ترجمات عبرية

معاريف: إسرائيل اثبتت أنها قادر ة على مهاجمة كل المنطقة، والدول العربية تعرف حجم الخطر

معاريف 12/9/2025، جاكي خوجي: إسرائيل اثبتت أنها قادر ة على مهاجمة كل المنطقة، والدول العربية تعرف حجم الخطر

عشر دقائق طويلة وقف رئيس وزراء قطر محمد بن جاسم أمام الكاميرات وفرغ غضبه على بنيامين نتنياهو وعلى الولايات المتحدة. شتم الأول وعجب من الثاني. منظومات الرادار القطرية هي من انتاج الولايات المتحدة، وعلى سؤال صحافي اعترف المسؤول القطري بانها لم تشخص طائرات سلاح الجو الإسرائيلي. “فوضوي”، وصف ابن جاسم نتنياهو. اتهم إسرائيل بالزعرنة وبارهاب الدولة، ودعا الدول العربية لاعطاء الرأي في التطور الخطير. في المساء ذاته اتصل به ولي العهد السعودي والملك الأردني للاعراب عن دعمهما. رئيس اتحاد الامارات محمد بن زايد هبط في الغداة في الدوحة “إسرائيل تحاول فرض هيمنتها على المنطقة”، قال وزير الخارجية الأردني ايمن الصفدي، “الخطر كبير، وهو يزداد كبرا”.

أي من هؤلاء الزعماء، وغيرهم ممن اعربوا عن دعمهم لقطر في اعقاب الهجوم، لم يذرف دمعة على حماس. رئيس وزراء قطر لم يذكرهم ولا حتى بكلمة، وان كان يعرف كل الشخصيات التي وجهت اليها الصواريخ وهو يتحدث معهم على أساس يومي تقريبا.

قيادة المكتب السياسي للحركة نجت بالفعل، لكن من ناحية حكام العرب كان يسرهم لو كانت فنيت. واضح للجميع بان حماس تسير الى نهايتها بهذا الشكل او غيره وان الاحتمال في أن يكون لها انبعاث طفيف. أمنهم القومي هو ما يريده هؤلاء الحكام، استقرار دولهم وكذا بعضا من الكرامة الذاتية التي انتهكها طيارون بعد ظهر يوم الثلاثاء.

في نظرة من الخليج أوضح الهجوم الإسرائيلي لكل حكومات المنطقة بان إسرائيل لا تبحث عن علاقات جيرة عميقة تبنى ببطء او تسعى لتسوية المشاكل بالدبلوماسية البناءة. هي دولة عصبية، تحتقر اضطرارات جيرانها. ترى محيطها بعيون امنية وتفكير للمدى القصير.

بخلاف حروب الماضي التي تعلمنا فيها قيود القوة، لا توجد على إسرائيل اليوم قيود كهذه ولا حتى أخلاقية. هذا وضع جديد واستثنائي. قبل سنتين فقط رُدعنا من حزب الله، الإيرانيين، وبقدر اقل من حماس وسوريا الأسد. كل هؤلاء كُسحوا واليوم لا توجد ولا حتى قوة واحدة يمكنها أن توقف الجيش الإسرائيلي عسكريا أو سياسيا. اذا كانت توجد مثل هذه القوة فهو الرئيس الأمريكي، لكنه يمنح إسرائيل اسنادا بلا تحفظ.

 حالة مصر

بشكل غير مسبوق، تتمتع إسرائيل في هذه الأيام بسيطرة جوية مطلقة في كل دول المنطقة. من بيروت عبر دمشق، صنعاء، الدوحة وحتى طهران. لا يمكن لاي جيش او سلاح جو ان يكبحها، ومن يفعل هذا من شأنه ان يتلقى ضربة قاسية. امام تفوق ساحق كهذا، من سيضمن للعرب (او الاتراك) بان غدا او بعد غد لن يرسل الجيش الإسرائيلي لان يهاجم دولا أخرى، ينتهك سيادتها ويحرج حكامها؟ ولا يهم، لهذا الغرض اذا كان الهدف هو مواطنون أجانب. هذه مسألة سيادة ومسؤولية عن الوطن.

“هذه زيارة اخوية”، قال رئيس اتحاد الامارات محمد بن زايد عشية هبوطه هذا الأسبوع في الدوحة. هو جاء ليقول للامير تميم بن حمد آل ثاني انه ليس وحده.

أمن قطر هو أمن الأردن”، أضاف عبدالله ملك الأردن كمن يريد أن يقول، كلنا في القارب ذاته.

ابن زايد لا يكثر من زيارة قطر، وفي الأيام العادية يرى في جيرانه، وعلى رأسهم ايران وقطر يثيرون مشاكل من شأنها أن تورطه وتورط جيرانه بحروب ليست لهم. لكن هو أيضا يصعب عليه الوقوف جانبا حين يتصرف اصدقاؤه من القدس مع الامارة المجاورة وكأنها حديقة تسالي خاصة.

في علاقات إسرائيل مع جيرانها العرب توجد قواعد لا يجب انتهاكها. احداها تقول انه اذا كانت توجد علاقات سرية – الى جانب العلاقات العلنية او بدونها – فيجب احترامها. لإسرائيل علاقات سرية، بهذا القدر او ذاك، مع كل دول المنطقة تقريبا. مع القطريين أيضا وحتى في أيامنا هذه. وهي تقوم على أساس علاقات أمن معناها في الغالب بعيد الأثر والصمت فيها جميل.

هذه العلاقات كان يفترض أن تضمن حصانة قطر من أفعال كتلك التي نفذها سلاح الجو يوم الثلاثاء. بالضبط مثلما كان يفترض بها أن تضمن حصانة مصر، الصديق الاستراتيجي الأول في سموه، والتي مع رئيسها كانت لنتنياهو علاقات خاصة. وها هي، منذ 7 أكتوبر لم تكف مصر عن دفع اثمان الحرب وان كانت ليست حربها.

يوم الاحد سيجتمع في الدوحة مسؤولون كبار من دول عربية ودول إسلامية للبحث في التطور الجديد وفحص السبل لوقف الانجراف. حيال الهيمنة الإسرائيلية المتعاظمة، توجد لدى الحكومات العربية اليوم أوراق ضغط قليلة. في المجال العسكري، هم خبراء في بناء منظمات وكيلة. هذه مبادرة بعيدة الأثر، تحتاج لزمن كي تقف على اقدامها وقد سبقت زمانها. كما أن مشروعا ذكيا مثل اتفاق الدولارات الذي بواسطته نجح القطريون في التأثير من الداخل على القيادة الأمنية والسياسية لإسرائيل يستغرق وقتا لنسجه.

الوسيلة الأساس، الفورية، المتبقية في ايدهم هي ممارسة الضغوط على البيت الأبيض. وهم يجربونها منذ سنتين لكن بلا جدوى. اذا أرادوا يمكنهم ان يمسوا باتفاقات إبراهيم او يقلصوا العلاقات، العلنية او السرية. هكذا يفعل المصريون منذ سنين، ولكن من الصعب القول ان سياسة السلام البارد حققت الإنجازات المنشودة.

الحذر، صور نصر

للتحكم الإسرائيلي الحصري في سموات الشرق الأوسط وفي الغالب في كل المنطقة، تفوق امني لا حاجة لتفسير معناه. كل عدو مؤسسات سيفكر مرتين قبل أن يتجرأ على المس بإسرائيل. هذا الواقع بدلا من ان يهديء يثير بالذات سؤالا مفاجئا: هل يمكنه أن يمنحنا الامن المرجو؟

الجواب، مثل السؤال، مركب. جزء منه تلقيناه هذا الأسبوع في الهجمة الاجرامية في مفترق راموت. الإرهاب الفلسطيني يلعب خارج القواعد. يستخدم السكاكين والسلاح الخفيف، يظهر من بين السكان ويستغل جدا تداخلنا الجغرافي الواحد بالاخر. في غزة وان كانت حماس تلقت ضربة قاضية وعمليا هزمت، لكن هذا الإقليم يصبح أرض البوار. لا يوجد في الأفق حل سياسي او خطة مقنعة لضمان الاستقرار فيه.

الحدود السورية أيضا مستقرة بشكل نسبي. لكن اذا ما تضعضع الحكم المركزي في دمشق بل حتى اذا ما واصل ضعفه، فمن شأن الواقع الجديد ان يولد أعداء لإسرائيل. في الضفة الغربية حقق الجيش الإسرائيلي سيطرة أمنية، لكنها ولدت بيد من حديد. وتعلمنا التجربة ان الهدوء النسبي من جانبهم بعد فترة مضرجة بالدماء من شأنها أن تتبين بالذيات كفترة هدوء. هكذا أيضا الحرم. وضع الامن فيه مستقر منذ سنتين منذ نشبت الحرب في القطاع. من ناحية الفلسطينيين هذا هدوء مؤقت وليس نتيجة رضى.

مثلما يشبه قصور 7 أكتوبر سابقه في 1973، هكذا هي أيضا الانتصارات العسكرية التي جاءت بعده وانقلاب الجرة في فيها من شأنه أن يعيد الينا النشوى. صحيح أن التهديد الاستراتيجي على إسرائيل قل. وعقيدة “وحدة الساحات” سحقت ومعها المعسكر الإيراني. ولا يزال، احذروا من صور النصر. في القوة المطلقة توجد أيضا مخاطر، من شأنها أن تخدر أو تشوش.

 

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى