ترجمات عبرية

معاريف: انقلاب في ايران فيه مخاطرة ولا ضمانة ان يكون الحكم الجديد ديمقراطيا

معاريف 17/6/2025، د. موشيه العاد: انقلاب في ايران فيه مخاطرة ولا ضمانة ان يكون الحكم الجديد ديمقراطيا

تتعاظم في إسرائيل أصوات سياسيين ومحافل أمن تدعو الى اعتماد تغيير نظام آيات الله كالهدف المركزي في حملة “شعب كاللبؤة”. تختار هذه الأصوات أن تتجاهل الواقع الاستراتيجي المعقد والثمن الباهظ الذي قد تجره خطوة كهذه. في الدبلوماسية الدولية فان كل تدخل خارجي يعد كانتهاك للسيادة ولحق المواطنين في أن يقرروا مصيرهم بأنفسهم. يدل التاريخ على أنه توجد غير قليل من النماذج على أن رغبة الغرب في اسقاط أنظمة دكتاتورية واستبدالها بحكم ديمقراطي غربي تبينت كخطأ.

روسيا ما بعد سقوط الاتحاد السوفياتي وفرت نموذجا أليما على فشل المحاولة الديمقراطية. فقد انتقلت الدولة في غضون وقت قصير من نظام شمولي الى نموذج ديمقراطي – ليبرالي، دون أن تكون الثقافة السياسية المحلية، المؤسسات او المجتمع المدني ناضجين لذلك. بالسرعة ذاتها التي سقط فيها السور الحديدي نهضت كطير الرماد دكتاتورية حديدية تحت الحكم المطلق لبوتين. مواطنون اعتادوا على مدى أجيال على حكم مركزي وموجه، اعتبروا الانتقال الى الديمقراطية كفوضى، وباستثناء شريحة مثقفة رقيقة عاد السكان بسهولة وبشكل طبيعي الى الحكم القمعي.

معمر القذافي حكم ليبيا نحو أربعة عقود اتبع فيها نظام شمولي شخصي. لم تجرى هناك انتخابات حرة، لم تكن صحافة حرة، والمؤسسات الحكومية خدمت الحاكم فقط. من جهة أخرى، مجالات عديدة، اقتصادية أساسا، دارت كالمعتاد. بعد قتل القذافي انهارت ليبيا في داخل نفسها. النظام انهار، مؤسسات الدولة لم تؤدي مهامها وبدأت حرب قبلية وميليشيات أدت الى فوضى مستمرة حتى اليوم.

ان الانتقال من الدكتاتورية والى الديمقراطية ليس فقط تغييرا في الحكم، بل تغيير في الثقافة، في التعليم، في الهوية القومية وفي المبنى الاجتماعي. واذا لم يجرِ الانتقال بالتدريج، في ظل دعم تعليمي، اقتصادي ومؤسساتي، يكون خطر حقيقي للانهيار او العودة الى الطغيان. نجاح انتقال كهذا يستوجب بنية مؤسساتية، قيادة موحدة، دعم دولي ذكي، وهو أساسا يحتاج الى الوقت. في بعض الحالات من الأفضل عدم المبادرة الى التغيير من خارج النظام لانه لا يمكنك ان تعرف ابدا ماذا ستكون طبيعة الحكم الجديد. في الزمن الجديد، في معظم الحالات التي كان التغيير فيها تم بشكل مفروض ومصطنع نشأ انعدام نظام وانعدام تحكم مركزي ونشبت نزاعات وأزمات اقتصادية.

من يفكر في إسرائيل باسقاط الجمهورية الإسلامية الإيرانية يرى امام ناظريه منظومات من التغييرات الإيجابية. أولا، اضعاف النظام المعادي لإسرائيل، للغرب وللدول السنية المعتدلة. التقدير السائد هو ان حكما جديدا كفيل بان يكون منفتحا اكثر على المفاوضات والاتفاقات الدولية في موضوع البرنامج النووي. معنى محتمل آخر هو ان مصلحة إسرائيل هي وقف الدعم الإيراني لمنظمات إرهاب كحزب الله، حماس والجهاد الإسلامي. نظام جديد في ايران كفيل بان يؤدي أيضا الى تحسين في حقوق الانسان، حرية التعبير، حرية الصحافة، حقوق النساء والمثليين وغيرها.

على أي حال، لا يوجد أي ثقة بنجاح الانقلاب. ينبغي الاخذ بالحسبان أيضا إمكانية أن يؤدي الانقلاب الى نتائج مختلفة جوهريا، إذ ان الانقلاب غير المنضبط قد يؤدي الى فوضى، مثلما حصل في العراق وفي سوريا. فضلا عن ذلك لا ضمانة في ان يكون الحكم الجديد ديمقراطيا او مؤيدا للغرب. يحتمل جدا أن حكما عسكريا، دكتاتورية جديدة او جماعات إسلامية متطرفة ستستولي على الحكم.

فضلا عن ذلك، فان جهات اجنبية قد تستغل الفراغ   كي تحقق مصالحها بشكل من شأنه أن يفاقم الوضع ويجعل ايران ساحة حرب غير مباشرة. الانقلاب كفيل أيضا بان يؤدي الى مواجهات عنيفة، تعطيل مؤسسات، جوع، مس بالبنى التحتية الحيوية وأزمة اقتصادية عسيرة في ايران – موردة النفط الخامسة في العالم، الامر الذي سيؤدي الى ارتفاع شاهق في أسعار الطاقة. الانقلاب من شأنه أن يفاقم وضع السكان في ايران في المدى القصير ويحتمل أيضا في المدى البعيد.

ان تشجيع انقلاب شعبي في ايران يمكنه أن يكون خطوة تحدث تغييرا دراماتيكيا في الشرق الأوسط لكنه يكمن فيه أيضا طيف واسع من المخاطر وانعدام اليقين. وعليه، فالغالبية الساحقة من دول الغرب تفضل ممارسة الضغط الدبلوماسي، الاقتصادي والنفسي والامتناع عن تشجيع الانقلاب المباشر.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى