معاريف: ايران تبنت حماس وفقدت حزب الله
معاريف 30-9-2024، آفي اشكنازي: ايران تبنت حماس وفقدت حزب الله
في هذه الاثناء تسير الأمور في الشمال وفقا للخطط التي بناها الجيش الإسرائيلي على مدى عقدين، وتستند الى مراحل لاجل إيقاع الهزيمة بحزب الله – أو تغيير الواقع في الشرق الأوسط وبناء نظام جديد في الغابة الإقليمية. الان ايران هي المفتاح للوضع الأمني هنا. عن تطلعاتها الامبريالية كتبت رسائل اكاديمية بلا حصر. ايران استثمرت جهدا كبيرا جدا ببناء حزب الله كأداة عسكرية كفيلة بان تهدد وجود إسرائيل، وفي مفهومها الأمني سعت لان تخلق في المنطقة ميزان رعب حيال إسرائيل، الدول العربية السنية وفوق الجميع – حيال الولايات المتحدة. فقد آمن بان ميزانا كهذا سيكون بوليصة تأمينها وسيسمح لها بان توسع وتصدر الثورة بل وان تصبح دولة نووية.
لقد كان خطأ ايران في أنها تبنت حماس والفلسطينيين الى جانبها. حتى اليوم كل من سار مع الفلسطينيين يدا بيد تضرر في النهاية: الأردن، لبنان، تونس – والقائمة لا تزال طويلة، طويلة.
كيف تضررت ايران من حماس؟ بقدر ما تتضح الأمور، فان حماس – سواء عملت باستقلالية في الهجمة في 7 أكتوبر ام قادت ايران ووكلائها الى مغامرة حيال إسرائيل في تلك الهجمة الاجرامية، أدت بأثر رجعي الى انهيار الخطة العلم لإيران. حماس لم تعد موجودة كقوة عسكرية، ومع المعالجة السليمة – ففي غضون وقت مسألة غزة كفيلة بان تنتهي.
بالنسبة للشمال، نال وزير الدفاع يوآف غالنت ورئيس الأركان هرتسي هليفي في السنة الماضية السهام اللاذعة من آلة السم. لكن بصمت وبمهنية بدا الجيش الإسرائيلي خطة المراحل للحرب في الشمال. وقد بنيت في ظل جمع المعلومات الاستخبارية على مدى السنين، خلق إجراءات تضليل، احابيل، قوة وفتكا. بدأ هذا في 30 تموز، بتصفية رئيس اركان حزب الله فؤاد شكر، وتواصل بشكل منهاجي بتصفية مخازن السلاح، تدمير المنصات وتصفية كل مستويات القيادة، مراكز المعلومات البشرية وكل المنظومات اللوجستية للمنظمة وللجهات العاملة مع حزب الله.
بعد ذلك جاء احباط هجوم حماس كعملية ثأر على تصفية فؤاد شكر. في حينه نزعت إسرائيل قدرات نارية من حزب الله. وكان الأثر المتراكم لعمليات سلاح الجو، قيادة المنطقة الشمالية وأذرع الجيش الإسرائيلي بدا يعطي مؤشراته الأولية. بدأ حزب الله يدخل في مزاج دفاعي في الساحة، محاولا صد ضربات إسرائيل. لكنه فعل ذلك بارتباك وتلقى يوما بعد يوم الضربات، كل مرة من جهة أخرى وغير متوقعة.
وجاءت الذروة في هجمة تفجيرات أجهزة البيجر المنسوبة لإسرائيل قبل نحو أسبوعين، تواصلت في سلسلة التصفيات لما تبقى من قيادة لحزب الله. وفي يوم الإربعاء الماضي – عندما دمر الجيش الإسرائيلي مقر استخبارات المنظمة وصفى مئة من رجال الاستخبارات، بينهم مسؤولون كبار وذوو معرفة مميزة.
في واقع الحال، بضربة واحدة اغشى عيون حزب الله. وعندها جاء يوم الجمعة في الساعة 18:28 مساء عندما القت طائرات F15I الى جانب طائرات قتالية أخرى عددا جما من القذائف الثقيلة على مقر قيادة حزب الله في بيروت ودمرته من فوق الأرض ومن تحت الأرض. زعيم حزب الله، الرجل الذي صمم المنظمة على شكله ارسل ليلتقي العذارى في الجحيم.
في الجيش الإسرائيلي لا يتأثرون باصوات الخلفية في المنطقة ويعملون بشكل هاديء، مرتب ومحسوب، وفقا لخطة المراحل. كل واحد في الجيش يعرف ما الذي سيفعله اليوم في الحرب، ماذا سيفعل غدا في الحرب وماذا سيفعل بعد ثلاثة وأربعة أيام.
صحيح، الحرب هي مملكة انعدام اليقين وفي الجيش يأخذون بالحسبان بانه لا بد ستقع نقاط خلل ما، نتائج لم تكن متوقعة ولا سمح الله أحداث باعثة على التحدي. لكن هذه هي المرة الأولى التي تدير فيها إسرائيل معركة حسب خطة منظمة ومرتبة، مع الكثير من تواضع القادة والمقاتلين.