان يفترض بالباخرة ان تمر في قناة السويس التي تحت السيطرة المصرية. وعلى الرغم من ميثاق قشطة في 1888 الذي يحدد القناة كممر بحري مفتوح، في ايام السلام مثلما في ايام الحرب، يمكن لمصر أن تؤخر عبور السفينة الايرانية، بكل انواع المعاذير. من جهة، مصر تريد أن تساعد لبنان في التغلب على الازمة الحادة ومن جهة اخرى هي معنية بان تمنع عن ايران موطيء قدم في لبنان.  هذا شجعها على ان تعقد صفقة مع الاردن وسوريا لنقل الوقود والكهرباء من مصر الى لبنان. كان يمكن للولايات المتحدة أن تنفذ خيار العقوبات، ان توقف السفينة وتصادر محتواها بدعوى ان ايران خرقت العقوبات. يوجد ايضا رد اسرائيل، التي برأيي ستمتنع عن  مواجهة مباشرة مع ايران وحزب الله. لقد توصل نصرالله  الى الاستنتاج بان خيارات منع وصول السفينة الى هدفها هي ذات احتمال متدن. 

بالفعل، وصلت السفينة في  الايام الاخيرة دون عراقيل الى ميناء طرطوس في سوريا، وستنقل عمولتها الى نصرالله وليس الى حكومة لبنان. خدعة نصرالله نجحت. فقد ثبت حقيقة، واحد في داخل لبنان او خارجه لم يمنعه من ذلك. انزال الايدي الذي  مارسه نصرالله بالهام ايراني، وبتأييد هاديء من الرئيس اللبناني يعزز أكثر فأكثر سيطرة حزب الله ويضعف كل الباقين. الان، حين ستبيع مصر، بتشجيع امريكي وموافقة سورية، الطاقة اللازمة للبنان، لا تعود حاجة الى السخاء الوهمي من جانب نصرالله ولا الى ازدواجية ايران الاخلاقية. فالدول التي توجد على مسار ابحار السفينة يمكنها الان ان تمنع عبور سفن اخرى. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى