معاريف: الخيار الاردني

معاريف – ميشكا بن دافيد – 29/12/2025 الخيار الاردني
يبدو أن في محادثات ترامب – نتنياهو لن يطرح اسم احدى الدول التي فيها بالذات تكمن إمكانية الخروج من العقدة في غزة وفي يهودا والسامرة: الأردن وخسارة.
في النصف الغربي من قطاع غزة تسيطر حماس، ولا توجد قوات اجنبية قادرة على أن تجردها وتحكم بدلا منها. في الضفة الغربية بيضت الحكومة مستوطنات ومزارع رعي تحبط الامكانية لاقامة دولة فلسطينية ذات تواصل إقليمي. هذا الواقع الى جانب التفاهمات في الحياة الإسرائيلية العامة حول مستوى الكراهية تجاهنا والرفض لقبول وجودنا في أوساط الفلسطينيين دحر فكرة إقامة دولة فلسطينية الى موعد مستقبلي غير محدد، حتى تحت ظروف التجريد، إعادة التعليم وما شابه، والتي من المشكوك فيه ان تتحقق.
ان سيطرة إسرائيل في المناطق التي تحتجزها تشبه اهون الشرور في الوضع الأصعب: في غزة ستقف إسرائيل امام ضغوط دولية وامام تعاظم قوة حماس واستئناف الحرب. في يهودا والسامرة استمرار الاحتلال معناه التصدي للارهاب، او الضم الذي سيخلق معاضل صعبة: مساواة حقوق للفلسطينيين الامر الذي سيحول دولة إسرائيل الى دولة ثنائية القومية بدلا من دولة يهودية – صهيونية، او عدم إعطاء حقوق متساوية للفلسطينيين الامر الذي سيجعلنا دولة أبرتهايد رسميا تنبذها اسرة الشعوب، مثل جنوب افريقيا في الماضي.
لهذا السبب بقيت المملكة الأردنية خارج الحوار. في الأردن تسيطر الاسرة المالكة الهاشمية على اغلبية فلسطينية. هذا من مخلفات الامبريالية البريطانية التي توجت أبناء الحسين، شريف مكة كحكام المناطق التي احتلتها بريطانيا من الامبراطوية العثمانية. في اعقاب حرب الاستقلال حكم الأردن أراضي الضفة الغربية حتى 1967 ومنح المواطنة الأردنية لسكانها الفلسطينيين. ورأى الملك حسين نفسه كسيد عرب الضفة حتى بعد حرب الأيام الستة. وفي 1982 اتفق مع عرفات على إقامة فيدرالية (وبعد ذلك كونفيدرالية بين الضفة والأردن، فيما يبقى الملك ملكا على المملكة الموحدة وجيشه يبقى جيشها. اما عرفات فلم يوقع في النهاية على الاتفاق.
يوجد مخرج من الوضع من خلال الأردن، بهذا الشكل: الأراضي التي تبقت للفلسطينيين (الجزء الغربي من قطاع غزة، واساس مناطق أ و ب في الضفة) تكون جيوبا تعود للمملكة الأردنية فيما تضم الأراضي التي تسيطر عليها إسرائيل بما فيها المستوطنات اليهودية الى اسرائيل. وكبديل، محتمل حكم مصري في الجيب الغزي. من ناحية إسرائيل، من الأفضل بالتأكيد حكم اردني، او مصري، أثبتا تصلبا تجاه الفلسطينيين وتمسكا باتفاقات السلام معنا. سيكون مطلوبا ضغط واغراءات للاردنيين او المصريين من هنا وللسلطة الفلسطينية من هناك، كي يوافقوا على حل الجيوب والانتماء للاردن او لمصر، لكن الترتيبات الأمنية، القوة الامريكية والقوة الاقتصادية للسعودية ودول الخليج كفيلة بالسماح لذلك. لعل إسرائيل ستكون مطالبة بتبادل للأراضي – وهذه ممكنة في النقب وفي المثلث.
جيوب عديدة لدولة واحدة في داخل دولة أخرى موجودة في العالم، في الغالب في اعقاب الحروب. هكذا مثلا كاليننغراد جيب روسي بين ليتا وبولندا، كانت في الماضي عاصمة بروسيا الشرقية. احتلها الجيش الأحمر في أواخر الحرب العالمية الثانية وابقتها روسيا في يديها بعد تفكك الاتحاد السوفياتي. تعد المدينة نحو نصف مليون نسمة روس في معظمهم، والمحافظة كمليون. ساوتا ومليا هما جيبان محاطان باسيجة اسبانية في شمال المغرب تدعي المغرب السيادة عليهما. توجد جيوب تعود لسويسرا في نطاق النمسا، المانيا وإيطاليا. والجيوب لهذه البلدان في نطاق سويسرا. توجد جيوب عديدة في باقي ارجاء العالم: لاذربيجان في أرمينيا، لاذربيجان في كرجستان، لتجكستان في اوزباكستان. مكانة الـ 111 جيب هندي في نطاق بنغلادش و 51 جيب بنغلادشي في نطاق الهند، نتيجة للتقسيم البريطاني حلت مؤخرا حقا: لسكانها أتيح
الاختيار بين مواطنة دولة الام وبين مواطنة الدولة القومية. هذا يمكن أن يكون في المستقبل حلا للجيوب، بل وللكانتونات العربية في إسرائيل، اذا تقرر تبني مثل هذا الحل للتجمعات العربية.
مركز الناطور للدراسات والابحاثFacebook



