معاريف: الأردن كساحة معركة اضافية
معاريف 11/9/2024، د. شاي هار تسفي: الأردن كساحة معركة اضافية
العملية النكراء في معبر اللنبي التي قتل فيها ثلاثة مواطنين إسرائيليين على أيدي مواطن اردني، تجسد بالشكل الأكثر مأساوية تعقيدات العلاقات بين إسرائيل والمملكة الأردنية الهاشمية، وشدة التحديات التي يضطر الملك عبدالله الثاني التصدي لها في الساحة الداخلية.
يحتمل ان تكون حقيقة ان عملية القتل نفذها ابن عشيرة الحويطات من محافظة معان في جنوب المملكة ستشدد أكثر فأكثر تعقيدات معالجة الملك للعملية.
منذ نشوب حرب السيوف الحديدية طرأ ارتفاع ذو مغزى في العداء تجاه إسرائيل في أوساط الجمهور الأردني. وقد وجد الامر تعبيره في المظاهرات العديدة التي عقدت في العاصمة عمان، القسم الأكبر منها بجوار السفارة الإسرائيلية. مظاهر الفرح التي بدت في عمان في اعقاب القتل تعكس مشاعر العداء العميقة تجاه إسرائيل. وحقيقة أنه احتاجت وزارة الخارجية الأردنية ساعات عديدة كي تنشر بيان شجب للعملية، وحتى هذا بلغة خفيفة، تعكس هي أيضا الموقف تجاه إسرائيل في هذا الوقت.
من يحاول استغلال الوضع الداخلي المعقد في المملكة هي ايران التي تشخص منذ سنين عديدة الأردن كالحلقة الضعيفة في معسكر السلام العربي. لقد كان الملك الأردني عبدالله هو الذي خط قبل نحو عقدين اصطلاح “الهلال الشيعي” بهدف التحذير من المخاطر الكامنة في مساعي ايران لتوسيع نفوذها في ارجاء الشرق الأوسط. في السنة الماضية يبدو ارتفاع درجة في المساعي من جانب ايران لتقويض الاستقرار الداخلي في الأردن وذلك من خلال استغلال حقيقة أنه حسب التقديرات المختلفة، اكثر من 50 في المئة من سكان المملكة، الذين يعدون اليوم نحو 11 مليون نسمة، هم من اصل فلسطيني ولاجئون من سوريا ومن العراق ممن هاجروا اليه في العقدين الأخيرين.
لقد احتدم التوتر بين الأردن وايران في الأشهر الأخيرة، في اعقاب ما اعتبر في طهران كمساعدة اردنية لإسرائيل في صد هجمة الصواريخ والمسيرات في نيسان الماضي. ليس عبثا ان أجرى وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي زيارة استثنائية في ايران قبل نحو شهر، في محاولة لتخفيف حدة العداء الإيراني، حول المخاوف من هجمة إضافية ضد إسرائيل في اعقاب تصفية هنية.
تستغل ايران بشكل منهاجي الأراضي الإيرانية كي تحاول تهريب وسائل قتالية كثيرة الى الضفة، بما في ذلك المتفجرات، ويشارك في ذلك ضمن آخرين الميليشيات المؤيدة لإيران في سوريا والعراق. ومع أن محافل الأمن الأردنية نجحت في السنة الأخيرة في اكتشاف الكثير من التهريبات، لكن في ضوء الحدود الطويلة (309 كيلو متر) والفالتة في بعض منها بين إسرائيل والأردن، فان قدرة الإحباط بشكل كامل للتهريبات محدودة.
يحاول عبدالله منذ 7 أكتوبر المناورة بين الاضطرارات والضغوط الداخلية المتزايدة وبين المصالح الاستراتيجية الواسعة للمملكة في المعركة ضد المحور الراديكالي. بل ان الملك يخشى من أن الاشتعال في الضفة من شأنه ان يؤثر بشكل مباشر على الاستقرار الداخلي في المملكة. على هذه الخلفية يمكن أن نرى النقد اللاذع والشديد الذي توجهه صبح مساء الملكة رانيا ووزير الخارجية الصفدي لإسرائيل كنقد يستهدف ضمن أمور أخرى إرضاء السكان الأردنيين. وذلك الى جانب المساعدة الإنسانية الكثيرة التي تنقلها الاسرة المالكة الى سكان القطاع والحرص على التعبير عن ذلك بشكل علني واسع.
ان العلاقات مع المملكة الأردنية هي لبنة مركزية في المبنى الأمني الإقليمي لدولة إسرائيل. بل ويفترض بالأردن ان يؤدي دورا ذا مغزى في خطة الإدارة الامريكية لخلق ائتلاف بين إسرائيل والدول العربية ضد المحور الإيراني.
ان لضعضعة الاستقرار الداخلي في المملكة قد تكون تأثيرات سلبية واسعة للغاية. والمعنى هو ان على إسرائيل ان تعمل على تعميق جملة اشكال التعاون بين الدولتين وتفحص السبل لمساعدة الملك.
إضافة الى ذلك، ينبغي الامتناع عن تصريحات وخطوات من طرف واحد بعامة وقبيل أعياد إسرائيل بخاصة، يكون فيها ما يمس بمكانة وشرعية الملك عبدالله كحارس الأماكن المقدسة، والاثقال اكثر فأكثر على العلاقات الثنائية، المتوترة على أي حال.
ان تصريح نتنياهو بانه لا يوجد ولن يوجد أي تغيير في الوضع الراهن في جبل البيت (الحرم) وان كل زيارة في المجال لوزير في الحكومة ستتم باذنه، هو خطوة في الاتجاه الصحيح ينبغي الحرص على انفاذها. فالسلام مع الأردن هو ذخر استراتيجي اول في سموه بالنسبة لدولة إسرائيل، ويجب الحفاظ عليه بكل ثمن.
*خبير في المسائل الاستراتيجية