معاريف: “اتفاق جزئي خير من حرب كاملة”.. البديل الإسرائيلي إزاء إيران

معاريف ٢٤-٢-٢٠٢٢م – بقلم: يورام دوري
طغت أنباء عن اتفاق متحقق بين القوى العظمى وإيران على فوارق النهج بين المجموعة البراغماتية في الحكومة التي يقودها وزير الدفاع، وبين الأيديولوجيين الذين يقودهم رئيس الوزراء. ومع أني أعرف الكثيرين ممن سيدعون بأن لا صلة بين بينيت والأيديولوجيا، غير أنه يبدو متأثراً جداً بنتنياهو إزاء الموضوع الإيراني.
يبدو أن السؤال حول الاختيار بين البدائل في موضوع سياسي ذي تداعيات أمنية بعيدة الأثر. وواضح أن البديل المفضل هو قصف أمريكي مكثف على منشآت النووي الإيرانية حتى تدميرها التام. غير أنه يبدو كأضغاث أحلام في هذه الأيام في ظل المواجهة الأمريكية – الروسية في موضوع أوكرانيا.
وثمة بديل آخر يتسلى به الأيديولوجيون، وهو أن لدى إسرائيل قدرة على منع قدرة نووية إيرانية بالقوة ووحدها. طائرات اف 35 وهي تقصف المفاعلات في بوشهر وأماكن أخرى بقذائف خارقة تتسلل عشرات أطنان الإسمنت، هي حلم رطب لكل إسرائيلي تقريباً. ولكن الحلم يبقى حلماً حتى بزوغ الفجر.
على فرض أن هذين الخيارين ليسا على الطاولة، ينبغي الانتقال من حل القوة إلى حل العقل، بمعنى استغلال كل رافعة ضغط على إيران بهدف الوصول إلى وقف المشروع النووي. ولتحقيق هذا البديل، ينبغي لإسرائيل أن تنتقل من سياسة الإعلانات والاستفزازات تجاه الولايات المتحدة في هذا الموضوع إلى سياسة جديدة للعقل والتنسيق المسبق مع كل الدول التي تجري المفاوضات على الاتفاق مع إيران.
صحيح أن الضرر الذي ألحقه نتنياهو وترامب على الملأ بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي لأوباما يصعب إصلاحه، كون هذا الانسحاب جعل تخصيب إيران لليورانيوم يقفز إلى مستوى خطير جداً، ولكن يمكن اليوم التأثير على الاتفاق المتبلور في ظل تعميق التشاور المسبق مع إدارة بايدن ومع اللاعبين الأساسيين الآخرين: ألمانيا، وفرنسا، والصين، وبريطانيا.
في خدمتي لسنوات إلى جانب شمعون بيرس، شاركت في غير قليل من المباحثات عن النووي الإيراني. في صلب المحادثات كان المفهوم بأن الحل العسكري، الذي يبدو معقداً، سيجبي ثمناً دموياً باهظاً وفرصه ليست واضحة، مقارنة بالاتفاق – حتى لو لم يكن كاملاً، يمكنه أن يؤجل تحول إيران النووي لفترة طويلة جداً، بينما على إسرائيل أن تستعد في هذا الوقت على نحو سليم، وتعالج الدوافع الإيرانية للمس بنا.
ولما كان بيرس يفكر بأنه يصعب التحكم بالعلم في عقول بني البشر ومنع إساءة استخدام الواقع، ينبغي إقناع القوى العظمى بمطالبة إيران بالتنازل عن صواريخ المدى البعيد ذات القدرة على حمل رؤوس متفجرة نووية، تعرض كلاً من واشنطن وموسكو برلين وباريس ولندن للخطر، تماماً مثلما تعرض تل أبيب للخطر.
إذن من المهم أن نتذكر قاعدة أساسية: اتفاق جزئي أفضل من حرب كاملة، وما لا يمكن تحقيقه بالقوة يمكن تحقيقه بالعقل. وملاحظة ختامية أخيرة: يجب ألا ننسى بأن لإسرائيل قدرة ردع شديدة، هي معامل في هذه المعادلة.



