مسيرة العودة الفلسطينية: الأهداف والاحتمالات
بقلم : رامي احمد، المعهد المصري للدراسات ٢٢-٣-٢٠١٨م
مسيرة العودة الكبرى هي رديف للفعل المقاوم العسكري، التي قد تنجز أحيانا مهامها بشكل أمضى وأسرع من المقاومة المسلحة في حيز محدد من مساحة النضال الشاسعة وفقاً للظروف التي تفرضها الوقائع على الأرض، المقاومة الشعبية وفورات الضمير الشعبي قد ترتبط قوتها وسطوتها بردة فعل إزاء واقعة بعينها، لهذه الواقعة تأثير مستفز للجموع، لذا يجب استغلال حالات الاستفزاز التي تعيشها القضية الفلسطينية من نقل السفارة الامريكية للقدس وتغول الاستيطان على الأرض الفلسطينية والضغط الذي يمارس على قطاع غزة للتخلي عن مقاومته وسلاحه والسير في مسارات مشبوهة، وهي فرصة لفرض الواقع الفلسطيني على إسرائيل والإقليم والعالم، وقد تربك بعض المخططات التي ترسم الآن لقضيتنا.
مسيرة العودة كما تقول اللجنة التنسيقية لها، هي مسيرة سلمية شعبية مليونيه فلسطينية ستنطلق من غزة والضفة الغربية والقدس والأردن ولبنان وسوريا ومصر، باتجاه الاراضي التي تم تهجير الفلسطينيين منها عام 1948، وتقوم فكرة “مسيرة العودة” على أنها ليست فعالية موسمية تقام ليوم واحد بالتزامن مع إحياء يوم الأرض في الـ30 من مارس؛ وهي فعلٌ يتصاعد ويتدرج، ولن ينتهي إلاّ بتحقيق العودة للاجئين، ستبدأ المسيرة في ذكرى يوم الأرض باعتصام سلمي مفتوح قبالة السلك الفاصل بمسافة 700 متر يتخللها العديد من الفعاليات الوطنية؛ وذلك لاستجلاب الحراك الدولي وإحداث حراك حقيقي لدعم حق العودة.
وكانت اللجنة التنسيقية ذكرت في بيانها الأول “إيماناً بالله واتكالاً منا عليه، وإيماناً بحقنا المقدس في عودة اللاجئين، نعلن بزوغ فجر العودة إلى الديار، وأن حراكا جماهيريا قد انطلق وسيتصاعد لينسج خيوط العودة من آمال شعبنا المشرّد، ومن تضحيات شهدائنا وأسرانا وجرحانا، ومن نضالات شعبنا عبر مسيرة الكفاح الممتدة، وعبر مسيرة العودة عام 2011م، وعبر المسيرة العالمية للقدس عام 2012م، لقد توقفت حرب عام 1948م منذ سبعين سنة، ولم يعد هناك أي مبرر لبقاء اللاجئين بعيدين عن ديارهم”.
الأهداف التكتيكية والاستراتيجية
تهدف مسيرة العودة كما يسعى منظموها، لتنفيذ وتطبيق حق العودة للشعب الفلسطيني إلى ارضه التي طرد منها، وذلك تماشيا وتطبيقا للقرارات الدولية وقرارات الامم المتحدة الخاصة بعودة اللاجئين الفلسطينيين ومنها القرار 194 الذي دعا بوضوح إلى “وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن، للاجئين الراغبين في العودة إلى بيوتهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى بيوتهم، وعن كل مفقود أو مصاب بضرر”.
أما منسّق الهيئة الوطنية لمسيرة العودة وكسر الحصار القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خالد البطش، فأكد أن تشكيل الهيئة جاء لتحقيق الهدف الاستراتيجي للمسيرة وهو الوصول إلى حق العودة، في حين أن الهدف التكتيكي هو كسر الحصار عن غزة والتصدي لقرار ترامب واستهداف وكالة الغوث.
المبادئ العامة لمسيرة العودة الكبرى:
حدد القائمون على المسيرة مجموعة من المبادئ العامة يسعون من خلالها لإنجاح المسيرة ودعمها وتوفير الأجواء المناسبة لرسم صورة أخرى للفلسطيني ترتبط بحقه في العودة، ويمكن أن تكون نموذج جديد لتحقيق العودة لاحقًا، وإحباط أي محاولة من قِبَل الاحتلال لإفشالها ومن هذه المبادئ:
أنها ليست فعاليةً موسميةً أو حدثاً ليوم واحد ينتهي بغروب شمسه، بل هو أسلوب نضالي مستدام ومتراكم لن ينتهي إلا بتحقيق العودة الفعلية للاجئين الفلسطينيين.
هي مسيرة وطنية متجاوزة للاختلافات السياسية، يلتقي فيها الفلسطينيون بمختلف مكوناتهم على القضية الجامعة المتمثلة في عودة اللاجئين، ويجب أن تظل هذه القضية الوطنية الجامعة بمنأىً عن أي اختلافات واعتبارات حزبية.
هي مسيرة شعبية ينبغي أن يظهر طابعها العام شعبياً لا موجهاً من قبل قوىً سياسية، وأن تتصدرها العائلات برجالها ونسائها وأطفالها، وأن تشارك فيها بإيجابية كل مكونات المجتمع المدني.
هي مسيرة حقوقية تنادي بحق إنساني يتمثل في عودة اللاجئين، لذلك فإن مواصلة المسيرة مبرر بعدم إنجاز حق العودة بعد، ولا علاقة لها بأي صفقات أو عروض سياسية من أي جهة.
هي مسيرة قانونية تستند إلى القرارات الدولية وأبرزها الفقرة 11 من قرار الأمم المتحدة رقم 194 والذي يدعو صراحةً إلى عودة اللاجئين الفلسطينيين في أقرب وقت إلى قراهم وبلداتهم.
المسيرة لا تقتصر على بقعة جغرافية دون غيرها، فهي تشمل مختلف أماكن تواجد اللاجئين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية والقدس والداخل ولبنان وسوريا والأردن وغيرها، وتهدف إلى اعتصام اللاجئين سلمياً في أقرب نقطة من بلداتهم التي هجروا منها قسراً.
إنجاح المسيرة يقتضي دوراً فاعلاً من جميع القوى في التحشيد وكافة أشكال الدعم، مع الأخذ بعين الاعتبار في الوقت ذاته ألا يظهر الطابع الفصائلي في المسيرة لتعميق مأزق الاحتلال وهو يواجه الشعب مباشرةً وحرمانه من تسويق دعاية دولية أن هذه الأنشطة تابعة لما يزعم أنها “منظمات إرهابية” لتبرير العنف ضدها.
المسيرة سلمية من مبتدئها إلى منتهاها بشكل كامل، ويجب أن تخلو من أي مظاهر للسلاح او العنف، أو من إلقاء الحجارة أو إشعال الإطارات.
لتأكيد الطابع الشعبي السلمي للمسيرة ينصح بعدم تواجد القيادات الفصائلية المعروفة فيها، وكذلك الإخوة المناضلون المعروفون بأنشطة مسلحة لحرمان الاحتلال من استغلال ذلك إعلامياً.
تعتمد المسيرة أسلوب الاعتصام المفتوح والتقدم المتدرج، ونصب الخيام وإقامة حياة طبيعية بالقرب من السلك العازل مع أراضينا التي هجرنا منها عام 1948 واستجلاب وسائل الإعلام الدولية لإيصال رسالتها إلى كل العالم، وقد يتواصل الاعتصام أسابيع أو شهوراً.
نشر ثقافة الطابع السلمي للمسيرة وأنها شكل نضالي جديد مختلف عن المواجهات وإلقاء الحجارة، ولضمان عدم حيد المسيرة عن رسالتها يفضل أن تبدأ باعتصام قبل الشريط العازل بسبعمائة متر على الأقل منعاً لاشتباك الشبان مع قوات الاحتلال، ثم يكون التقدم تدريجياً على مراحل لإطالة أمد التحشيد الداخلي والخارجي.
الهيئات المشرفة على إدارة المسيرة هي إدارات غير مركزية تفرزها كل ساحة على أن تنسق الإدارات المختلفة في الساحات المختلفة بالشكل الذي تتوافق عليه ويحقق نجاح الفكرة.
يرفع خلال المسيرة والاعتصام علم فلسطين وحده دون أي شعارات حزبية، بالإضافة إلى قرار 194 وشعارات إنسانية تشرح عدالة قضية اللاجئين باللغات العربية والإنجليزية والعبرية.
اللاجئون هم مسئولية الأمم المتحدة، لذلك يؤمل من المؤسسات الحقوقية مهمة مراسلة الأمم المتحدة والمؤسسات الدولية التابعة لها وطلب الإشراف من قبلها على هذه المسيرات وتوجيه رسائل تحذيرية لدولة الاحتلال بعدم استهدافها.
الجهود الإعلامية والحقوقية عبر العالم تمثل ظهر إسناد حامياً لهذه المسيرة من احتمالات العنف الإسرائيلي، لذلك ينبغي التواصل مع مختلف النشطاء والمؤسسات الداعمة للحقوق الفلسطينية عبر العالم وخلق حالة مساندة عالمية لفكرة مسيرة العودة.
ارتباك وتحريض إسرائيلي
بدأت الماكينة الإعلامية والدعائية الإسرائيلية تنفخ في بوق التحريض ضد مسيرات العودة المرتقبة على حدود غزة، وكلما اقتربنا من توجه الجماهير للحدود، يسعى الاحتلال باختلاق ذرائع وفرض حالة من عدم الاستقرار على الحدود لتخويف وارهاب الجماهير، وحرف مسار الاحداث لمناوشات عسكرية، وما حدث من قصف لغزة والاعلان عن اكتشاف انفاق قديمة، سبق أن تم استهدافها يؤكد ذلك، كما أن ما كشفته قناة “كان” الاسرائيلية من أن مسيرة العودة كانت عنوان رئيس على جدول اعمال المجلس الوزاري المصغر، فهم يتعاملون مع الحدث الجمعي كحدث خطير وتحول هام على صعيد المس بمكانة دولة الاحتلال على المستوى الدولي، وخوفا من فرضها لوقائع جديدة على الأرض في ظل المشاريع المشبوهة التي تعد للقضية الفلسطينية هذا كله دليل على أنه مرتبك وقلق من توجهات الشعب الفلسطيني نحو عمل شعبي واسع وكبير.
يقول الجنرال في الاحتياط بالجيش الإسرائيلي “تسفيكا فوجل” في مقال له بصحيفة “يسرائيل هيوم”، “سيناريو الكابوس الإسرائيلي هو مسيرة عشرات الآلاف إلى السياج، بالإضافة إلى إطلاق صواريخ ضخمة وهجوم من الأنفاق المتبقية لحماس”، وتابع فوجل قوله: “إذا تمكنت حماس ونجحت بقيادة واخراج عشرات الآلاف من الفلسطينيين في مسيرة احتجاج إلى الحدود مع “إسرائيل”، وفي الوقت نفسه شنت هجوم من الأنفاق التي لا تزال تملكها بالتوازي مع موجة من الصواريخ، قد نجد أنفسنا في وضع تشغيلي وإعلامي محرج”.
كما حذر عضو “الكنيست” عوفر شيلح، ان “اسرائيل” قد تنجر لحرب في غزة والضفة في حال تردي الاوضاع في غزة وعلينا ان لا ننتظر المجتمع الدولي للنهوض بالأوضاع في غزة لان تكلفة الحرب اعلى بكثير من تكلفة اصلاح الوضع فيها كما ان حماس تستغل الوضع القائم من أجل ارسال المواطنين الغزيين إلى السياج الفاصل من اجل تخفيف الضغوط الداخلية عنها.
هذا وقد أوردت مواقع إسرائيلية أن قيادة المنطقة الجنوبية في جيش (الاحتلال) التي تشرف على «جبهة غزة» تستعد للتهديد المتوقع، في حين أن إحدى المشاكل الأساسية التي تواجه الجيش هي احتمال مشاركة النساء والأولاد في المسيرات، وأن ذلك الأمر يُشعر الجيش بالقلق، عند محاولاته صد المتظاهرين بالقوة، لأن العملية ستلحق ضررا بالغا بسمعة “إسرائيل” دوليا، حال سقوط ضحايا فلسطينيين خلال المواجهات، الذي من شأنه، حسب تقديرات (الاحتلال)، أن يدفع نحو مواجهات مسلحة عنيفة مع الفلسطينيين.
الجيش الاسرائيلي ينظر لمسيرة العودة بمنتهى الخطورة، وقد ألغيت إجازات جنود الاحتلال واعلن حالة الاستنفار استعدادا لإمكانية حدوث تصعيد في الأسابيع القادمة وقد اجتمع الجيش بقيادة رئيس الأركان أيزنچوت يوماً كاملاً على طول الحدود واتخذوا عدداً من الإجراءات الوقائية لمنع اقتحام السلك الشائك الفاصل، واعتمدوا في التعامل مع المظاهرات قاعدتين سيتم إلزام الجيش بتنفيذهما، الأولى، منع قتل أعداد كبيرة، والثانية، منع تجاوز السلك الفاصل بأي ثمن وقرروا الآتي: توزيع بيانات ومنشورات من الجو تحذر المتظاهرين من عواقب تجاوز السلك الفاصل، وإطلاق النار في الهواء، وإطلاق قنابل دخانية، وإطلاق قنابل صوتية وغازية، واستخدام الطلقات النارية.
وبالنهاية أكدوا مسؤولية حماس المباشرة عما يجري، وقدروا أن آلافاً ستشترك في مسيرات العودة وسيتخللها محاولات لتجاوز السياج الفاصل.
من الواضح أن تلويح الاحتلال بالانفجار واستخدام القوة المفرطة، وقرب اندلاع الحرب، وأنها ستكون مكلفة وقوية وتهويل مآلاتها وتوصيف حجم تدميرها والضحايا الذين سيقتلون، كل ذلك من أجل أن يردع الفلسطينيين عما هم مقدمين عليه من فعاليات مرتبطة بمسيرة العودة، المقاومة أذكى من ان تنجر لمواجهة عسكرية مع الاحتلال في هذا الوقت وذلك يتطلب من الجماهير مساندتها والاستنفار والمشاركة بفاعلية بهذا الحدث الجمعي الفلسطيني، المقاومة الفلسطينية تفاجئ الجميع دوماً بقدرتها على الكر والفر ملتفة على موازين القوى، محمية بوعي الشعب الفلسطيني، هذا الوعي الشعبي الذي لم يفقد بوصلته، فمسيرة العودة التي ستنطلق من كل حدود فلسطين وفي داخلها وفي عواصم العالم، هي شكل مهم من أشكال المقاومة، ورديف له لا تقل في أهميته عن الكفاح المسلح الذي هو أبلغ صور المقاومة وأقصرها طريقاً نحو العودة والتحرير.
الاحتمالات المتوقعة
لأن الشعب الفلسطيني حالة تاريخية ترتكز على الثوابت الوطنية التي هي ضميره الجمعي، فإن العوائق التي توضع أمامه لضعضعة دوره في ممارسة إرادته الجمعية، ذات تأثير وقتي، ينتهي تأثيرها بعجز القوى المضادة عن إدامتها، ولقدرة الشعب من جانب آخر على تجاوزها بدوافع التحدي العميقة المغروسة في ضميره، والأدلة التاريخية المعاصرة كثيرة حولنا وفينا، لذلك نجاح مسيرة العودة يحتاج إلى تظافر كل الجهود وإسناد من الكل الفلسطيني، كما وتحتاج المسيرة إلى فرق عمل قانونية وإعلامية من شخصيات ومؤسسات عربية ودولية داعمة للشعب الفلسطيني، في ظل المخاطر التي يحيياها الشعب الفلسطيني اليوم ربما اختار تحويل التهديد إلى فرصة، وعليه فإن الاحتمالات المتوقعة لمسيرة العودة الكبرى هي:
الاحتمال الأول:
نقل الفعاليات إلى منطقة قريبة من المنطقة الحدودية، ثم يعقبها نصب الخيام على مسافة قريبة من حدود قطاع غزة الشرقية، يجري خلالها تخييم فعاليات جماهيرية داخل المخيمات للتأكيد على حق الشعب الفلسطيني بالعودة، يتبعها اقتحام خط الهدنة والتوجه إلى أراضي التي شرد منها الشعب الفلسطيني، ولهذا الاحتمال العديد من المخاطر والتهديدات، فقد راكم العدو “الصهيوني” الخبرات، وابتكرت وسائل لئيمة مختلفة لإجهاض غضب الشارع، وبمستوى أكثر عنفا فإنه لا يمتنع عن خوض مواجهات عنيفة، وقد يعتمد العدو على جميع الوسائل القذرة لقمع الحراك الجمعي، وشق صفوفه، وإشعال الفتنة فيه، والاعتماد على التخويف والتهديد، لعل أبرز التخوفات هو ردة فعل الاحتلال العنيفة واستخدامه القوة المفرطة لتفريق الحشود المتوقعة.
هذا التهديد يمكن الحد منه باحتشاد كثيف ومتواصل والاكتفاء بالمظاهر الوطنية، مع الحفاظ على الزخم الإعلامي خاصة الإعلام الأجنبي، وتوجيه دعوات لتواجد ممثلين عن مؤسسات دولية كوكالة الغوث، والصليب الاحمر إضافة للتمسك بسلمية الحراك حتى لو واجهه الاحتلال بالقوة.
إن نجاح هذا الاحتمال هو بالتصميم والاستمرار على تحقيق الاهداف التي انطلقت من اجلها، وعدم الاستسلام للضغوط والتراجع عن التقدم أو الاكتفاء بإنجازات محدودة ذات بعد إنساني في غزة هدفها امتصاص حالة العضب الشعبي، مما يتطلب مزيدا من الإصرار على إنجاز الهدف الاستراتيجي للمسيرة وهو العودة، مع ضرورة التركيز على العودة وتنفيذ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 وخاصة الفقرة 11 منه وهو هدف جمعي فلسطيني يلتقي عليه اللاجئون في غزة والضفة والشتات.
الاحتمال الثاني
كلما اقترب موعد مسيرة العودة وتوجهت الجماهير للحدود، سيسعى الاحتلال لاختلاق ذرائع وحالة من عدم الاستقرار على الحدود، لتخويف وارهاب الجماهير في حرف مسار الاحداث لمناوشات عسكرية، الإسرائيليون يتعاملون مع الحدث الجمعي لمئات الآلاف من الفلسطينيين، كحدث خطير وتحول هام على صعيد المس بمكانة دولة الاحتلال على المستوى الدولي، وخوفاً من فرضها لوقائع جديدة على الأرض.
لذلك من المتوقع كلما اقتربنا من موعد المسيرة أن تزيد حدة المناوشات على الحدود الشرقية، من خلال افتعال أحداث تبدو بمظهر عسكري، وما استهداف وقصف غزة وإعلان الاحتلال عن اكتشاف أنفاق قديمة سبق أن تم استهدافها خلال الأيام السابقة، إلا دليل على أنه مرتبك وقلق من توجهات الفلسطينيين نحو عمل شعبي واسع وكبير، مما يستدعي من الاحتلال منعه بكل الوسائل حتى قبل انطلاقه، وفي حال انطلقت المسيرة في ظل جو متور وحدود ملتهبة، واندفاع الشباب المتحمس باتجاه اجتياز الحدود، فإن ذلك قد يؤدي ارتفاع في أعداد الشهداء والجرحى نتاج استخدام العدو للقوة المفرطة ضد الجماهير، هذا الامر بالتأكيد يتطلب رداً من المقاومة الفلسطينية وقد يتصاعد الامر ويتدحرج وصولاً لعملية عسكرية واسعة في قطاع غزة.
خاتمة:
مسيرة العودة هي شكل مهم من أشكال المقاومة، تستدعي من قوى الشعب الفلسطيني وفصائله أن تطور أداءها بالتفاعل الواعي، وتجنيب المسيرة لأي مظهر فصائلي مع عدم وجود أي مظهر عسكري بين المشاركين والاكتفاء بالمظاهر الوطنية والتمسك بسلمية الحراك حتى لو واجهه الاحتلال بالقوة، مع العمل على تعزيز التوعية للجماهير المشاركة والنزول لكل مستويات الشعب وتعريفه بكل مراحل المسيرة ومتطلباتها، مع ضرورة تعزيز الوجود الدولي في مكان المسيرة عبر المؤسسات المشرفة على اللاجئين.
إن إسرائيل دولة محتلة تُجهز نفسها وتراكم قوتها لكل الحروب، لكن مواجهة سيل من البشر يتجهز له الفلسطينيون هذه الأيام، يتطلب حسابات أخرى، إن زحفاً كهذا وحده الكفيل بتحييد القوة الإسرائيلية، وعودة قضية الفلسطيني اللاجئ لحالتها الاولى بضرورة عودته وتقرير مصيره1.
المراجع:
بيان اللجنة التنسيقية لمسيرة العودة الكبرى.
ندوة مركز أطلس للدراسات “مسيرة العودة: أهداف، آليات، سيناريوهات”
الصفحة الخاصة بمسيرة العودة الكبرى، رابط
المواقع الاسرائيلية: كان، يديعوت احرنوت، هآرتس، القناة الاسرائيلية الثانية.