ترجمات عبرية

معاريف: الحرب ضد ايران سبقتها حملات التضليل بتعاون من الولايات المتحدة

معاريف 17/6/2025، زلمان شوفال: الحرب ضد ايران سبقتها حملات التضليل بتعاون من الولايات المتحدة

 “في الاحابيل اجعل لك حربا”، قيل في سفر مشلي. بالطبع ليس فقط بالاحابيل، بل وأيضا بالقوة لكن الاحابيل، المناورات، كانت جزءا من كل حرب لإسرائيل منذ الازل. وليس فقط إسرائيل. وكما كتب في حينه الحكيم الصيني سون تاسو، “كل حرب تقف على التضليل” – تضليل في اثناء الحرب واحيانا في أوضاع سابقة لها.

عندما بعث رئيس الأركان موشيه دايان عشية حملة سيناء طابور دبابات نحو الأردن، كان الهدف هو خلق انطباع بان إسرائيل توشك على مهاجمة الأردن بسبب دوره في عمليات الفدائيين الذين يأتون من أراضيه. وهذا، حين كان القرار الحقيقي ومهاجمة المصريين في سيناء – وفعلت المناورة فعلها ليس فقط تجاه المصريين غير الجاهزين، بل في بضع وزارات خارجية اجنبية، بما فيها الولايات المتحدة.

المعركة الحالية لإسرائيل ضد ايران سبقتها جملة كاملة من حملات التضليل والخداع، بتعاون (نشط أحيانا، وغير مقصود في أحيان أخرى) من الولايات المتحدة. وكان الهدف إبقاء نظام آيات الله في انعدام يقين بشأن النوايا الإسرائيلية، وكنتيجة لذلك، في انعدام جاهزية لها. الرسائل من البيت الأبيض كانت مشوشة ومتضاربة: الرئيس ترامب قال انه كان على علم لكن ليس بالتفاصيل، واعلن انه لن يعطي ضوء اخضر لعملية اسرائيلية ضد منشآت النووي الإيراني، مشددا على وجوب استنفاد المفاوضات مع طهران على اتفاق نووي جديد. بل اعلن عن موعد لقاء آخر مع المندوبين الإيرانيين. كل هذا كان يمكن تفسيره كمحاولة لدق العصي في دواليب آلة الحرب الإسرائيلية. وكأنه لاجل زيادة الغموض أضاف ترامب بان “هجوما إسرائيليا محتملا لكن ليس بشكل فوري”.

لصرف الانتباه ارسل الوزير رون ديرمر ورئيس الموساد دافيد برنياع لمحادثات مع المبعوث ويتكوف في مواضيع مختلفة كالمخطوفين والحرب في غزة. تغيب رئيس الورزاء عن مداولات الكنيست في موضوع قانون التجنيد وتقصير شهادته في محاكمته (لاسباب صحية) وربما أيضا العرس موضع الحديث في عائلة نتنياهو والبيان عن نقل ثلاث فرق الى غزة استهدفت المساهمة لحملة التضليل.

ليس واضحا باي قدر ساهمت خطوات التمويه هذه، المخطط لها والاقل تخطيطا، في تشويش الإيرانيين والفوضى في جاهزيتهم – ولكنها انطلت على قسم من السياسيين ووسائل الاعلام في إسرائيل.

مراسلون في عدة صحف و”خبراء” في قنوات التلفزيون خرجوا حقا عن صوابهم فيما كانت الطائرات على مسار انطلاقها، كي “يشرحوا” لماذا هي عملية إسرائيلية ضد ايران غير محتملة، فما بالك انها غير محتملة بدون تعاون نشط من الأمريكيين. وعرضوا سواء القرار بالهجوم ام القرار بعدم الهجوم كـ “فشل سياسي آخر لنتنياهو”. وملأ الكاس رئيس الديمقراطيين يئير غولان حين تناول إمكانية الهجوم بقوله انه لا يثق بملمتر بنتنياهو”.

هامة اكثر ستكون ردود الفعل الرسمية وغير الرسمية على الهجوم الإسرائيلي في السعودية وفي دول عربية أخرى. هذه الدول تحركت مؤخرا بين الخوف الأساسي من ايران ومن دونها وبين الرغبة في تهدئة التوتر معها تجاه الخارج على الأقل ومنع اشتعال إقليمي. ينبغي الافتراض بانه باستثناء قطر التي ستلعب كالمعتاد لعبة مزدوجة مع ميل لإيران، فان حكام هذه الدول سيكونون راضين عن العملية الإسرائيلية، لكن لاسباب مختلفة، داخلية وغيرها سيمتنعون عن التعبير عن ذلك. وبالتالي من المهم ان نرى في الأيام القريبة القادمة كيف سيعقب صحافيون ومحللون عرب، واساسا سعوديون، كفيلون بان يعطوا صدى لمواقف حكوماتهم دون أن يكونوا متماثلين معها رسميا. احدى المسائل المركزية ستكون الان كم ستقرب حملة شعب كاللبؤة اندماج إسرائيل في نظام شرق اوسطي جديد، اذا كانت ستندمج أصلا. الامر منوط بقدر كبير بالموقف الذي ستتخذه في الأسابيع القريبة القادمة إدارة ترامب بالافعال، وليس فقط بالاقوال. مادة للتفكير: بينما في هجمة الصواريخ الإيرانية السابقة، تجندت إدارة بايدن للمساعدة في جهود الاعتراض الإسرائيلية، جلست إدارة ترامب هذه المرة على الجدار، حتى الان على الأقل.

بالنسبة لإسرائيل فان التخطيط الأعلى والأداء في كل القيادات والمستويات كانت عبقرية حقا، وستضيف مكانة دولية لقدرات الدولة العسكرية والتكنولوجية. لكن المعركة لم تنتهي بعد، ومثلما في كل معركة عسكرية، في نهايتها تكون معركة سياسية بوسعها أن تثبت وتبطن الإنجازات، لكن ان تقوضها أيضا. هذه ستكون ساعة الاختبار الكبرى للدبلوماسية الإسرائيلية.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى