معاريف: إدارة حرب غزة: إسرائيل تُقامر بمناعتها
معاريف 25-3-2024، بقلم: المحامي أوريئيل لين: إدارة حرب غزة: إسرائيل تُقامر بمناعتها
أنا قلق جدا كمواطن ومقيم في هذه الدولة، وواثق بأن الكثيرين جدا من مواطني ومقيمي الدولة قلقون مثلي أيضا. وتوجد بالطبع أسباب موضوعية. كلنا نتغذى بها كل يوم. الحرب في قطاع غزة التي تضيف لنا كل يوم شهداء آخرين، أرامل أخريات ويتامى آخرين، فيما أنه لا تزال لا تلوح نقطة زمنية لإنهاء هذه الحرب. الوضع في الشمال، الصراع المكبوت ضد “حزب الله”، انزلاق صورة إسرائيل في العالم العظيم إلى الأسفل في ظل تعاظم عزلتها. في زمن كتابة هذه السطور لا يزال غير معروف قرار الاتحاد الأوروبي لكن من الممكن الافتراض بأنه سيدعو إلى وقف القتال في القطاع.
كل هذه هي أمور نعرفها جميعنا جيدا. مواضيع دولة إسرائيل بالطبع ملزمة بأن تتصدى لها من اجل مستقبلها، من اجل استقرارها ومن اجل جودة حياة سكانها وامنهم على حد سواء.
جنود الجيش الإسرائيلي وقادته يثبتون قدرة قتالية مبهرة واستعدادا للتضحية جديرة بالإعجاب. لكن اكثر من أي شيء آخر يقلقني شدة الإحساس الذي يرافقني منذ اشهر ويتعاظم في أن “كابينت” الحرب خاصتنا، الذي بقراراته تتعلق حياة المخطوفين، لا يدير الحرب في قطاع غزة بحكمة. لا يوجد أي شك ولا يوجد أيضا أي جدال – نحن ملزمون بإبادة “حماس”، ومحظور أن نغفر أبدا لمنظمة الإرهاب هذه أحداث 7 أكتوبر. كما يمكن أن نفهم حقيقة أن أولئك الذين كانوا مسؤولين، بشكل كامل أو جزئي، عن الإخفاق الرهيب المتعلق بوضع المفهوم الذي أدى إلى العمى عن رؤية نوايا “حماس”، لا يمكنهم أن يكونوا معفيين من تطلع الثأر ومن الرغبة الشديدة لإبادة “حماس”. كل هذا مفهوم.
لكن الحرب في قطاع غزة وضد “حماس” نحن ملزمون بأن نديرها بحكمة، وهي لا تدار بحكمة أننا لسنا جزيرة منعزلة في العالم، ومناعة دولة إسرائيل منوطة جدا بمدى الدعم الذي يوجد لها في العالم لإدارة هذه الحرب. وكل أولئك الذين يحاولون أن يقولوا لنا، إن بوسعنا أن نتجاهل وضع السكان المدنيين في القطاع، نساء وأطفال يقولون عمليا أقوالا سخيفة، وفي انعدام توازن عظيم للعناصر التي ينبغي أن تؤخذ بالحسبان في إدارة الحرب.
لدي انطباع عميق بأن حكومة إسرائيل منقطعة عن الخطاب العالمي وترفع علم حقها بعمى. عندما تقول حكومة كندا التي لم تكن أبدا معادية لإسرائيل، إنها ستوقف إرساليات السلاح إلى القطاع، يرد وزير الخارجية إسرائيل كاتس الذي يوجد قسم مهم من السياسة الخارجية الإسرائيلية في مسؤوليته، بهذه الكلمات: “مؤسف أن حكومة كندا تتخذ خطوة تشكك بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في وجه قتلة (حماس) الذين ارتكبوا جرائم رهيبة ضد الإنسانية”. لكن كندا لا تشكك أبدا في حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. كندا، مثل كل العالم الغربي، تحرص على السكان في قطاع غزة الذين يعانون، اليوم، من الجوع وسوء التغذية. وإذا كنا سنكون منقطعين عن الخطاب العالمي الحقيقي وغير مكترثين للمشاعر في العالم التي تؤثر على السياسة الخارجية، فلن نتمكن من إدارة الحرب بحكمة. الإحساس هو أننا ننتقل من مفهوم اخفق إلى مفهوم آخر مآله أن يخفق.
في هذا المقام، أعربت عن رأيي عدة مرات في الماضي، في أنه بعد أن خضنا الحرب في شمال القطاع، في مدينة غزة وفي خان يونس، وضربنا “حماس” بشدة حان الوقت لتغيير أهداف الحرب المعلنة. التوقف عن التصريحات المتبجحة غير الواقعية في أن لنا هدفين عمليين: القضاء على “حماس” وتحرير المخطوفين. هذا لا يمكن أن يعمل بالتوازي. هذا تعبير عن رغبة، وليس عن سياسة فهيمة. هذا بالضبط الطريق الذي يؤدي بنا إلى صفقة تحرير مخطوفين سيئة.
بعد ثلاثة اشهر من بداية الحرب، كان يتعين علينا أن نعلن أن هدف الحرب هو واحد فقط: تحرير المخطوفين. وبعد أن نحرر المخطوفين حتى آخرهم نوقف القتال لفترة ملزمة مسبقا. فمقاتلو “حماس” أيضا لا يريدون الانتحار. هم مستعدون للقتال لكنهم غير مستعدين حقا للموت.
هذا النهج كان سيخلق تضامنا اكثر وضوحا وتفهما بكثير في العالم الكبير لأنه لا يمكن لأي دولة أن توافق على أن تغزو دولة أجنبية أراضيها وتأخذ أسرى. لست واثقا أن مفهوم العمل هذا كان سينجح لكنه كان ينبغي أن يفحص في “الكابينت” وفي الحكومة بدلا من البديل المعروف مسبقا لخوض مفاوضات مع “حماس”، تحرير مئات القتلة وإعطاء فرصة لـ”حماس” للإعلان عن إنجازات ونصر.
واضح، اليوم، للجميع، عقب سياسة “الكابينت” الأمني باننا لا يمكننا أن نعيد المخطوفين إلا إذا توصلنا إلى صفقة مع “حماس” ثمنها على إسرائيل سيكون عاليا؛ وتحرير المخطوفين لن يتحقق بالتوازي وفي وقت واحد مع إبادة “حماس”. ويحتمل أنه إذا ما فشلت المفاوضات الحالية التي محظور النزول عنها، سيكون مجديا جدا النظر في بديل استمرار الحرب دون أي صفقات ومن أجل هدف واحد – تحرير المخطوفين.