معاريف: إسرائيل تحسن جدا مكانتها الاستراتيجية في اعقاب التغييرات في سوريا

معاريف 10/12/2024، د. موشيه العاد: إسرائيل تحسن جدا مكانتها الاستراتيجية في اعقاب التغييرات في سوريا
“لا تناوش إسرائيل”، كان “أمر رئاسي” خفي نقله حافظ الأسد الى ابنه بشار، حين كان الاب على فراش الموت.
وبالفعل، السلالة العلوية، التي بدأت حكمها في 1970، حرصت جدا على الا تستفز إسرائيل. فقد تعرضت عائلة الأسد لالاف الهجمات، اعمال القصف، تصفية المفاعل – وباستثناء رد اعلامي سخيف لم ترد. ينبغي الإشارة الى أنها في تدخلها العسكري في دول أخرى، كلبنان، وفي تأييدها لمنظمات الإرهاب كفتح، حماس، الجهاد الإسلامي وحزب الله، ازعجت عائلة الأسد إسرائيل بلا نهاية.
الحدود الدولية لإسرائيل مع سوريا، منذ التسوية المرحلية في 1974، كانت الاهدأ من ناحيتنا. مرة واحدة فقط اصطدم الأسد الاب بالجيش الإسرائيلي – في حرب لبنان 1982، في معركة السلطان يعقوب. لكن حتى هذه المعركة الشاذة خطط لها الأسد الاب بدهاء. تحت غطاء الحرب مع إسرائيل بعث الزعيم السوري بالاف الجنود الى مدينة حماة، حيث ثار الاخوان المسلمون ضد النظام السوري. أرادوا الإطاحة بالحاكم العلوي الذي تحكم بملايين السُنة. بعد بضعة أيام احصيت نحو 20 الف جثة لمسلمين سُنة في المدينة. العالم لم ينتبه للمذبحة الجماعية لانه كان منشغلا بحرب لبنان. “قضية حماة” تصب ضوء على المبدأ الآخر الذي تبنته عائلة الأسد. فابنة الطائفة العلوية، طائفة لم تضم الا 11 في المئة من سكان سوريا، خاضت العائلة معركة بقاء متواصلة وعديمة الآثار المليئة بحملات الإبادة الجماعية داخل أراضي الدولة.
لا يمكن ان نعرف بعد اذا كان انتصار الـ 18 جماعة من الثوار الذين احتلوا سوريا، بمن فيهم إسلاميون وجهاديون، هو بشرى طيبة ام سيئة للعالم وللشرق الأوسط. ولكن منذ الان يمكن أن نلاحظ تواصل مسيرة بدأت في بداية سنوات الالفين – سقوط الطغاة العرب بداية كان هذا صدام حسين في العراق. بعد ذلك القذافي ليبيا والان الأسد في سوريا. هذا لا يعني أن الأنظمة في مصر، الأردن، المغرب، قطر، البحرين والامارات هي ديمقراطية نقية وبالتأكيد يوجد تخوف على استقرارها، لكن الطغاة الثلاثة الذين أُسقطوا في العقود الأخيرة هم شهادة على نهاية عصر الدكتاتوريات.
في نهاية الامر، إسرائيل تحسن جدا مكانتها الاستراتيجية في اعقاب التغييرات في سوريا. وهذا يتجاوز كثيرا الاستيلاء على جبل الشيخ السوري. فالداعمتان الاساسيتان في سوريا، ايران وروسيا، تختفيان مؤقتا من الساحة وتحسنان قدرة إسرائيل على التحكم في المنطقة. حزب الله مضروب ومعزول، بالضبط مثل حماس والجهاد الإسلامي.
لدولة إسرائيل كان، مع قيامها سبعة أعداء لدودين: مصر، سوريا، الأردن، لبنان، السعودية، ليبيا والعراق. مصر والأردن وقعتا معنا على اتفاقات سلام. العراق، ليبيا وسوريا سقطوا وكفوا عن ان يشكلوا تهديدا حقيقيا، والسعودية قريبة من اتفاق مع إسرائيل. لإسرائيل سيكون اسهل الان التصدي للنووي الإيراني ولمنظمات إرهاب جديدة، اذا ما قامت، دون الغلاف السوري. من غير المستبعد ان نبكي على رحيل الأسد الابن اذا ما وعندما تكون الفوضى في سوريا تشبه تلك التي في العراق او في ليبيا. لكن توجد أيضا إمكانية ان ينتظم هناك حكم مرتب، برعاية الولايات المتحدة ودول في أوروبا. وعندها، من يدري، فان سفارة إسرائيلية في دمشق أيضا لن تكون مثابة حلم.