ترجمات عبرية

معاريف– بقلم ألن بيكر – يا له من عبث

معاريف– بقلم  ألن بيكر – 14/2/2021

لما كانت لا توجد دولة فلسطينية ذات سيادة، ولما كانت لا توجد ارض فلسطينية يمكن للمحكمة ان تبسط عليها صلاحياتها القضائية كان من الافضل، وفقا لكل منطق قضائي أن ترد حجج المدعية العامة “.

من المأساوية والمفارقة أن تصبح دولة اسرائيل، التي هي من الاباء المؤسسين لفكرة اقامة محكمة جنايات دولة مستقلة إثر الفضائع التي لا يمكن تصورها والتي نفذت ضد الشعب اليهودي في الكارثة، ان تصبح الان هدفا لمحكمة الجنايات الدولية ذاتها. المفارقة هي انه كاحدى الدول الرائدة التي كانت مشاركة بشكل فاعل، منذ البداية، في المفاوضات وفي صياغة الوثيقة التأسيسية لمحكمة الجنايات الدولية، تجد اسرائيل نفسها الان متهمة من قبل المحكمة على اساس تلاعب سياسي فلسطيني.

ما كان مقررا لان يكون جسما مستقلا يحاسب مرتكبي جرائم الحرب الخطيرة والفظيعة ومعاقبتهم –  اجتاز الان تلاعبا سياسيا ضد اسرائيل، الدولة الوحيدة التي عملت منذ بداية الخمسينيات بشكل ثابت على اقامة مثل هذا الجسم.  

وتبدو المفارقة واضحة اكثر في ضوء الشقلبات القانونية للمدعية العامة للمحكمة ولجزء من قضاة الهيئة، الذين يصرون على اضفاء مزايا دولة وسيادة لسلطة فلسطينية وهي بشكل واضح ووفقا لكل المعايير الدولية ليست دولة وليست كيانا سياسيا. ليس لهذا الكيان أي أرض سيادية وبالتالي وحتى حسب محكمة الجنايات الدولية لا يمكنه أن يكون تابعا لصلاحيات القضاء في المحكمة. ولهذا فانه ليس للفلسطينيين اي مكانة في المحكمة.

ما يبعث على الصدمة هي حقيقة أن المؤسسة القضائية الدولية الوحيدة التي خصصها مؤسسوها. مثلا تقرر في وثيقة تأسيسها، ان تكون “محكمة جنايات دولية مستقلة ودائمة… مع صلاحيات قضائية على الجرائم  الاخطر التي تشغل بال الاسرة الدولية بالعموم”، سمحت لنفسها بان تكون موضع مناورة من ناحية سياسية من قبل الفلسطينيين. ما كان مقررا أن يكون جسما قضائيا غير سياسي وبلا ضغوط ونفوذ سياسية، سمح لنفسه الان ان يصبح جسما آخر يستخدم لمناكفة اسرائيل، تحت تصرف جهات في الاسرة الدولية تتطلع لان تشكك بشرعية اسرائيل. وبعملها هذا، تمس المحكمة باستقامتها، بمصداقيتها، وبالبراءة التي ربما كانت لها.

العبث هو أن قرار المحكمة فتح تحقيق ضد اسرالئيل للاشتباه بارتكاب جرائم حرب لا يقوم الا على اساس قرار غير قضائي، بل كسياسي وغير ملزم، للجمعية العمومية للامم المتحدة للعام 2012 وبموجبه رفعت مكانة الممثلية الفلسطينية في الامم المتحدة الى دولة غير عضو/مراقب. ولما كان دستور المحكمة مفتوحا، فقط وحصريا للدول ذات السيادة، ولما كانت لا توجد دولة فلسطينية ذات سيادة، ولما كانت لا توجد ارض فلسطينية يمكن للمحكمة ان تبسط عليها صلاحياتها القضائية كان من الافضل، وفقا لكل منطق قضائي أن ترد حجج المدعية العامة.

في ضوء حقيقة ان مصير المناطق يوجد في مركز نزاع بين شعبين، كان من الافضل ان ترفض المحكمة حجج المدعية العامة والا تحاول ان تحسم مسبقا نتائج المفاوضات من خلال القول انه توجد دولة فلسطينية مع ارض فلسطينية ذات سيادة. انالتلاعب الذي نفذه الفلسطينيون بمعونة المحكمة الدولية، واستعداد الدولة لان تستغل لاهداف سياسية، هي نظرية مضادة لرؤيا ابائها المؤسسسين، الدول وخبراء القانون الدولي الذين كرسوا زمنا وجهدا كثيرا في اقامة جسم قضائي وموضوعي.

******

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى