ترجمات عبرية

مردخاي كرمنتسر / الكنيست تخترق احترام القانون

هآرتس – بقلم  مردخاي كرمنتسر – 7/8/2018

التشريع يستهدف مواجهة مشاكل اجتماعية من اجل أن يخدم حاجات كل المجتمع. في السنوات الاخيرة، بدء من الكنيست الثامنة عشرة، تنتشر ممارسة تتمثل في تشريع واقتراحات مشاريع قوانين تتجاهل ذلك. عرض بارز لهذه الظاهرة نجده في اقوال التفسير لمشاريع قوانين لا تتضمن وصف للمشكلة، ولا نريد الحديث عن غياب كامل للبيانات الداعمة لوجودها.

في احيان كثيرة هناك فجوة كبيرة بين هدف القانون المدعى به وبين هدفه الحقيقي. مؤيدو وضع تشريع ضد منظمات اعلنوا في البداية أنه ليست لهم مصلحة في منظمات معينة بالتحديد، وكل هدفهم هو ضمان شفافية فيما يتعلق بمصادر التمويل الاجنبية. بعد أن تم ضمان الشفافية، تواصلت الجهود لتقويض شرعية هذه المنظمات، من خلال عرضها الكاذب وكأنها تروج لمصالح دول اخرى، وتعمل من اجل تقديم جنود الجيش الاسرائيلي للمحاكمة خارج اسرائيل. المطالبة بالشفافية لم تكن سوى تمويه لتصفية محددة ضد منظمات معينة.

عمليات التمويه والاخفاء اتخذت ايضا بخصوص مبدأ الاستيطان اليهودي. صحيح أنه تم ادخال بند في قانون لجان القبول يمنع التمييز رغم أنه من الواضح للجميع أن الامر يتعلق بالغمز ولفت الانتباه. كل القانون يستهدف تمكين انشاء بلدات لليهود فقط، أي تشريع للتمييز ضد غير اليهود. ايضا في الصيغة الاولى لقانون القومية جرت محاولات ضد هدف اقامة بلدات لليهود فقط، من خلال امكانية انشاء بلدات متجانسة على قاعدة عالمية بقدر الامكان متمثلة بالدين أو القومية.

إن عدم الالتزام بالحقيقة وجد تعبيره ايضا في نص القوانين نفسها. مثال على ذلك هو اخفاء مواطني اسرائيل العرب من قانون القومية وكأن الدولة ايضا لهم. مثال آخر هو القوانين التي تتعلق بالمناطق المحتلة وكأنها جزء من اسرائيل.

احيانا يبرز انعدام الهدف من التشريع بحيث لا تجد هناك علاقة بين ما تريد أن تروج له وبين الوسيلة التي تم اتباعها. القانون ضد “نحطم الصمت” على سبيل المثال، موجه ضد هدف غير موجود.

على الاغلب، ضرر القانون يزيد بكثير عن فائدته مثل القانون الذي يلزم بايداع جزء من راتب العمال الاجانب الذين ليس لديهم تأشيرة دخول – اساءة – الذي هو ايضا سرقة. ولكن الرقم القياسي مسجل على اسم قانون القومية الذي هو ضرر شديد بحد ذاته. يوجد في هذا ما يدل على أن الامر يتعلق فعليا بقوانين هدفها الحقيقي هو الترويج لاهداف مرفوضة مثل تشريع التمييز واسكات الآراء غير المقبولة، والاخطر من ذلك – فرض الرواية السياسية للنظام المختلف عليها جدا لدى الجمهور. هذا التراكم من القوانين الظالمة والغبية ليس صدفيا. هي تستدعي النظر الى الصورة بالكامل. اجراءات التشريع هذه تستهدف تصفية التمايزات الضرورية بين الحكم والدولة، بين المجتمع والدولة، بين حكم الاغلبية وحكم الشعب. وأحد الخصائص الضرورية للديمقراطية، الذي استهدف ضمان وجود هذه التمايزات، هو الفضاءات المستقلة التي تنشئها الدولة الى جانب السلطة ومقابلها: وسائل الاعلام، التعليم، الثقافة، التعليم العالي والبحث العلمي، الدين ومنظمات المجتمع المدني.

هذه الفضاءات استهدفت ضمان، ضمن امور اخرى، أن سلوك النظام سيكون خاضع للنقد المتنوع في أي وقت، ويشكل وزن مضاد للحزبية السياسية والقطاعية، التي هي على الاغلب مستبدة، والاتفاقيات التي تعززت، رغم أنه أكل الدهر عليها وشرب، وأصبحت مقدسة من اجل التمكين من فضاء مدني مهم ورسمي هدفه مصلحة الجميع.

يوجد للقانون في الدولة الديمقراطية مصادر شرعية تتجاوز قوة انفاذ الدولة. احدها يكمن في الفكرة الديمقراطية: الشعب، بواسطة ممثليه، يحدد معايير من اجله، وملزمة له. هذا مشروط باحترام استقلال الفضاءات الاجتماعية – خارج السلطة، والحفاظ بصورة كبيرة على حرية التعبير. وهو مشروط ايضا بأن اجراءات التشريع والقانون نفسه تعبر عن روح ديمقراطية وتشمل جميع المواطنين، والعمل لصالح الجميع، مثل التي يمكن للمواطنين الاحرار والمتساوين أن يوافقوا عليها.

لذلك، في قانون القومية وقوانين مشابهة اخرى فقد سحب النظام من نفسه قاعدة الشرعية الديمقراطية. اضافة الى ذلك، قاعدة الشرعية الاكثر اهمية للقانون هي اخلاقية مضمونه. قانون الاساس الذي يلزم الاقلية بالتسليم بتغييبها ورؤيتها كمتدنية هو غير اخلاقي. تشريع يمس المساواة ولا يهم اذا كان الامر يتعلق بالنساء أو السود أو المثليين أو الدروز أو العرب، يتناقض مع العدل، لذلك هو لا يستحق الاحترام.

رئيسة محكمة العدل العليا في بولندا رفضت الاستقالة من منصبها قبل حوالي شهر، مع العلم أنها تخرق قانون جديد للبرلمان في بولندا، الذي خفض سن التقاعد للقضاة الموجودين في وظائفهم (وهي فكرة طرحت لدينا ايضا). لقد جلست في مكتبها، رغم أن ولايتها حسب القانون انتهت. هل المس بالمساواة في قانون القومية اقل خطورة من المس باستقلالية القضاة في بولندا؟ هل الكنيست تريد أن تجعل حماة القانون لا يحترمون قوانين لا يمكن بأي شكل احترامها؟ هكذا تهز الكنيست احترام القانون وتقوض القاعدة لنفاذه الملزم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى