منوعات

محمد قاروط أبو رحمة: حوار مع ابو راكان، المعرفة ليست كالفهم، الى روح الشهيد محمد حوراني ابو راكان

محمد قاروط أبو رحمة 20-5-2025: حوار مع ابو راكان المعرفة ليست كالفهم الى روح الشهيد محمد حوراني ابو راكان

“لأننا نفهم ونعرف نريد إعطاء شعبنا الأمل بدولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس. من اهم مقولات محمد حوراني رحمه الله. كتب هذا النص بتاريخ 17/12/2023. وحاورته قبل ذلك باسبوع، اعيد نشره مع بعض التعديلات الطفيفة.

محمد الحوراني

في ذروة الانتفاضة الثانية، وتقطيع أوصال المدن والقرى والمخيمات بالحواجز، وصعوبة وأحيانا استحالة التحرك والوصول إلى الخدمات الصحية وخصوصا المستشفيات، كان مستشفى أريحا يستقبل المرضى من شفى الأغوار من محافظات جنين وطوباس ونابلس ورام الله والبيرة والخليل والقدس وبيت لحم.

كنت اعرف هذا الأمر.

طلب مني احد الإخوة من طوباس أن اهتم بوالدته وشقيقته أللوات سيصلن إلى مستشفى أريحا الحكومي للعلاج.

اصطحبت زوجتي وقمنا بما يجب أن نقوم به.

في المستشفى لاحظنا أن معظم المرضى من السيدات، ومعظمهن من الولادات، وكلهن تقريبا بلا مرافق.

لقد تنبهنا لهذا الأمر. لقد فهمنا ما الذي ينقص المرضى في المستشفى.

كان ينقص المرضى، التعاطف، ينقصهم فهم معاناتهم الناتجة عن المرض وعدم وجود العائلة حولهم.

ولأني قضيت جزءا من عمري قبل الزواج وبعده بعيدا عن الأجواء العائلية، فإننا كعائلة نعرف جميعا معنى الغربة، ومعنى أن تكون وحيدا، او في بيئة ليست بيئتك.

إنها الخبرة الحقيقة الناتجة عن التجربة.

إن الفهم لا تجده في الكتب او الشعارات.

ان تعرف ليس أمرا صعبا.

لكن الفهم يحتاج إلى أن يكون ما نقوم به، نقوم به بحضور كامل للوعي، والاستعداد لتقبل النقد أثناء العمل وبعد الانتهاء منه، ثم تقييم تجربتنا، واستخلاص الدروس. هكذا تتحول التجربة إلى خبرة قابلة للدمج بنظامنا المعرفي.

الفهم ناتج الخبرة التي هي المعرفة الحقيقية القابلة للتعميم.

وحيث أني اسكن في مخيم عقبة جبر اقرب تجمع سكاني لمستشفى أريحا. قمت وزوجتي بناء على فهمنا لظروف المرضى بتشكيل مجموعات لزيارة المرضى، وتزويدهم بالطعام المنزلي المعد لطبيعة مرضهم، وحتى استضافتهم في بيوتنا لقضاء حوائجهم ومن اجل التخفيف عن معاناتهم.

في جلسة نقاش مع مدير المستشفى قال نحن نهتم بالمرض ونوفر لهم الوجبات الغذائية المناسبة. قلت: أنت تعالج المرض وترعي المرضى، ونحن نهتم بمعاناتهم لأننا لدينا تجارب فردية وجماعية قاسية جعلتنا نفهم معنى المعاناه، وليس فقط نعرف أنهم مرضى.

المعرفة ليست كالفهم.

عندما تبنت منظمة التحرير الفلسطينية برنامجا سياسيا قائم على أساس إقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس. كان كوادر الحركة الوطنية الفلسطينية، وخاصة كوادر حركة فتح وقادتها، يعرفون ويفهمون طبيعة المشروع الغربي الصهيوني في بلادنا العربية، ويفهمون دور دولة المشروع الغربي الصهيوني في فلسطين ويعرفون ويفهمون البيئة الإقليمية والدولية التي يناضل شعبنا فيها ومن خلالها.

لأنهم كانوا يعرفوا، ويفهموا ذلك، فهموا أهمية إعطاء الأمل لشعبنا ليناضل لتحقيق هدف يمكن تحقيقه.

فهمنا معنى إعطاء الأمل لشعبنا، لأننا جزء منه، ونعيش معه، ولأننا كنا نحمل البندقية، وقضينا عمرا بالمعتقلات والغربة.

نحن الذين كنا ندفن الشهداء. نحن الذين كنا نحمل الجرحى. نحن كنا نتألم لألم الجرحى عندما نعجز عن نقلهم. نحن نمنا مع أجسام الشهداء، مع أجزاء من أجسامهم.

لم نقرا عن ذلك، عشنا ذلك، ولأننا عشنا هذه التجارب فهمنا معنى معانات شعبنا.

حتى تفهم يجب أن تجرب. وان تجرب بوعي. وان تستخلص العبر من تجربتك.

والمعرفة ليست كالفهم.

في معركة الخندق،استعصى على الصحابة تحطيم صخرة، قاستعانوا بالنبي صل الله عليه وسلم، مسك المعول وضرب ثم قال:

بسمِ اللهِ، فضرب ضربةً فكسر ثُلُثَها، وقال:

اللهُ أكبرُ أُعْطِيتُ مَفاتيحَ الشامِ، واللهِ إني لَأُبْصِرُ قصورَها الحُمْرَ الساعةَ، ثم ضرب الثانيةَ فقطع الثلُثَ الآخَرَ فقال:

اللهُ أكبرُ، أُعْطِيتُ مفاتيحَ فارسٍ، واللهِ إني لَأُبْصِرُ قصرَ المدائنِ أبيضَ، ثم ضرب الثالثةَ وقال:

بسمِ اللهِ، فقطع بَقِيَّةَ الحَجَرِ فقال: اللهُ أكبرُ أُعْطِيتُ مَفاتيحَ اليَمَنِ، واللهِ إني لَأُبْصِرُ أبوابَ صنعاءَ من مكاني هذا الساعةَ.

المصدر : فتح الباري لابن حجر

لم يعد الرسول الصحابة بالجنة، ولا الحور العين، لقد فهم ثقل الواقع عليهم، وأراد أن يعطيهم الأمل وهم أحياء. فهم وقال ما يحفزهم على العمل لقطف ثماره وهم او أبنائهم أحياء في الدنيا.

لأننا نفهم ونعرف نريد إعطاء شعبنا الأمل بدولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس.

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى