ترجمات عبرية

معاريف: الأيام القادمة حبلى بالتصعيد في الضفة الغربية

معاريف 2023-02-11، بقلم: تل ليف رام: الأيام القادمة حبلى بالتصعيد في الضفة الغربية

رسالة رئيس الـ CIA بشأن التخوف من اندلاع انتفاضة ثالثة هي أيضا رسالة جهاز الأمن للحكومة بأننا نقترب من تصعيد أمني دراماتيكي في الضفة الغربية. سجل الأسبوع الأخير خطاً براغماتياً ومعتدلاً لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع، يوآف غالنت، في محاولة لتفكيك ألغام ومحاولة وقف ميول التصعيد. من على يمينهما أيضا “الصهيونية الدينية” و”قوة يهودية”، حيث طلب من الوزراء السير على الخط. تأجل إخلاء الخان الأحمر، وأدارت مصلحة السجون رغم الإعلانات حوارا للتسوية مع قادة السجناء الأمنيين في السجون، ولم تخلَ عمارات في شرقي القدس.

أو بكلمات أخرى، اتخذت الحكومة الحالية سلسلة أعمال لتهدئة المنطقة لو أنها وقعت في عهد الحكومة السابقة لنالت شجبا حادا من وزراء الائتلاف الحالي. ومع ذلك لا نوصي بالمسارعة للإعلان بأن سموتريتش وبن غفير تراجعا قليلا إلى الوراء.

المصاعب الجوهرية في تنفيذ الاتفاقات الائتلافية بالنسبة لصلاحيات بتسلئيل سموتريتش بشأن الإدارة المدنية وأساسا رسالة الأميركيين الواضحة بأنهم لن يبدوا تسامحا مع أعمال إسرائيلية من طرف واحد، بينها بناء جديد في الضفة الغربية، تبشر منذ الآن بالمتفجرات السياسية التي على الطريق.

تلوح مسألة البناء في الضفة الغربية وتوسيع المستوطنات كلغم مركزي لنتنياهو، في شكل تورط مع الأميركيين أو تهديد استقرار ائتلافه. تجاه الأميركيين يسعى نتنياهو ليوضح بأنه لا تغيير في السلوك وفي السياسة الإسرائيلية في الضفة الغربيةبينما تجاه الوزراء من اليمين يتعهد بالتغييرات التي وعد بها في الاتفاقات معهم. يتعين عليه أن يتراجع عن وعد واحد أو عن اثنين.

في الضفة الغربية أيام ما بعد أبو مازن باتت هنا. مقابل وليم بيرنز، رئيس الـ CIA الذي قال في خطاب في جامعة جورج تاون، إن الوضع المتوتر في الميدان يذكره بعشية الانتفاضة الثانية، في جهاز الأمن لا يتحدثون بعد عن مفاهيم انتفاضة ثالثة، لكنهم يتبنون موقفا مشابها لأن احتمال تصعيد دراماتيكي آخر في الميدان أعلى بكثير مما كان في السنوات الماضية. مع حلول رمضان، الذي يأتي في نهاية الشهر القادم، في قيادة الجيش يعتقدون بأنه في هذه المرة زاوية الدخول إلى الشهر المتوتر هذه السنة حادة وخطيرة على نحو خاص.

بيرنز، فضلا عن منصبه الرسمي، يعتبر في نظر كبار رجالات جهاز الأمن عندنا رجلاً مهنياً من الدرجة الأولى، وذا تجربة ومعرفة كبيرة في كل ما يتعلق بالشرق الأوسط، إسرائيل والفلسطينيين. إضافة إلى منصبه في الماضي سفيراً للولايات المتحدة في الأردن، تولى بيرنز منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط في الإدارة الأميركية.

لم يأتِ خطاب بيرنز فقط لغرض محاضرة ثقافية في جامعة وإبداء معرفة في موضوع الشرق الأوسط. يبدو أن هذه رسالة حادة اختار الأميركيون أن ينقلها علنا قبل كل شيء للحكومة في إسرائيل، وربما أيضا للفلسطينيين، بشأن الاقتراب من حافة الهوة، مواجهة عنيفة سيكون من الصعب جدا التراجع عنها. لم يصدر قول حاد كهذا، يكاد يتوقع نشوب انتفاضة أخرى في الضفة الغربية، عن أي مسؤول أميركي منذ سنوات عديدة، وبالتأكيد ليس في هذا الشكل الحاد.

بلور بيرنز صورة الوضع لديه بعد اللقاءات التي أجراها هنا في البلاد. في قيادة المنطقة الوسطى، وفي الجيش، وفي “الشاباك” اللغة مختلفة. ومصطلح انتفاضة ثالثة كما أسلفنا ليس منتشرا. بقدر كبير يقترب بيرنز جدا في مواقفه من مسؤولي جهاز الأمن، حيث بنى رئيس الـ CIA أقواله بقدر كبير على أساس الاستعراضات والمحادثات التي أدارها هنا مع كبار رجالات منظومة الأمن.

بين السطور، الرسالة الأميركية واضحة، وقد قيلت في اللقاءات التي أجراها رجال أساسيون في الإدارة الأميركية في المحادثات التي أداروها هنا أيضا مع رئيس الوزراء ووزير الدفاع. فتوثيق التعاون، ومعركة مشتركة ضد ايران، وسلام مع السعودية لا يمكنها معاً أن توجد مع تصعيد كبير في الضفة الغربية وانعدام رضا أميركي عن السياسة الإسرائيلية في الضفة الغربية.

إن تأجيل إخلاء الخان الأحمر، وكبح نوايا بن غفير لإخلاء المبنى غير القانوني في وادي قدوم في حي سلوان في شرقي القدس، والحوار والتوافقات التي تحققت – رغم الإعلانات عندنا – بين مصلحة السجون وقادة السجناء الأمنيين في السجون في إسرائيل، تجسد الفهم الإسرائيلي للموقف الأميركي الذي يطالب بسياسة براغماتية ومعتدلة لا تختلف جوهريا عن السياسة التي أدارتها الحكومة السابقة، والتي انتقدها رئيس الوزراء بشدة.

أربعة عوامل مركزية

بعد أسابيع أملى فيها سلوك محرر للوزراء في الحكومة جدول الأعمال وسخن الجبهات، تمثل هذا الأسبوع بمحاولة تجاه الخارج على الأقل لتقليص فوارق الجدال في داخل الحكومة والاجتماع عند السياسة التي يسعى رئيس الوزراء لأن يتخذها في المجال السياسي الأمني. كل هذا صحيح حتى الأزمة التالية التي ستنشب حول موضوع البناء في المستوطنات.

من النشر في صحيفة “هآرتس”، هذا الأسبوع، يتضح أن وزير المالية طلب من رؤساء مجلس “يشع” للمستوطنين أن يعملوا في مواقعهم كي لا تقام بؤر استيطانية غير قانونية جديدة. بالمقابل، أوضح في بداية جلسة كتلته بأن الحكومة ملتزمة بتسوية الاستيطان وتنميته وإقامة مستوطنات جديدة. سيصعب توفير هذا على نتنياهو في وجه الضغط الأميركي الذي يطالب بالامتناع عن خطوات من طرف واحد.

هذا توتر دائم سيتعين على الحكومة في السنوات القادمة أن تتصدى له. قرارات لجنة التخطيط العليا في كل ما يتعلق بالبناء في المستوطنات تصل دوما للقرار السياسي الأعلى، والى بحث حتى مع جهات رسمية في الولايات المتحدة. هذا التوتر حلته الحكومة السابقة في أنه إلى جانب البناء في المستوطنات اليهودية أقرت بناءً فلسطينيا في المناطق “ج”.

أما نتنياهو، كما هو من المعقول الافتراض، فلن يجمد البناء في الضفة الغربية، مثلما فعل في الماضي إبان إدارة أوباما، وهذه الرسالة نقلها للأميركيين. بالمقابل، في ضوء صلاحيات الإدارة المدنية التي لم تنقل بعد إلى سموتريتش وتوجد صعوبة حقيقية في تحقيقها، فإن الأزمة السياسية التالية باتت على الأبواب. في هذا الموضوع أيضا من الواضح أن رئيس الوزراء لا يمكنه أن يفي بشكل كامل بالتعهدات التي قطعها على سموتريتش، حتى لو توفرت قريبا آلية تزيد تدخل رئيس الوزراء في إقرار مسائل مختلفة تتعلق بالإدارة المدنية، كنوع من المحّكم الأخير بين غالنت وسموتريتش.

في هذا الواقع، حتى دون تصعيد إضافي في الساحة الفلسطينية، فإن نقطة الضعف المركزية لحكومة نتنياهو في الجانب الأمني قد تكون عدم انعدام سموتريتش للمساومة على مبادئه الأيديولوجية وإصراره على تنفيذ كل الوعود التي قطعت له عند التوقيع على الاتفاق الائتلافي.

أربعة عوامل مركزية تشكل بشكل تقليدي محفزات للتصعيد في جهاز الأمن: الأول هو عدد قتلى عال في الجانب الفلسطيني؛ والثاني هو الصراعات على الأراضي في المنطقة “ج”؛ والثالث السجناء الأمنيون؛ والرابع التوتر في الحرم. بكل المقاييس يشخص جهاز الأمن ميولا سلبية تؤثر على الميدان.

منذ بداية السنة، يحصي الفلسطينيون 39 قتيلا. من ناحية إسرائيل، الأغلبية الساحقة من القتلى هم “مخربون” نفذوا عمليات، أو قتلوا في تبادل لإطلاق النار مع قوات الجيش في مخيمات اللاجئين. أما من ناحية الفلسطينيين، فالرواية بالطبع مختلفة وعندما تكون الأعداد بهذا القدر، فثمة ما يمكن أن نتعرف من خلاله على الوضع في الميدان.

لغرض المقايسة، في السنة الماضية، التي هي الأخرى كانت شاذة، قتل 160 فلسطينيا. أما المعطيات منذ بداية السنة فتكاد تكون مضاعفة، وتبلغ بالمتوسط قتيلا فلسطينيا في اليوم. معظم الفلسطينيين قتلوا أثناء أعمال للجيش في مخيمات اللاجئين. في هذا الشأن أوضحت أوساط إسرائيلية للأميركيين بأنه لن تكون هناك مساومة، وان ضعف السلطة وأجهزة الأمن يستوجب من الجيش العمل في مخيمات اللاجئين.

كل حدث شاذ مع قتلى كثيرين يعد في جهاز الأمن محفزاً لزيادة الدافع للثأر وتنفيذ عمليات. بعد ساعات فقط من تصفية المقاتلين في مخيم عقبة جبر، قرب أريحا، وقع انفجار في سيارة في مخيم جنين. هوية النشطاء الذين ينتمون على ما يبدو لـ”حماس”، لا تدع مجالا للشك في جهاز الأمن بأن هذه حادثة عمل خلال تركيب سيارة متفجرة قد تكون معدة للثأر على تصفية نشطاء التنظيم.

في جهاز الأمن، يقدرون بأن “حماس” ستحاول تنفيذ عمليات ثأر في الضفة أو في أراضي إسرائيل. رغم العدد العالي للقتلى في صفوف التنظيم لم تطلق صواريخ من القطاع. لم يكن هذا مفاجئا كون التصعيد في الضفة يخدم أهداف “حماس” ضد إسرائيل وضد السلطة الفلسطينية، بينما مكانة “حماس” بين الجمهور الفلسطيني في الضفة في ارتفاع بعد حملة “حارس الأسوار” في غزة.

من ناحية قيادة “حماس” هذا هو دور الضفة لتتصدر مقاومة إسرائيل والانتفاضة الشعبية. إلى هناك توجه قيادة “حماس” جهود التحريض في الشبكات الاجتماعية وفي تخطيط العمليات . في “حماس” يفضلون المواجهة العسكرية الأخرى في غزة إذا ما وقعت ألا تقع إلا بعد أن تشتعل الأرض في الضفة الغربية، وفي شرقي القدس، وفي المدن المختلطة في إسرائيل.

إيجاد التوازنات

أمام ميل التصعيد المتعاظم، سيواصل الجيش العمل في مخيمات اللاجئين، وهذا قيل أيضا للأميركيين. ومع ذلك في المسائل الحساسة الأخرى، ومنها الحرم، مناطق “ج”، والسجناء، يسعى جهاز الأمن ليخفض مستوى التوتر، وألا يشعل نيرانا أخرى مثلما فعل الوزير بن غفير عدة مرات في شرقي القدس وفي السجون الأمنية، بالذات في ذروة توتر أمني.

تحت السطح، يعتمل غضب الشباب الفلسطيني ممن لا يثقون بقيادة السلطة، ويعتقدون أنه يجب العودة إلى انتفاضة عنيفة. والى هذا ينبغي أن تضاف القطيعة المطلقة في المستوى السياسي بين القدس ورام الله والتنسيق الأمني الجاري بشكل جزئي جدا من تحت السطح. هذا الخليط المتفجر من شأنه أن يعبر عن نفسه في رمضان القريب، سواء أكان بعمليات أم بانتفاضة شعبية، وان كان صحيحا حتى الآن أن الجمهور الفلسطيني لا يخرج إلى الشوارع.

في جهاز الأمن، بما في ذلك الوزير نفسه، يحاولون إيجاد التوازنات في هذه المتاهة لأجل تخفيض مستوى الضغوط وتحرير صمامات الضغط الاقتصادية قدر الإمكان. ولكن عندما تكون بين إسرائيل والسلطة قطيعة مطلقة تصبح هذه المهمة معقدة على نحو خاص. عندما لا يكون هناك حوار بين الطرفين، وعلى الأقل رسميا لا تكون علاقات عمل، فإن الأدوات التي لدى جهاز الأمن في محاولة تخفيض التوتر تكون محدودة جدا ومن هنا أيضا تأتي التقديرات المتشائمة.

من المهم الإشارة إلى أنه على مدى السنين يحذر جهاز الأمن من وضع آخذ بالتدهور في الضفة الغربية. فترة الأعياد، رمضان، والفصح لليهود تعد على نحو شبه دائم نقطة اختبار للاستقرار الأمني. مثلما في كل سنة، يصلون في جهاز الأمن لتمر هذه الفترة بهدوء نسبي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى