معاريف: استغلال التفوق الاستراتيجي الحالي على حزب الله
معاريف 1-4-2024، بقلم: البروفيسور أماتسيا برعم: استغلال التفوق الاستراتيجي الحالي على حزب الله
طالما تواصل القتال في غزة، حتى لو أوقفنا النار أو صعدنا القتال من جانبنا، لا يمكن لـ”حزب الله” أن يوقف حرب استنزافه ضدنا. إذا صعدنا بتقنين، سيصعدون بتقنين. إذا صعدنا إلى حرب كاملة، سيصعدون بما يتناسب مع ذلك. في هذه اللحظة يفضل الطرفان الامتناع عن حرب شاملة. مع ذلك، لأسباب داخلية في لبنان وكنتيجة لـ”مشورة” إيرانية يلوح مؤخرا انهم يخشون من حرب شاملة حتى اكثر منا. هذا تفوق استراتيجي بدأت إسرائيل مؤخرا تستغله. صحيح أن الطرفين لا يزالان يحافظان على إطار التفاهمات المتبادلة التي تقيد المواجهة، لكن إسرائيل هي التي تصعد بتقنين و”حزب الله” يرد فقط. الهجمات الأخيرة على منشآت عسكرية لـ”حزب الله” في البقاع اللبناني وفي بعلبك، على مسافة اكثر من 100 كيلومتر عن الحدود، هي تعبير عن التصعيد الإسرائيلي. حرب استنزاف هي قاسية جدا لإسرائيل، لكنها الآن تفرض علينا، وبالتالي لا مفر غير محاولة استغلالها لصالحنا قدر الإمكان، وبالإمكان.
هدف إسرائيل هو خلق واقع جديد في الجليل يتيح عودة السكان أو معظمهم على الأقل. إذا لم تكن إمكانية لهزيمة “حزب الله” وسحقه في حرب شاملة، ويبدو أن مثل هذه الإمكانية ليست عملية، اليوم، فإن النهاية التي يمكن لإسرائيل أن تتعايش معها هي تطبيق جزئي لقرار 1701 لمجلس الأمن من العام 2006، والذي يلزم “حزب الله” بالانسحاب إلى شمال الليطاني وتجريده من السلاح. حرب الاستنزاف تخلق لإسرائيل فرصة لأن تفرض على “حزب الله” قسما آخر من القرار: الانسحاب إلى ما وراء الليطاني أو على الأقل إلى 15 كيلومتر وراء مدى نار مضادات الدروع. ليس في هذا أمن، لكن يجب بذل كل جهد.
رغم الثمن الباهظ من الخسائر، الدمار على الحدود وإخلاء السكان، يوجد لإسرائيل تفوق عسكري واضح على “حزب الله”. حتى بدون اجتياح بري، يوجد لسلاح الجو، المدرعات والمدفعية إمكانية لملاحقة مسلحي “حزب الله” شمالا وتدمير كل أو معظم مواقعه حتى الليطاني فأكثر. هكذا ينبغي أن تنتهي حرب الاستنزاف. منذ الآن يجب الوصول إلى توافق مع الولايات المتحدة، مع فرنسا، ومرغوب أيضا مع ألمانيا وبريطانيا (موافقة رئيس حكومة لبنان موجودة منذ الآن) على أن يكون “حزب الله” ملزما بالانسحاب إلى مسافة متفق عليها، والجيش اللبناني وقوة “اليونيفيل” الدولية، تستولي على المواقع على الحدود. هل “حزب الله” قادر على أن يوافق على ذلك؟ يبدو أن نعم. ايران أيضا يمكنها أن تسلم بذلك.
في 2006 وافقوا على الانسحاب كونهم خافوا من مواصلة المواجهة. أملهم سيكون أن هذه المرة أيضا، بعد بضعة اشهر من تنفيذ الاتفاق سيتمكن مقاتلو قوة الرضوان من التسلل مرة أخرى بالتدريج إلى القرى في الجنوب (ولمعظمهم توجد عائلات هناك) وإقامة بناهم التحتية العسكرية من جديد. إسرائيل، على حد فهمهم، لن تتجرأ على المخاطرة بحرب فقط بسبب بضعة مسلحين ومواقع. هنا تتداخل خطوة إسرائيلية أخرى من الواجب تحقيقها منذ الآن. علينا أن نصل إلى توافق مع القوى العظمى الغربية بأن لإسرائيل حقا كاملا بالهجوم في كل وقت على كل هدف لـ”حزب الله” فيه مثابة خرق للتفاهمات. بمعنى الإبقاء على المنطقة المتفق عليها “نظيفة” من كل تواجد لـ”حزب الله”.
لأجل أن يعود سكان الجليل يجب على حكومة إسرائيل أن تعلن عن التزامين تأخذهما على عاتقها. الأول، تعزيز دائم ومهم جدا لقوات الجيش الإسرائيلي على الحدود. ثانيا، التدمير الفوري لكل موقع ومقاتل لـ”حزب الله” ينكشف في المجال المتفق عليه في جنوب لبنان. ينبغي الأمل في أن أي رئيس وزراء يخون هذا الالتزام ينحى على الفور، لكن هنا يدور الحديث عن الساحة السياسية الإسرائيلية، وليس عن “حزب الله”، ايران أو القوى العظمى الغربية.