أقلام وأراء

مصطفى إبراهيم: خطة الحصار والتجويع وضم شمال غزة

مصطفى إبراهيم 12-11-2024: خطة الحصار والتجويع وضم شمال غزة

العملية العسكرية المتواصلة على محافظة شمال قطاع غزة خاصة مخيم جباليا، والتدمير المتعمّد لمراكز الإيواء والمستشفيات، والمقرات الخدماتية. واستشهاد واصابة الاف الناس ومحاولة اجبار نحو 400 ألف فلسطيني التقديرات مختلفة ما بين (300 و 400 الف) على النزوح تحت القصف والقتل والدمار والخراب والحصار وتجويع الفلسطينيين،

ومنذ 5 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، بدأ الجيش الإسرائيلي بتحذير السكان بإرسال إنذارات للنزوح إلى محافظة الوسطى والمواصي في الجنوب وذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي والقاء مناشير ورقية من الحو وعبر طائرات “كواد كابتر”، حيث رفض الآلاف الاستجابة والنزوح..

ولم تنتظر فوات الجيش نزوح الناس وبدأت بالقصف المدفعي والجوي وإطلاق النيران في محيط مساكن السكان ومراكز الايواء ، وحصارها بالقصف ومنع دخول المساعدات الإنسانية والمياه والأدوية للمخيم، واحتجاز واعتقال المئات من مراكز الايواء، وقتل الناس وتدمير المنازل فوق رؤوس قاطنيها. وارتكب الجيش الاسرائيلي مجازر في مخيم جباليا وقتل واصيب الالاف.

يأتي ذلك في إطار مساعي الجيش الإسرائيلي، لإفراغ محافظة الشمال من سكانها، الذين رفضوا الاستجابة لإنذارات الإخلاء، عبر القضاء على ما تبقى من فرص الحياة، وتدمير البنى التحتية، ووقف تقديم الخدمات الإنسانية فيها.

وما زال العالم يتسائل هل تنفذ اسرائيل ما تسمى”خطة الجنرالات” الرامية لإخلاء شمال قطاع غزة من السكان وتجويعهم حتى الموت، أو طردهم إلى الشتات، كرافعة ضغط على حماس.

واختلفت التقديرات الاسرائيلية حول الاهداف الحقيقة العملية العسكرية في الشمال هل تصعيد الجيش الإسرائيلي وتنفيذ خطة “الحصار والتجويع” او ما تسمى خطة “الجنرال غيورا ايلاند” لتهجير الناس من الشمال من أجل توزيع المساعدات ام من اجل الضم والاستيطان ؟

قبل عدة ايام اعترف ايلاند في مقابلة صحافية ان الجيش الإسرائيلي مارس الحصار والضغط العسكري،قبل إخلاء الناس واضاف ان هذه لم تكن نيته، “لقد أردت إنقاذهم”. وذلك خلافاً لما جاء في خطته. وهذا ما حذرت وغيري منه في مقالات سابقة انها خطة لارتكاب الابادة الجماعية للتهجير القسري واخلاء الشمال من الفلسطينيين.

سواء كان ما جرى ويجري قبل أو بعد فان الابادة مستمرة والخطر باستكمال خطة ايلاند في مدن الشمال وصولاً لمدينة غزة الذي نزح اليها سكان جباليا.

قبل اسبوعين نقل المراسل العسكري لـ إذاعة الجيش الإسرائيلي أن الجيش أخلى بشكل شبه كامل مخيم جباليا من السكان حيث تشير التقديرات إلى إخلاء نحو 50 ألف فلسطيني، وإنه اعتقل نحو 600 من عناصر التنظيمات الفلسطينية خلال عمليته في مخيم جباليا، والتقديرات تشير إلى بقاء مئات المقاتلين في مخيم جباليا رفضوا الاستسلام.

وفي مقال للمحلل العسكري لصحيفة هأرتس عاموس هرئيل قال فيه تحت ضغط من المستوى السياسي يمنع الجيش الإسرائيلي عودة سكان جباليا إلى منازلهم رغم تحقيق العملية لأهدافها العسكرية، كما اعترف الجيش الإسرائيلي بأن هذا هو تنفيذ جزئي لخطة “الجنرالات” والتي تهدف بشكل أساسي إلى ممارسة ضغط شديد على السكان في شمال قطاع غزة ودفعهم إلى الجنوب.

وأضاف يعارض كبار المسؤولين في الجيش والشاباك تنفيذ الخطة الكاملة والتي تشمل أيضا وقف المساعدات الإنسانية لشمال قطاع غزة في انتهاك للقانون الدولي، إلا أن الجيش الإسرائيلي اعترف بأنه مطالب بتنفيذ أجزاء من الخطة. التي يقولون أنها تتوافق مع قواعد القانون الدولي.

كما تهدف الإجراءات المتخذة إلى منع سكان منطقة جباليا من العودة إلى منازلهم لحين إعادة هيكلة المنطقة وفق الاعتبارات الأمنية، وعليه لن يسمح للسكان بالعودة إلى المنطقة إلا بشرط تشديد السيطرة الأمنية عليها بما في ذلك تعريف أجزاء منها كمناطق عازلة منزوعة السلاح.

كما نشرت صحيفة هارتس تقريرا نقلا. عن كبار المسؤولين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية( الجيش والشاباك) أن حكومة بنيامين نتنياهو تتجه نحو ضم تدريجي لأجزاء كبيرة من قطاع غزة، مع إيلاء اهتمام ثانوي لصفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس، ووفقا لهؤلاء المسؤولون أن احتمالية التوصل إلى اتفاق باتت شبه معدومة، خاصة منذ توقف المحادثات الدولية بهذا الشأن. بالإضافة إلى ذلك، لم تعقد الحكومة أي نقاشات مع كبار المسؤولين الأمنيين حول ملف الأسرى منذ فترة طويلة.

وحسب ما نقل عن الضباط الاسرائيليين فان قرار إطلاق عملية عسكرية برية في شمال قطاع غزة اتخذ دون نقاش عميق، ويبدو أن الهدف منه هو الضغط على سكان شمال غزة، الذين يجبرهم الجيش الإسرائيلي بالنزوح مرة أخرى من مناطق سكنهم باتجاه الجنوب مع اقتراب فصل الشتاء، ولا يستبعد هؤلاء الضباط أن تكون هذه الخطوة تأتي تمهيدًا لتنفيذ خطة الحصار والتجويع التي اقترحها الجنرال المتقاعد غيورا آيلاند

وكانت وسائل الاعلام الاسرائيلية نشرت عن ضباط إسرائيليون في ما يسمى بـ”منتدى الضباط والمقاتلين في الاحتياط” في الرابع من سبتمبر/ ايلول الماضي خطة لهزم حماس”، وجاء فيها أن عمليات الجيش الإسرائيلي الحالية في قطاع غزة ليست مفيدة، واقترح خطة مؤلفة من مرحلتين، يتم خلالها تهجير السكان المتبقين في شمال قطاع غزة والإعلان عنها “منطقة عسكرية مغلقة”، وتنفيذ الخطة لاحقا في أنحاء القطاع.

ووُضعت هذه الخطة بمبادرة رئيس شعبة العمليات فئ الجبس الاسرائيلي، ورئيس مجلس الامن القومي الاسبق الجنرال في الاحتياط غيورا آيلاند، الذي يوصف في إسرائيل بأنه “مُنظّر” الحرب على غزة، وجاءت الخطة بعنوان “خطة الجنرالات”، ويؤيدها عشرات الضباط، وفقا لما ذكره موقع “واينت” الإلكتروني.

وتعتبر الخطة أنه “طالما أن حماس تسيطر على المساعدات الإنسانية، ليس بالإمكان هزمها”، وتقضي بتحويل المنطقة الواقعة شمال محور “نيتساريم”، الذي يفصل جنوب قطاع غزة عن شماله، إلى “منطقة عسكرية مغلقة”، وإرغام 300 ألف فلسطيني يتواجدون حاليا في شمال القطاع، حسب التقديرات، على النزوح خلال أسبوع واحد.

وبعد ذلك يفرض الجيش الإسرائيلي على شمال القطاع حصارا عسكريا كاملا، بادعاء أن حصارا كهذا سيجعل الخيار أمام المقاتلين الفلسطينيين “إما الاستسلام أو الموت”، حسب الخطة.

ووفقا للخطة، فإنه بينما ستسمح إسرائيل بوصول المساعدات الإنسانية إلى وسط وجنوب القطاع، فإن سكان الشمال سيواجهون التجويع إذا قرروا البقاء هناك. وكأن وسط وجنوب القطاع يعيش في نعيم دخول المساعدات الانسانية!

وبالعودة للمسؤولين الأمنيين حول نوايا نتنياهو بشأن ضم تدريجي لأجزاء كبيرة من قطاع غزة، أن “خطة آيلاند لا تتوافق مع القانون الدولي، وأنه لم يكن هناك إجماع بين كبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية حول إطلاق العملية البرية في شمال قطاع غزة، أن هذه الخطوة قد تعرض حياة الأسرى للخطر، وأن الشخص الذي دفع نحو تنفيذ هذه العملية كان قائد المنطقة الجنوبية، يارون فينكلمان، بمناسبة الذكرى السنوية الأولى للحرب.

ووفقاً للتقديرات الاستخباراتية الإسرائيلية، يوجد في شمال القطاع حوالي 4000 فلسطيني معروفين بأنهم من عناصر حماس من قبل الحرب، ويُعتقد أن العدد أكبر في جنوب القطاع. ورغم أن لواء رفح تعرض لضربات قاسية وتفكك كقوة عسكرية، فإن العديد من المقاتلين غادروا مناطق القتال قبل دخول قوات الجيش الإسرائيلي.

أن الحاجة باتت ملحة إلى وجود جهة دولية تتولى مسؤولية الجوانب المدنية في قطاع غزة الذي يعتقدون أن حركة حماس “تسيطر عليه بإحكام”، إلا أن القيادة السياسية رفضت حتى الآن جميع المقترحات التي قدمها كبار المسؤولين الأمنيين في هذا الخصوص.

وحسب المسؤولين الأمنيين في إسرائيل أنه رغم الضربات القاسية التي تعرض لها الجناح العسكري، فإن حماس لا تزال السلطة الوحيدة في المجال المدني، حسب قولهم، وازداد اعتماد السكان على حماس، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنها تتولى مسؤولية توزيع المساعدات الإنسانية على السكان، ولأن العديد من الغزيين باتوا يرغبون في العمل لدى المنظمة للحصول على لقمة عيشهم، حتى لو لم يؤمنوا بأيديولوجيتها أو يدعموها.

وحسبما نقل موقع “واينت” عن آيلاند أنه بالإمكان نقل هذه الخطة إلى رفح وأماكن أخرى في أنحاء القطاع.

وادعى رئيس المنتدى، العميد حيزي نِحاما، وهو ضابط في الاحتياط أن خطة الجنرالات هي الطريقة الصحيحة حاليا لهزم حماس وتحرير المخطوفين، وتعين علينا تنفيذها منذ عدة أشهر. وعلى الجيش الإسرائيلي ودولة إسرائيل الآن تطبيق الخطة الوحيدة التي ستساعد في هزم حماس،

سواء كانت عملية عسكرية عادية او تنفيذ خطة ايلاند، فالهدف واضح وهو التهجير القسري وارتكاب مجازر، وجعل شمال القطاع متطقة غير قابلة للحياة، وهي سياسة عمليا تتبلور لفترة طويلة المدى وسيطرة إسرائيل على شمال غزة وطرد 300 ألف فلسطيني. إلى خارج هذه المنطقة.

ومع ان المحللين الإسرائيليين العسكريين يشككوا في امكانية نجاح الجيش في اتمام العملية العسكرية في جباليا وشمال القطاع خاصة وان هناك اعداد من الناس يرفضون النزوح ويدفعون بذلك ثمنا حياتهم.

وبالنظر الى اهداف العملية العسكرية الخاصة والخطة فهي تعكس الأفكار القديمة الجديدة في ذهن نتنياهو واليمين المتشدد وهذه العملية تتعلق باستمرار الحرب. وتطويق وتقطيع قطاع غزة، وهدف نتنياهو احتلال متواصل لغزة وطرد سكان شمال القطاع ويريد تقسيم القطاع، بحيث يبقى جنوبه تحت حصار إسرائيلي، وتسيطر إسرائيل على شماله وتطرد الفلسطينيين المتبقين فيه لصالح إقامة مستوطنات، كما أن السيطرة على محور فيلادلفيا على طول حدود القطاع تسمح لإسرائيل بتطويق قطاع غزة من جهاته البرية الثلاث وعزله عن مصر، فيما السيطرة على محور “نيتساريم” يقسم بين شمال القطاع، الذي بقي فيه عدد قليل من السكان ومنازل وبنية تحتية مدمرة، وبين جنوب القطاع المكتظ باللاجئين من القطاع كله.

لدى اسرائيل اهداف للسيطرة على قطاع غزة من خلال هذه العملية العسكرية على شمال قطاع غزة بالتطويق والتقطيع، والمجاعة وهي أيضاً محاولات إسرائيلية في تشديد الضغط على الفلسطينيين الذين يرفضوا الخروج كي يغادروا، شمال القطاع وحصرهم في منطقة الوسط، وجزء من الجنوب خان يونس مدمرة وغير قابلة للحياة،ورفح ما زالت محتلة وسكانها نازحين من ستة أشهر ولا افق في عودتهم قريباً.

والاحتلال هو الغاية التي يحارب نتنياهو من أجلها، والحكومة اليمينية المتطرفة ستبقى مكانها طالما أنه يسعى بالأقوال والأفعال إلى احتلال دائم وضم زاحف لقطاع غزة.

وحسب رئيس تحرير صحيفة هارتس الوف بن “أن اليمين الإسرائيلي يطمع بهذه المنطقة من أجل الاستيطان اليهودي، مع قدراتها العقارية الهائلة من طوبوغرافيا مريحة، منظر إلى البحر وقربها من تل أبيب ومنطقتها.

واضاف بن ان نتنياهو كرر خلال الفترة السابفة شعاره الانتخابي من العام 1996 ضد اتفاقيات أوسلو، ’مفاوضات وليس تنازلات’، وهذا يعني بالعبرية أن منطقة محتلة لا تُعاد، ولا حتى بضغوط دولية.

 

 

مركز الناطور للدراسات والأبحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى