معاريف: الحكومة مستعدة لاغلاق الجبهة الشمالية، بدون نصر مطلق، بينما تصر على ابقاء الجبهة الجنوبية
معاريف 26/11/2024، بن كسبيت: الحكومة مستعدة لاغلاق الجبهة الشمالية، بدون نصر مطلق، بينما تصر على ابقاء الجبهة الجنوبية
بأي قدرٍ يريد بنيامين نتنياهو هذا الاتفاق كان يمكن أن نفهم هذا الصباح حين اندفعت أبواقه دفعة واحدة بصخب التشجيع، التفسير، التحليل والمقالات المنمقة عن “فضائل الاتفاق”.
بعد الظهر غرد أحد المراسلين السياسيين عن معارضة شديدة في الجناح اليميني من الائتلاف لـ “اتفاق ديرمر”. أتفهمون؟ صحيح حتى الان، الى أن تتضح الصورة، فان هذا “اتفاق ديرمر”. حذار أن يذكر نتنياهو. هذا سيكون اتفاق نتنياهو، في اللحظة التي نكون فيها واثقين من أنه نجح.
واذا لم ينجح الاتفاق لا سمح الله؟ إذن سجلوا: انه ديرمر. رون ديرمر. اذا كان الفشل ذريعا، فترقبوا عنوانا في القناة 14 في الصيغة التالية: “ديرمر اخفى عن نتنياهو بنودا في الاتفاق”.
وثمة بين الابواق ما هو صافٍ، من أولئك غير المستعدين لان يأخذوا المخاطرة اذا كان الاتفاق سينجح ام سيفشل ويبسطون مظلة الدفاع منذ الان. يعقوب بردوغو هو ادناهم. فقد ادعى امس بحماسة بان الاتفاق تحقق بسبب ضغط رئيس الأركان. انه هرتسي. وليس بيبي. فقد اقال بيبي يوآف غالنت بدعوى أنه انهزامي وانبطاحي ويريد أن يوقف الحرب في لبنان. أتذكرون؟ هذا حصل قبل أسبوعين. وها هو، اقال غالنت وعلى الفور يوقع على اتفاق. إذن ها هو، هرتسي هليفي هو الذي يسحب بيبي من الانف.
مسكين بيبي. كيف يصمد امام كل هذا؟ فهو يريد فقط أن يفعل الخير. يريد أن يصل الى بيروت، ان يفكك حزب الله، ان يهود مجلس الشورى وان يرفع علم لا فاميليا في الضاحية. لكن “هم” الذين لا يسمحون له. فعل الشيطان، دوما يوجد من يضغط عليه، يخفي عنه، يقصيه، لا يوقظه، لا يطلعه، لا يشد طرف لباسه او يضلله. دوما. الا اذا كان الحديث يدور عن نجاح.
لا حاجة لكثير من الخيال كي نعرف ماذا سيحصل اذا كان جاء بهذا الاتفاق، لا سمح الله، يئير لبيد أو، والمعاذ بالله، نفتالي بينيت. في “قائمة الفضائل” التي لا تنتهي والتي نشرها امس يانون مغيل كانت ستتغير فقط كلمة واحدة – فضائل – وتستبدل بـنواقص.
من أين اعرف؟ أولا لان هذا بالضبط ما صرخوا به على اتفاق جيد اكثر بكثير، وقعت عليه حكومة بينيت – لبيد، اتفاق الغاز مع لبنان. اتفاق في سطره الأخير لم تسلم إسرائيل شيئا ولم تتنازل عن أي شيء. المساحة البحرية التي تلقاها لبنان تبينت بانها نظيفة تماما من الغاز الطبيعي. مياه بحر ليس الا. المساحة التي اعترف بها لبنان بسيادة إسرائيلية مليئة بحقول الغاز الطبيعي بملكيتنا. ربح صافٍ. وعلى هذا الاتفاق صرخوا، صرخوا وتلفظوا بالهراء لسنتين. عادوا الى الحكم – ولم يلمسوه. لم يلغوه. لم يعيدوا النظر. لم يفعلوا شيا، للسبب البسيط: هم أيضا يعرفون بان الاتفاق جيد.
السبب الثاني الذي يجعلني اؤمن بان نتنياهو كان سيتهجم على هذا الاتفاق بعصف شديد لو كان في المعارضة هو انه يوجد فيه حقا غير قليل من النواقص: لا توجد منطقة فاصلة تضمن سلامة وامن مواطني الشمال؛ كل سكان القرى في جنوب لبنان يعودون الى بيوتهم، بعض منهم أناس حزب الله. هم سيعودون الى بيوتهم مع حزب الله؛ بند الانفاذ من قبل الجيش الإسرائيلي لا يوجد في الاتفاق. هو موجود في نوع من التوافق الجانبي مع الأمريكيين. احد لا يعرف كيف سيحصل هذا على الأرض؛ الاتفاق يقوم على أساس انفاذ الجيش اللبناني. كل من يعرف الجيش اللبناني ويفهم الوضع في لبنان، يعرف ان هذه نكتة. وهكذا دواليك.
وعليه فاني اعرف بان نتنياهو كان سيمزق اربا هذا الاتفاق لو كان في المعارضة. ابواقه كانت ستشعل الشوارع. غير أنه الان هو رئيس الوزراء.
بين الخيارات التي تقف امامها إسرائيل، فان الاتفاق هو الخيار الأقل سوء. انا افهم ألم وقلق سكان الشمال. هم الذين دفعوا الثمن حتى الان وهم الذين سيدفعون الثمن، اذا كان كهذا، في المستقبل أيضا. اليوم أيضا، رغم الاقوال والوعود، فان المساعدة الموعودة لهم لا تأتي. جهاز التعليم لديهم معطل تماما منذ أسبوع، حتى في البلدات التي لم تخلى. لجنة التعليم في الكنيست تعنى هذا الأسبوع بتخليد الحاخام دروكمان وتخليد الحاخام عوفاديا. سكان الشمال تُركوا لمصيرهم.
غير أنه على المستوى الاستراتيجي، الاتفاق حيوي. إسرائيل حققت في هذه الحرب إنجازات هائلة، لا توصف. ما كان احد ليحلم بها قبل بدء الحرب. حزب الله اهين حتى التراب. ضرب بصدمة على الركبة، فقد كل كبار مسؤوليه، كل سلسلة القيادة العليا، سلسلة القيادة العملياتية والقيادة الصغرى. 3 الاف مخرب قتلوا. البنى التحتية لاجتياح إسرائيل دمرت. قسم هام من مخزون الصواريخ دمر. قدرة الاطلاق تضررت بشدة. الضاحية مدمرة. مجلس الشورى ونصرالله اطلقوا الى السماء. القدرات الاستراتيجية سُحبت وهكذا دواليك.
من هنا لاحقا كان يمكن فقط النزول. الشتاء على الأبواب. المراوحة اللبنانية معروفة لنا جيدا. ايران لا تزال جبهة مفتوحة. النووي لا يزال هناك. يوجد 101 مخطوفا في غزة. الجيش تعب ومتآكل. النظاميون تعبون، الاحتياط ممزقون، هناك حاجة للانتظام، للراحة، للتسلح ولاغلاق جبهات مفتوحة لاجل التركيز على الامر الحقيقي.
ما لا يمكن تفسيره هو حقيقة أن حكومة اليمين على المليء مستعدة لان تغلق الجبهة الشمالية، التي يوجد فيها العدو القوي حقا، بدون ترتيبات امنية حقيقية، بدون منطقة فاصلة وبدون نصر مطلق، بينما الجبهة الجنوبية التي توجد في وضع افضل بكثير مع عدو اضعف بكثير – هذه الجبهة تصر الحكومة على ابقائها.
حسنا، هذا ليس سرا: بن غفير وسموتريش لن يسقطا الحكومة على الاتفاق مع حزب الله، لكنهما سيسقطان الحكومة على اتفاق مع حماس. هذه الحقيقة المريرة، غير المفهومة، الرهيبة جدا، الحقيقة التي تفرغ يهوديتنا من المضمون وتتعارض مع كل القيم التي قامت عليها إسرائيل.