ترجمات عبرية

معاريف: إسرائيل ستكون مطالبة من الان فصاعدا بان تمنع بناء قدرات العدو على حدودها

معاريف 28/2/2025، الون بن دافيد: إسرائيل ستكون مطالبة من الان فصاعدا بان تمنع بناء قدرات العدو على حدودها

في أجواء صعبة انعقد هذا الأسبوع في قاعدة بلماخيم طاقم القيادة العليا للجيش الإسرائيلي، نحو 600 ضابط كي يسمعوا تحقيقات الحرب. كل هؤلاء الضباط تقريبا حتى أولئك الذين ليس لهم صلة بالفشل الاستخباري والعملياتي يحملون على اكتافهم العبء الثقيل للمسؤولية عن الفشل. الكثيرون منهم يحملون في ارواحهم أيضا الصدمة الظاهرة لعين كل من يعرفهم قبل 7 أكتوبر.

في بداية العرض الذي استمر اكثر من 16 ساعة، حذرهم رئيس الأركان هرتسي هليفي بان هذا تحقيق لن يكون لهم في نهايته إحساس بالراحة. فقد قال لهم “العكس هو الصحيح. عندما تعودون الى بيوتكم ستشعرون بسوء اكبر مما تشعرون به الان”. هذا التشخيص كان دقيقا.

في عشرات الساعات التي استمعت فيها الى أهم ما جاء في التحقيق هذا الأسبوع، تعرفت هنا وهناك على تفاصيل جديدة لم اعرفها من قبل لكن هذه ليست شيئا يغير الصورة التي نعرفها جميعا من ناحية جوهرية. ولا يزال، عندما تسمع وصفا لكل خطوة وخطوة في الطريق الطويلة التي إدت الى الهوة يكون الإحساس رهيبا. مجموعة أناس اكفاء ومجربون لا مثيل لهم – ليس فقط في الجيش الإسرائيلي بل وفي الشباك وفي القيادة السياسية – سارت على مدى سنين في عمى جماعي نحو الكارثة الأكبر في تاريخنا.

الإحباط مؤلم جدا حقا عند سماع التفاصيل ليس فقط لان الكارثة كان ويجب أن تمنع بل لانه في نهاية التحقيق يصيبك إحساس بان هذا يمكن أن يحصل مرة أخرى. الكلمة النكراء “المفهوم المغلوط” هي جزء لا يتجزأ من الطبيعة البشرية. لنا جميعا توجد مفاهيم مغلوطة ومشوهة عن الواقع في الطريقة التي نرى فيها أنفسنا ومحيطنا. كلنا نفسر الواقع عبر منشورنا الشخصي. عندما يسيطر مفهوم ما على جماعة من البشر – يشق الطريق الى الكارثة.

في كتاب المناجاة “مسيرة السخافة” تدعي المؤرخة بربارة توخمان بانه لاجل أن تعتبر سياسة ما سخافة فانه يجب أن تقودها جماعة وليس فقط حاكم وحيد. في معظم النماذج التاريخية التي اختارت تحليلها، قادت السياسة الفاشلة جماعة من الأشخاص الاكفاء والمجربين.

وعليه، ففضلا عن التعلم الضروري من الأخطاء الكثيرة التي ارتكبت في الطريق الى الكارثة في 7 أكتوبر، فان الدروس من الفشل يجب أن تقودنا الى أن نشكل أجهزة تعوض عن الميل البشري للتمسك بالمفهوم المغلوط وتقلص الخطر للكارثة في المرة التالية التي نعاني منها من عمى جماعي. 7 أكتوبر لم يكن “بجعة سوداء” – كان وحشا نما أمام عيوننا، ظهر أكثر من مرة، اما نحن فرفضنا التصديق.

الاشفاء من الرغبة في الهدوء

لقد أدت صدمة حرب يوم الغفران بإسرائيل وبالجيش الإسرائيلي باجراء اصلاحات كهذه، وبعضها كان اصلاحا زائدا – لكن مع مرور السنين تآكلت والان نحن ملزمون بالإصلاح من جديد. من عموم التحقيقات تظهر عدة دروس كهذه واصلاحات من الضروري البدء بها فورا.

أولا وقبل كل شيء إعادة تعريف المهنة الاستخبارية. المطلب الواجب من الاستخبارات يتناقض ومهنة القيادة العسكرية. فبينما يتحدث القائد بعلامات تعجب – فان جوهر مهنة الاستخبارات هو طرح دائم لعلامات استفهام. وهذا يتطلب مسيرة دائمة من الامر ونقيضه، اللذين هما صعبان على كل انسان وبالتأكيد على من هو مطالب بان يأتي باجوبة وبدلا من هذا يكون ملزما بان يطرح أسئلة ويشير الى ما لا يعرفه.

لقد استسلمت استخباراتنا لعمليات فيها الرضى فوري والمجد كبير. في الصباح تتلقى معلومة وفي الظهر تحولها الى هدف، في المساء تهاجم وتذهب بعدها الى البيت مع هالة من النجاح. لكن مهنة الاستخبارات هي اكثر من هذا بكثير. فهي تتطلب عملا قاتما وعديم المجد يتمثل بالعثور الدائم لثغرات المعلومات وتشكيك دائم لما تؤمن انك تعرفه. رئيس شعبة الاستخبارات “امان” الجديد شلومي بندر يفهم الحاجة لكنه تحديه سيكون في التطبيق. من ناحية عامة – الاخطار للحرب يعود ليكون الهدف الأسمى لشعبة الاستخبارات، قبل جمع المعلومات، البحث وخلق اهداف. دائرة الرقابة التي لم يكن فيها في 7 أكتوبر الا اثنان تصبح هيئة واسعة ومع اسنان. كما أن بندر يطالب رجاله بان ينتهي كل عرض بصورة تدحض كل ما ادعوه حتى الان. هذا مدوخ وليس لطيفا لمن يعرضه ولمن يستهلكه. ولكن هذا ضروري.

تكشف التحقيقات فجوة ثقافية هائلة بين رجال استخباراتنا وبين العدو. 80 في المئة من كل حديث بين مسؤولين من حماس هي اقتباسات لايات من القرآن. من لا يفهم جوهر الايات لا يفهم الحديث. اللواء احتياط يوآف مردخاي اجاد في وصف ما يسميه الفرق بين الخبير بالعرب والمحلل: “المحلل يحلل الكلمات التي قيلت في النص”، قال، “اما الخبير بالعرب فيستمع الى الصمت والى المسافة التي بين الكلمات”.

تأهيل رجال استخباراتنا يجب أن يجتاز ثورة. ليس سهلا تعليم الفضول، النقدية، التحدي، والاصعب هو تعليم التواضع لكن هذا هو قيمة يجب تعليمها من جديد في مدارس الاستخبارات. بندر يقف على رأس جهاز لا يزال يوجد في ازمة عميقة، ما يجعل تحديه للتغيير اكثر تعقيدا.

على المستوى الوطني: مفهوم الامن الإسرائيلي تكشف كغير ذي صلة. مفاهيم الردع، الاخطار، الحسم والدفاع فشلت كلها في هذه الحرب. عن مفهوم الحسم يمكن أن يجرى جدال، لكن الحسم العسكري هو ابدا قصير الموعد عندما لا يترافق وفعل سياسي يثبت نتيجته.

مثلما بعد 1973، إسرائيل تفهم بانها لا يمكنها أن تعتمد على تقدير نوايا العدو بل على فحص قدراته. ولهذا فإسرائيل ستكون مطالبة من الان فصاعدا بان تمنع بناء قدرات العدو على حدودها. من الصعب القول – لكن تنفيذ هذا يتطلب من إسرائيل أن تشفى من الرغبة في الهدوء. نحن سنكون مطالبين باحتكاك دائم في كل الحدود كي نمنع نمو كل تهديد.

هذا سيتطلب منها جيش إسرائيلي اكبر، في النظامي وفي الاحتياط، تضحية اكبر لرجال الاحتياط واستثمار أكبر في الامن – في الاستخبارات، في المنصات وفي إقامة وحدات جديدة. مشكوك أن يكون هذا الدرس يتوافق مع سياسة التملص من الخدمة حسب قانون الحكومة الحالية.

رغم الإنجازات المبهرة، فان حرب وجودنا بعيدة عن النهاية. انتهت فيها مرحلة واحدة او اثنتان ولكنها سترافقنا لسنوات أخرى الى الأمان وهذا سيؤثر على حياتنا كاسرائيليين لسنوات طويلة أخرى. ومثلما قال رئيس الأركان في أحاديث مغلقة: “الحرب التي خضناها في السنتين الأخيرتين شحنت امامنا بطارية ثأر ستصمد لمئة السنين القريبة القادمة”.

 

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى