ترجمات أجنبية

مركز ستراتفور – ماذا نفعل من الأردن ومصر والتحالف العراقي الجديد

مركز الدراسات الإستراتيجية والأمنية الأمريكي «ستراتفور» – بقلم إميلي هوثورن – 6/7/2021

 الشراكة المتبلورة بين دول عربية، هي: الأردن، ومصر، والعراق، ستحقق مكاسبَ أمنية وتجارية لكل دولة، فضلًا عن أنها ستفسح المجال لصوتٍ عربي بديل في منطقة الشرق الأوسط الأوسع.

قادة العراق، والأردن، ومصر، قد التقوا في 27 يونيو (حزيران) في بغداد لإجراء محادثات رفيعة المستوى بشأن أمور تجارية، وإستراتيجية، وأمنية. واعتماد هذه القوى العربية الوسطى الثلاث على الدعم الخارجي سيحد من سرعة تشكيل تحالفها الثلاثي الجديد. لكن المصالح الاقتصادية والسياسية المشتركة ستستمر في تغذية إقامة الاتفاقية تدريجيًّا، وخاصة إذا زاد التهديد الخاص بالنفوذ الإقليمي التركي والإيراني.

هذه المحادثات جاءت في أعقاب أشهر من الاستعدادات، واجتماع عُقِد بين وزيري خارجية البلدين (مصر والعراق) ببغداد في مارس (آذار) الماضي، وشكَّلت المحادثات أيضًا عودة تاريخية لأول رئيس مصري يزور العراق منذ 30 عامًا.

وأشار رئيس الوزراء العراقي، الذي استضاف اجتماع 27 يونيو، على وجه التحديد إلى وجود «نقطة تحوُّل تاريخية حاسمة» في كل من الحرب العالمية ضد كوفيد-19، وكذلك في الحرب الإقليمية ضد الإرهاب؛ مما أفسح المجال لإنشاء تحالف إقليمي جديد يسعى إلى تحقيق علاقات أقوى في ثلاثة مجالات: الشراكة الاقتصادية، والتعاون السياسي، والتنسيق الأمني ​​والاستخباراتي.

ويحاول العراق من جانبه التوسُّط في علاقات أفضل مع الدول الأخرى ذات الأغلبية العربية لتعزيز قدرته على تحمُّل الضغط المتزايد من جانب إيران، وتركيا بدرجة أقل. وكانت الحكومة العراقية المُحرِّك الأساسي من أجل تشكيل التحالف العربي الجديد. وتوطيد العلاقات مع الدول العربية الأخرى جزء من مساعي السياسيين السُنَّة لتقليل الاعتماد الكبير من جانب العراق على الاقتصاد والنفط الإيرانيين، والذي يمكن أن يكون بمثابة قرض مؤجَّل بسبب العقوبات المفروضة على طهران والمعارضة الغربية لها. على سبيل المثال: طالبت الولايات المتحدة العراق مرارًا وتكرارًا بأن يقلل من حجم علاقاته مع إيران المجاورة. ويعتمد العراق أيضًا على تركيا في بعض إمدادات المياه، فضلًا عن التجارة – خاصة في شمال العراق الغني بالموارد، حيث تعمل حكومة إقليم كردستان على نحو وثيق مع أنقرة لتصدير النفط.

وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قد دعا قادة الأردن ومصر إلى اجتماع 27 يونيو. ويجدر بالذكر اعتماد العراق على إيران في ثلث إمدادات الطاقة والكهرباء تقريبًا؛ مما أدَّى إلى انقطاع خدمة الكهرباء، وحدوث توترات بين بغداد وواشنطن.

تاريخ التحالفات العربية في القرن العشرين

الحرب العالمية الأولى | اقتراح «الاتحاد العربي»

اقترحه دبلوماسيون بريطانيون مقابل تقديم مساعدات للحكومات العربية من أجل إشعال نار الثورة ضد الإمبراطورية العثمانية.

1945 | جامعة الدول العربية

اتَّخذت من القاهرة مقرًا لها، وتشكَّلت من الدول المُؤسِّسة، وهي مصر، وسوريا، ولبنان، والعراق، والأردن، (ثم شرق الأردن)، والمملكة العربية السعودية. ولم تزل جامعة الدول العربية قائمة وموجودة حتى الآن.

1958 | الاتحاد العربي الهاشمي

اتَّخذ من بغداد مقرًا له، وتشكَّل بين العراق والأردن. وانهار هذا الاتحاد بعدما تعرض العراق لانقلاب ثورة 14 يوليو (تمُّوز) 1958، (انقلاب أطاح المملكة العراقية الهاشمية التي أسسها الملك فيصل الأول تحت الرعاية البريطانية، وقتل على أثره جميع أفراد العائلة العراقية المالكة).

1961-1958 | الجمهورية العربية المتحدة

اتَّخذت من القاهرة مقرًا لها، وتشكَّلت بين مصر وسوريا. وانهارت بعدما تعرضت سوريا لانقلاب، انتفاضة لضباط الجيش السوري في 28 سبتمبر (كانون الأول) 1961.

1971 | الإمارات العربية المتحدة

اتَّخذت من أبوظبي مقرًا لها، وتتكون من سبع إمارات مستقلة في اتحاد واحد ودولة واحدة. ولم تزل قائمة وموجودة.

1977-1972 | اتحاد الجمهوريات العربية

اتَّخذت من القاهرة، وطرابلس، ودمشق مقرات لها، وتشكلت بين مصر، وليبيا، وسوريا. وانهار هذا الاتحاد بسبب انهيار العلاقات المصرية الليبية.

1981 | مجلس التعاون الخليجي

اتَّخذ من العاصمة السعودية الرياض مقرًا له، وتشكل بين السعودية، والبحرين، والكويت، وعمان، وقطر، والإمارات العربية المتحدة. ولم يزل قائمًا.

قلة التعاون ضد أعداءٍ مشتركين، مثل «تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)»، قد تمكِّن تركيا وإيران من كسب مزيد من النفوذ في المنطقة، وهو ما تَعدُّه بعض الدول العربية تهديدًا لها. أضاف التقرير أن فوضى الربيع العربي في عام 2011، وحالة التشدد التي أطلَّت برأسها في السنوات التالية، كانت سببًا في لمِّ شَمْل عدد من الخصوم الإقليميين معًا، بما في ذلك إيران وتركيا، وكذلك الأردن، ومصر، والعراق. كما أدَّى تهديد «تنظيم الدولة» إلى انتشار عسكري أمريكي أعمق في المنطقة. وفي الوقت الذي يقف فيه التنظيم الجهادي العالمي بعيدًا كل البعد عن الهزيمة، فقَدَ تنظيم «داعش» قدرته على النمو السريع وكسب الأراضي؛ حيث طوَّرت قوات الأمن العراقية والقوات العسكرية الإقليمية الأخرى قدراتها على مكافحة الإرهاب تطويرًا أفضل.

الكل يبحث عن مصالحه

 إفصاح القادة المصريين والأردنيين والعراقيين جميعًا مؤخرًا عن رغبةٍ قوية في تقليل تركيزهم على تنظيم الدولة» وحالة التشدد التي انبثقت عن بعض الأحداث، مثل الحرب الأهلية السورية، التي اتَّسمت بعدم الاستقرار في العقد الأخير بعد الربيع العربي.
وفي هذه الأثناء تسعى حكومتا تركيا وإيران إلى تعميق شراكاتهما في الشرق الأوسط. وقد تكون العلاقات التركية الإيرانية الأوثق مفيدة على الصعيد الاقتصادي لمصر، والأردن، والعراق، ولكنها تشكل خطرًا يتعلق بتآكل النفوذ الإقليمي العربي الأوسع. وكانت الولايات المتحدة واضحة بشأن رغبتها في تقليص بعض الانتشار العسكري في المنطقة، والذي زاد بسبب تهديد الدولة»، وتتفاوض حاليًا مع الحكومة العراقية على جدول زمني للانسحاب.

اعتماد الأردن، ومصر، والعراق على قوى خارجية لتحقيق بعض مصالحها الاقتصادية والأمنية لن يؤدي إلى إبطاء تشكيل تحالفهم فحسب، بل سيحد من نطاقه النهائي. وتعتمد هذه الدول العربية الثلاث جميعها على مساعدات خارجية بطريقة أو بأخرى، ولا يمكنها تحمُّل تكاليف حرق جسور العلاقات مع رعاتها الأكثر ثراءً. ولهذا السبب يهدف تحالفهم الجديد إلى تنويع العلاقات فحسب مع الحفاظ على استمرارية علاقاتهم التجارية وتدفق المساعدات.

لا يمكن رفض المساعدات أو الاستثمارات

مصر والأردن تأتيان بعد إسرائيل مباشرةً من حيث تلقِّي أكبر قدر من المساعدات الأمنية من الولايات المتحدة، وليس هناك ما يشير إلى أن ذلك سيتغير حتى في ظل محاولة واشنطن تقليص وجودها العسكري في المنطقة. كما تتشاطر مصر، والأردن، والعراق المخاوف بشأن الهيمنة الإقليمية لقوى الخليج العربي، مثل: الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، التي يسعى كل منهما إلى إقناع العالم العربي بدعم سياساته وأولوياته.

لكن من غير المرجح أن ترفض القاهرة، وعمان، وبغداد، أموال الاستثمار الخليجية؛ مما يمنح الرياض وأبوظبي بعض النفوذ السياسي داخل حكومات تلك الدول الثلاث. إن العراق، على وجه الخصوص، المعتمد على النفط والمُثقل بالديون ليس في وضع يمكِّنه من رفض التمويل الأجنبي، حيث يواجه البلد أزمة مالية متفاقمة.

كما سيوفر التحالف الناشئ للقوى المتوسطة بين دول الخليج العربي الأقل ثراءً بعض التراجع عند مواجهة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، اللتين استخدمتا ثروتهما في جهود حثيثة لتتولَّيَا قيادة العالم العربي الأوسع. ومن المرجَّح أن تحاول أبوظبي والرياض استمالة بعض شركائهم العرب الرئيسين في المنطقة، أو على الأقل الاستفادة من أية علاقات متنامية بينها، بغض النظر عن مدى قدرتهما على إدارة تلك العلاقات المزدهرة من عدمها.

فوائد تجارية محتملة

التنسيق الأفضل بين الأردن، ومصر، وأجهزة المخابرات العراقية يمكن أن يساعد في التحايل على تطور أي تهديد عابر للحدود في المنطقة، كالذي كان يمثله «تنظيم الدولة» في ماضي الأيام. وتتمتع الدول الثلاث جميعها بمخابرات وقوات أمنية قادرة على الخضوع لقدر كبير من التدريب الغربي والأمريكي. كما أن العلاقات القوية بين ثلاثة من أقرب الشركاء الأمنيين والدبلوماسيين للولايات المتحدة ستطمئن واشنطن أيضًا على أن انسحابًا إضافيًّا للقوات الأمريكية في المستقبل لن يعطل الاستقرار الإقليمي تعطيلًا كبيرًا بما يتماشى مع أهداف الولايات المتحدة.

هناك بعض الفوائد التجارية المحتملة غير المستغلة بشأن الطاقة والعلاقات التجارية التي يمكن أن تعود بالنفع المتبادل على البلدان الثلاثة أيضًا. والأردن حريص على إعادة التجارة مع العراق المجاور، وقد تبخرت تلك التجارة خلال قتال «تنظيم الدولة». وتأمل مصر أيضًا في الاستفادة من علاقات أعمق بين شركات الطاقة المصرية ونظيراتها العراقية – خاصةً أن مصر على أعتاب تطوير المزيد من احتياطيات النفط والغاز في البحر الأبيض المتوسط​​، كما أن العراق حريص على جذب المستثمرين الإقليميين إلى أصول النفط والغاز الخاصة به.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى