ترجمات عبرية

معاريف: إدارة ترامب تبني محورا جديدا بدوننا

معاريف 3/10/2025، بن كسبيت: إدارة ترامب تبني محورا جديدا بدوننا

الثمن الغالي

هذا المقال كُتب في منتهى يوم الغفران، مع دعوة صلاة لان تقبل حماس مخطط ترامب. الاحتمال في أن تتحول الخطة كلها الى واقع متدنٍ حتى صفر، لكن تعالوا نكتفي بإعادة كل المخطوفين وانهاء الحرب. هذا كان ينبغي أن يحصل منذ زمن بعيد. في اثناء المؤتمر الصحفي الغريب لترامب ونتنياهو في واشنطن قال الرئيس بصوته ما اكتبه هنا منذ أشهر طويلة: اذا عادت حماس الى عادتها، سيكون لنا اسناد كامل من الرئيس الأمريكي للعودة الى القتال ضدهم بكل القوة، بشروطنا. هذا صحيح الان، هذا كان صحيحا من قبل أيضا. ما كان ينقص هو الإرادة لانهاء الحرب، بما أن جيش حماس قد هزم وقوتها العسكرية سحقت. واضح أنهم سيعودون الى عادتهم. حماس ستبقى حماس. ما أن يحصل هذا، ينبغي لغزة أن تصبح صيغة مصغرة ومحاصرة ليهودا والسامرة، الجيش الإسرائيلي يعمل هناك كما يشار، لن تكون حاجة الى تجنيد خمس فرق لاجل الدخول الى الشجاعية او خانيونس، والتهديد على إسرائيل سيزال. سنواصل القتال ضد الإرهاب الجهادي مثلما نواصل عمله بنجاح لا بأس به في أماكن أخرى. “النصر المطلق” الذي يستهدف انعاش حكومة نتنياهو للتنفس الاصطناعي فيما يخنق المخطوفين، لم يكن غير خدعة سياسية تهكمية، ساخرة ومحملة بالمصيبة.

الجدال الدائر الان بين المعسكرات المختلفة على المخطط، هل هذا نصر لإسرائيل أم لحماس، صبياني وزائد. يمكن ان نملأ هذا المقال بنواقص المخطط من ناحية إسرائيل. كما يمكن ان نملأه بفضائلة. منوط بنظر الناظر وزاوية النظر. هذا موضوع تفسير، مزاج وواقع على الأرض. المؤكد هو ان معظم ما وعد به نتنياهو على مدى الأشهر الطويلة الزائدة للحرب، انهار. وعد نتنياهو بان تصفى حماس ونلاحق كل المخربين ونقتلهم حتى آخرهم وانه لن يكون لحماس ما بعد الحرب، لن يوفى به. تنفيذ المخطط سيؤدي في نهاية الامر الى خروج الجيش الإسرائيلي من القطاع (باستثناء حزام فاصل ضيق) وانهاء الحرب.

يحتوي المخطط مرتين على الأقل على “مسار مصداق” لاقامة دولة فلسطينية، وهو لا يتضمن لا نفي ولا هجرة طوعية ولا ريفييرا، بل العكس، يدخل الى القطاع قوة دولية رغم أن نتنياهو وعد الا تكون قوة كهذه، ولا يتبقى سوى أن نتخيل ما الذي سيفعله نتنياهو وأبواقه وصراخاته لكل رئيس وزراء آخر كان يوقع على مثل هذا المخطط، دون الحديث عن الاعتذار المنبطح امام قطر، الذي جاء بعد الاعتذار المنبطح امام اردوغان، الذي جاء بعد الاعتذار المنبطح امام الأردن، بعد محاولة تصفية خالد مشعل لدى نتنياهو في التسعينيات. هو يعتذر في كل عقد وقرن.

عندما التقى نتنياهو وترامب وبعدها خرجا الى الصحافيين، وقع الرئيس الأمريكي على مرسوم رئاسي خاص وفيه “ضمانة امنية” أمريكية غير مسبوقة للقطريين بالا يتعرضوا مرة أخرى للهجوم، واذا ما هوجموا، فسيعد هذا هجوما على الولايات المتحدة.

السطر الأخير: نتنياهو نجح في الهجوم على قطر، في تفويت الهدف، في عدم قتل قيادة حماس لكنه نجح في أن يحصل على مرسوم ابعاد يسمح بهجوم إضافي. القطريون حصلوا على حصانة بالضبط مثلما حصل خالد مشعل في حينه على إكسير الحياة. وبعد ذلك اعتذرنا لهم. بهذه الوتيرة من يدري فلعلنا في النهاية تعتذر لحماس أيضا.

تذكير: الهجوم في قطر كان يفترض أن يصفي ما تبقى من القيادة السياسية لحماس. قطع رأسها دفعة واحدة. محظور أن ننسى ان نتنياهو كان يمكنه أن يوفر هذا الهجوم والاعتذار أيضا وكذا السنتين الأخيرتين لو كان استجاب في حينه لطلب الشباك قطع رأس القيادة العسكرية لحماس في غزة. ست مرات تلقى الخطة العملياتية الجاهزة هذه، وست مرات رفضها. الثمن في حينه كان زهيدا اكثر بكثير مما دفعه نتنياهو الان. المشكلة هي انه لم يدفع حقا. نحن الذين دفعنا. الاف المقتولين، المخطوفين، الجرحى، المصدومين، القتلى، المنكسرين والمكتئبين، العائلات التي تفككت والاحلام التي تحطمت والاعمال التجارية التي أغلقت والدولة التي أصبحت منبوذة في كل زوايا العالم.

كما أسلفنا، ليس هاما حقا حاليا أي حيلة تتغلب وحتى تفاصيل التفاصيل التي فصلت في المخطط ليست جوهرية، لانها لن تتحقق على الأرض. يكفي أن تنتهي الحرب ويعود المخطوفون. من نظرة من فوق، تتبين هنا صورة شاملة باعثة على الفضول، وربما على التشويق، وان كان الحديث يدور عن مصيرنا: بعد ان فوجئت إسرائيل، اهينت وتلقت ضربة تاريخية في 7 أكتوبر، نجحت في قلب الجرة رأسا على عقب وضرب المحور الشيعي الذي وجه اليها ضربة قاضية كسرت شوكتها. هو لم يصفى، لكنه هزم. حاليا على الأقل. وهكذا طوق النار من المحور الشيعي “آوت” ولكن المحور السُني “إن”. ولا، ليس المقصود الدول السُنية المعتدلة من اتفاقات إبراهيم ولا حتى السعودية أو أندونيسيا. هذا ليس محور سُني صافٍ، هذا محور سُني اخوان مسلمين. نعم، الاخوان المسلمون يرثون الشيعة.

من يستمع الى ترامب في المؤتمر الصحفي (مهمة غير بسيطة)، رجال ترامب (واساسا ويتكوف وكوشنير) وكل من في المحيط يفهم ان قطر هامة لادارة ترامب مثل إسرائيل على الأقل، ان لم يكن اكثر. لقد أصر الرئيس على ان يعتذر نتنياهو، وقع على ضمانة امنية وأثنى ومدح وربت على كتف القطريين مرتين في كل جملة. قطر هي دولة اخوان مسلمين. في المكان الثاني قرب قلب الرئيس ترامب، توجد تركيا. هي أيضا دولة اخوان مسلمين. اضيفوا الى هذا سوريا، التي جعلها ترامب المحبوبة العالمية الجديدة التي يحكمها رجل الاخوان المسلمين وستحصلون على محور جديد. لا يزال من السابق لاوانه ان نعرف اذا كان هو أيضا سيتحول الى طوق نار أو حصار على إسرائيل، لكن ليس من السابق لاوانه القول انه في هذا المحور لا يوجد إمعات. تركيا هي قوة عظمى إقليمية زائد، اردوغان هو كاره إسرائيل زائد – زائد، لقطر يوجد المال. لسوريا – الموقع الاستراتيجي وغزة تعود للاخوان المسلمين حتى لو لم تحكمها حماس. وليكن لنا جميعنا النجاح في هذا.

يعرف قراء هذا المقال باني اعتقد ان مخطط الرئيس ترامب منسق “على المليء” مع نتنياهو. أي مع رون ديرمر. اعتقد أن نتنياهو توصل الى الاستنتاج المتأخر (جدا) بان الحرب استنفدت نفسها. هو يفهم بان خدعته ستتبين بعد قليل لترامب أيضا. ان حماس لن ترفع علما ابيض ولن تكون صورة نصر. لقد حاول أن يخلق صورة النصر في ذاك القرار لتصفية قيادة حماس في قطر، لكن النتيجة كانت معاكسة وما نشأ هو صورة هزيمة. صبر ترامب آخذ في النفاد، ونتنياهو فهم بانه يجب السعي الى الانهاء حتى بدون صورة نصر. لقد وافق على غير قليل من الأمور التي اعتبرت من ناحيته “على جثتي”، بما في ذلك ذكر صريح لدولة فلسطينية، مقابل هذا أن يشير الرئيس في المؤتمر الصحفي الى أن “بيبي يعارض هذا”.

احد ما ينبغي ان يروي لترامب بان بيبي نفسه اعترف بحل الدولتين مرات عديدة في الماضي، بما في ذلك في عدد لا يحصى من الخطابات امام الجمعية العمومية للأمم المتحدة. بهذا الشكل او ذاك، اصطلاح “دولة فلسطينية” مشمول في المخطط. اعتراض بيبي، ليس مشمولا. ماذا يعني هذا على الأرض؟ لا شيء. ماذا كان نتنياهو سيقول اذا كان من فعل هذا شخص آخر؟ الكثير.

يوجد نتنياهو في وضع مريح نسبيا من “الفوز للطرفين”. اذا ردت حماس بايجاب، يمكنه أن يعلن النصر، ان يعيد المخطوفين، ان ينهي الحرب، ان يحاولة توسيع اتفاقات إبراهيم، وان يسير حاملا هذا الى الانتخابات، التي ستجرى في الربيع القادم. هذا بصعوبة نصف سنة قبل الموعد الأصلي. لا بأس. إذا ردت حماس بالسلب، يكون له خط ائتمان مفتوح لمواصلة تدمير غزة وملاحقة فلول عصابات حماس في الانفاق، حتى اشعار آخر. هذه برأيي هي الامكانية المفضلة اقل عليه، وعلى ترامب أيضا.

في هذه الاثناء، تواصل إسرائيل الانهيار في العالم ككرة ثلج كبرى تهدد بدفن نفسها. حتى أمريكا لم تعد على ما كانت عليه ذ        ات مرة، والدعم لنا في أوساط الجمهور الأمريكي يوجد في أسفل درك كل الأزمنة، لأول مرة في أي وقت مضى يكون ادنى من الدعم للفلسطينيين. كل هذه هي ذخائر استراتيجية نفقدها وسيكون من الصعب استردادها. من يعول على ترامب ينبغي أن يتذكر بانه لن يكون هنا بعد ثلاث سنوات وثلاثة أشهر. من له صبر لمشاهدة ترامب، بما في ذلك المؤتمر الصحفي الذي لا ينتهي مع نتنياهو وكذا في خطابه الهاذي امام الجنرالات والادميرالات الأمريكيين، يحق له أن يرفع حاجبا. ليس مؤكدا أن الرجل سينهي الولاية. وبينما يذكر بـ “جو بايدن الناعس”، فانه هو نفسه يغفو. نحن سنصل لصحته، الجسدية والمعرفية، لكن يجب أن نأخذ بالحسبان بان ليس كل صلواتنا استجيبت في السنتين الأخيرتين. ماذا سيكون بعد ترامب؟ بعده الطوفان. وهذا بعد ان تلقينا “طوفان الأقصى”.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى