مصطفى إبراهيم يكتب – دراما السياسة الإسرائيلية والإنتخابات الرابعة
مصطفى إبراهيم – 24/12/2020
شكل بيني غانتس في فترة ما بتحالفه مع حزب يائير لابيد أمل لكثير من الإسرائيليين للاطاحة برئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، إلا أنه أنقلب على تحالفه مع لبيد وتوجه منفردا للتحالف مع نتنياهو. والأن أصبح من الماضي وكابوس لنفسه بإنضمامه لضحايا نتيناهو من السياسيين والجنرالات اللذين لا يحظون بإحترام نتنياهو والذي تعلم من اريك شارون طريقة التعامل معهم، وان لكل شخص منهم ثمن، مثل ما جرى مع موشي يعالون وقبله شاؤؤول موفاز، حتى مع أفي ديختر رئيس الشاباك السابق.
حل الكنيست نفسه تلقائيا، وتم تحديد موعد إجراء الانتخابات في 23 آذار/ مارس 2021، لتكون الرابعة التي تشهدها إسرائيل خلال عامين، وتقصير أجل ولاية حكومة الوحدة بين الليكود وأزرق أبيض.
خلال الاسبوعين الماضيين حدثت تحولات درامية مهمه في الساحة السياسية الإسرائيلية، وما جرى ليلة أأمس كانت خاصة بانتهاء حياة الجنرال السياسية، وقبل ذلك حدث تحول سياسي باعلان الليكودي جدعون ساعر انشقاقه من الليكود، وتشكيل حزب جديد، اسمه أمل جديد “تيكفا حدشا”، وسنرى في قادم الاشهر القادمة إن كان سيكون هو أمل جديد أو حدث درامي بمنافسة نتيناهو والاطاحة به، أو العكس.
دراما انتهاء غانتس وحزبه هي جزء من مسيرة ما تسمى احزاب الوسط وانها ظاهرة عابرة، وجزء من طقوس دورات الانتخاب، بات من الواضح ان مسيرة غانتس السياسية وصلت إلى نهاية بائسة، غانتس قليل الخبرة في السياسية ودهاء نتيناهو الذي تلاعب به خلال 7 أشهر عمر الائتلاف الحكومي بين الليكود وازرق أبيض، صدق ان نتنياهو سينفذ التفاهمات التي توصل اليها مع نتنياهو سواء في ما يتعلق بالتناوب حول رئاسة الحكومة، والفخ الذي نصبه له في موضوع الموازنة.
وطوال الفترة الماضية تعرض غانتس للابتزاز والخداع وكذلك السخرية والازدراء من اعضاء الليكود، وأعتقد غانتس انه يستطيع تغيير في الجهاز القضائي.
في مقال لرئيس تحرير صحيفة هآرتس الوف بن نشر اليوم قال: عادة ما يتمتع غانتس بافتراضات في الصورة العامة لا يمتلكها السياسيون الآخرون.يقال إنه بريء، إنه مسكين، إنه جاء من الجيش ولم يفهم السياسة، ولم يدرك مدى دهاء نتنياهو. هذه الادعاءات ليست مقنعة. أراد غانتس أن يصبح وزيرًا للدفاع، وفي وقت من الأوقات كان يأمل أيضًا في تولي منصب رئيس الوزراء. وأضاف مع كل الاحترام الواجب، من الصعب قبول ادعاء الدفاع “أنه ليس كاذبًا، إنه مجرد أحمق”. كان غانتس يعرف بالضبط إلى أين سيذهب ومع من، وسقط بسبب الآمال الزائفة في الترقية.
حتى الان لم تتضح الصورة بشكل نهائي بقوة وتأثير حزب ساعر اليمني برغم ان إستطلاعات الرأي تمنحه أصوات مرتفعة، وهل سيكون مصيره مثل مصير ما يسمى احزاب الوسط التي لا تعمر كثيراً وتصبح من التاريخ، أو العودة لليكود كما جرى مع أعضاء الليكود اللذين ذهبوا مع كاديما، وبمجرد انحلال كاديما عادو لبيتهم القديم.
في ظل الدراما الذي قد يكون نتيناهو صنعها لم يتأخر وبدأ حملته الانتخابية الجديدة من خلال مؤتمر صحافي عقده مساءً أمس قبل حل الكنسيت ووجه خلاله انتقادات حادة لغانتس، واتهامه بالتراجع عن تفاهمات قال إنهما توصلا إليها سابق.
واعتبر نتنياهو أن الفوز سيكون حليف حزب الليكود برئاسته في الانتخابات المقبلة وقال: “سنفوز في الانتخابات لسبين، الأول: القيادة والإنجازات العظيمة التي حققناها (اللقاحات، اتفاقات السلام، الاقتصاد القوي)، وقال نتنياهو، إن السبب الثاني الذي سيرجح كفته في الانتخابات القادمة هو “أن هناك الكثير من السياسيين في إسرائيل، لكن لا يمكن لأحد منهم تشكيل حكومة دون لبيد وأحزاب اليسار، وأن الطريق الوحيد لتشكيل حكومة يمين كاملة، دون أحزاب اليسار، هو التصويت لليكود دون سواه من أحزاب يمينية.
في إسرائيل تشكلت قاعدة عبر تاريخها أن رئاسة الحكومة يجب ان تكون من العمل أو الليكود، وفي ظل انهيار العمل واختفائه من المشهد السياسي الاسرائيلي ترسخت القاعدة الجديدة ان من يسيطر على مقاليد الحكم اليمين وستكون المنافسة على رئاسة الوزراء داخل اليمين.
حزب العمل الذي أنهى وظيفته التاريخية بعد اكثر من ثلاثة عقود وعدم إيمان قيادته بتحقيق سلام مع الفلسطييين والخلاف بين القيادة القديمة والجيل الجديد، بدأ نجم صعود نتنياهو للحكم وخلال السنوات الماضية سيطر اليمين الإسرائيلي على الحياة السياسية واستطاع بقيادة نتنياهو ادارة الصراع مع الفلسطييين وليس حله والتحكم بالفلسطينيين دون قيام دولة فلسطينية وكل ما يستطع الفلسطينيين الحصول عليه هو حكم ذاتي. ولا يزال الفلسطييين في حالة التيه والوهم بقدرتهم على عقد سلام مع نتنياهو برغم التغيرات داخل المستعمرة ومهاجريها ومصالحهم.
نتنياهو جيد بالنسبة للإسرائيليين هو رئيس حكومة ناجح واستطلاعات الرأي تمنحه شخصيا أفضلية، والسؤال هل سيتمكن في الانتخابات المقبلة من تشكيل حكومة يمينية خالصة بجميع مركبات اليمين في ظل التغييرات السياسية وانطلاقه من مقولة ان الجميع لديهم ثمن ويباع ويشترى؟