ترجمات عبرية

معاريف: إسرائيل ترتكب جرائم بحق السكان المدنيين في غزة

معاريف 24/4/2025، طل بشان: إسرائيل ترتكب جرائم بحق السكان المدنيين في غزة

“ماذا سيكون عندما لا نكون؟”، سألت في حينه أمي، الكاتبة والمترجمة روت بوندي، ناجية اوشفيتس ومعسكرات أخرى، عن الأيام (التي جاءت بالفعل)، التي لا تكون هي ورفاقها الناجون من الكارثة هنا. على طريقتها المفعمة بالمفارقة اجابت: “العالم سيواصل طريقه، بل انه سيخف الحال على البعض”. لكن الحقيقة هي لنا، أبناء الجيل الثاني للمحرقة، لم تخف الا في امر واحد – في حقيقة أن اهالينا ليسوا على قيد الحياة كي يروا ما حصل للدولة التي اقاموها. 

احد الواجبات التي نتحملها نحن، أبناء وبنات الناجين من المحرقة، منذ شاخ اهالينا هو أن نروي قصتهم. فنحن نحمل الذكرى. إذ سمعناها من مصدرها الأول من الأهالي، عما حصل هناك، او في الحالات التي لم يتحدثوا فيها – كشفوا لانفسهم الحقائق بالتدريج. 

كل سنة، منذ سنوات عديدة، ونحن نقف في يوم الذكرى للمحرقة باحساس بالواجب – في الذكرى في الصالون، في المداس وفي المنظمات ونروي قصة خروج اوشفيتس وبركناو وبيرغن – بلزان عن عائلاتنا التي اندثرت، عن اهالينا الذين يمعجزة قاموا من الرماد. تعلمت كيف اتحدث بصوت ثابت عن جدتي برتسيكا بوندي، التي توفيت في غيتو ترزين بعمر 50 بالتلوث في اعقاب طعنة حديدية. عن جدي، يوسف بوندي، المخول بالتوقيع في بنك في براغ، اخذ الى معسكرات العمل وصمد تقريبا حتى النهاية. عن عائلتي الصغيرة.

تذكرت دوما أيضا مفاهيم البقاء لدى امس، والتي تضمنت ضمن أمور أخرى التشديد على البطولة الشخصية لمن ساروا الى الموت مع أبنائهم او مع أهاليهم، رغم انه كان بوسعهم ان ينجوا، وكذا الفريضة الاخلاقية القومية التي خلفها لنا الأهالي الناجون: ان نستغل كل يوم وكأنه هدية، وان نحاول قدر استطاعتنا فعل الخير في العالم. وهذا نجح على ما يرام الى هذا الحد أو ذاك حتى 7 أكتوبر. منذئذ، سرقت كل الأوراق: من جهة، رأينا وسمعنا أمورا رهيبة جدا، لم نسمع عنها الا في المحرقة. من جهة أخرى، لا يمكن تفادي حقيقة أن في هذه الأيام، في غزة، إسرائيل ترتكب جرائم بحق سكان مدنيين – قصف يتسبب بقتل أطفال، نساء وشيوخ، سبي، حياة بلا الحد الادنى من شروط النظافة، منع المساعدة الطبية، القصص موثقة. 

نعم، واضح لنا جميعا كيف بدأت الأمور ومن هو المذنب، وما هو الفريق بين منظومة الإبادة النازية الشيطانية وكل جريمة أخرى. لكن بالذات من اهالينا، الذين عاشوا كل ما عاشوه، ولا يمكن اتهامهم بالسذاجة، خرجت الدعوة لان نكون حساسين اكثر من الجميع للمظالم، للعنصرية، للطغيان وللعنف، والا فماذا تعلمنا؟ لاي عالم سنربي ابناءنا؟ 

في “منشور الناجين من المحرقة” النص التأسيسي للفريضة الأخلاقية عن الناجين (الذي تلاه لأول مرة ناجي الكارثة الراحل تسفي غيل في “يد واسم” في العام 2002) قيل: “عندما نأتي نحن، الناجين من الكارثة التي تحترق الذكرى في جلدتنا، لان ننقل شعلة الذكرى للأجيال التالية، فاننا ننقل معها أيضا الرسالة اليهودية التي ينبغي للذكرى أن تولدها الى فعل والتزام أخلاقي… كجزء من ذكرى المحرقة، نحن ندعو الى السعي بلا كلل للحفاظ الحريص على حياة الانسان والامتناع عن سفك الدماء… دروس المحرقة يجب أن تكون  الرمز الثقافي للتعليم على القيم الإنسانية، الديمقراطية، حقوق الانسان، التسامح والصبر  وضد العنصرية والأيديولوجية الاستبدادية”.

بكلمات امي الأكثر حدة (في مقال ليوم المحرقة في العام 2024): “يجب ان نتصدى للماضي، لكن قبل كل شيء يجب ان نهتم بالمستقبل. للغرور، انعدام التسامح تجاه الاخر والمختلف، العنف تحت غطاء الوطنية، انعدام الحس لضائقة طالبي اللجوء، كراهية العرب والتعليم على التفوق لا تبشر بغرس معنى الإبادة – الشر والوحشية لا يتجاوزان أيضا شعبا حضاريا مهما كان متطورا من ناحية علمية واقتصادية”. 

هذه اقوال اهالينا الذين اجتازوا المحرقة، وهذه هي الفريضة والأخلاق التي سنذكرها انا ورفاقي في يوم المحرقة هذا أيضا. 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى