أقلام وأراء

محمد عايش يكتب المطلوب فلسطينياً بعد تأجيل الانتخابات

محمد عايش 4/5/2021

قرار تأجيل الانتخابات الفلسطينية هو الصواب، والدعوة لعقدها كان الخطأ، بسبب أن هذه الانتخابات ليست في مصلحة حركة فتح ولا حماس، ولا يُمكن أن تنتهي إلا بتعميق الانقسام وإشعال مزيد من الخلافات، ما يعني في نهاية المطاف أنها تتناقض مع المصالح العليا للشعب الفلسطيني، ولا يستفيد منها إلا التيار المنشق عن «فتح» الذي يبحث له عن موطئ قدم في المشهد الفلسطيني.

وبالإضافة الى أزمة الانتخاب في القدس، وعدم سماح الاحتلال بأي مظهر انتخابي في المدينة المقدسة، فإن مشكلة الانتخابات الفلسطينية أيضاً، أنها كانت من المفترض أن تجري بمعزل عن أي خطة لإنهاء الانقسام، بما يجعلها أقرب إلى سيناريو انتخابات عام 2006، بما يجعل من المستحيل أن تنتهي بالمصالحة بين فتح وحماس أو بالوحدة بين الضفة وغزة.

قرار تأجيل الانتخابات يجب أن يعيد الفصائل الفلسطينية فوراً إلى مائد الحوار، ويجب أن يعيد حركتي حماس وفتح إلى ما كانتا عليه في أواخر العام الماضي، عندما انعقدت لقاءات مهمة بين ممثلين عن الحركتين في إسطنبول بتركيا، وانتهت بتفاهمات كانت الأهم منذ 15 عاماً، حيث أن المطلوب سابقاً وحالياً ومستقبلاً، هو تحقيق المصالحة والوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام الداخلي، بما يجعل الفلسطينيين أقدر على مواجهة الاحتلال، وهذا كله لا يتطلب بالضرورة أي انتخابات، وإن كان من الممكن إجراؤها لاحقاً بعد تغير الظروف. المطلوب من الفصائل الفلسطينية اليوم بعد اتخاذ القرار بتأجيل الانتخابات والتراجع عن عملية الإلهاء بها، التي بدأت منذ بداية العام الحالي، هو ما يلي:

أولاً: عودة الحوار المباشر والفوري بين فتح وحماس، والبناء على ما تم التوصل اليه في اسطنبول في أيلول/ سبتمبر 2020، أي استئناف الحوار من أجل إنهاء الانقسام، لا من أجل تنظيم انتخابات، على قاعدة أن المصالحة والانتخابات ضدان لا يجتمعان، أي أن الانتخابات تؤدي الى تعميق الانقسام لا تقريب المصالحة، وعليه فالمطلوب إنهاء الانقسام لا تعميقه، عبر اتفاق بين الحركتين، لا عبر انتخابات تعيد سيناريو عام 2006.

ثانياً: على الفصائل الفلسطينية الـ14 التي اجتمعت في القاهرة قبل شهور أن تبدأ الترتيب لعقد مؤتمر وطني تشارك فيه القاعدة الأوسع من ممثلي الشعب الفلسطيني، من أجل البحث في إعادة بناء منظمة التحرير، وإعادة تشكيل مؤسساتها، وتفعيل دورها، على قاعدة أنه ينبغي علينا تجاوز «السلطة الفلسطينية» وأن هذه سلطة تحت الاحتلال، وأن هذه السلطة نتجت عن اتفاق أوسلو، الذي فشل وانهار وانقلبت عليه إسرائيل.

ثالثا: على حركتي حماس وفتح أن تعقدا مؤتمرات عامة علنية ومفتوحة، من أجل تقييم المسار السابق وتحديد ملامح المستقبل، وبما يعيد إنتاج المشروع الوطني الفلسطيني، وبما يعيد الاتفاق على منهج مقاومة الاحتلال، لأن كلا منهما يجب أن تتعامل مع نفسها على أنها حركة تحرر وطني وليست حزباً سياسياً، وعليه فإن البوصلة يجب أن تكون دوماً باتجاه التحرر من الاحتلال، لا المنافسة على اقتسام جزء من السلطة، التي هي – كما هو معلوم – سلطة تحت الاحتلال.

على الفلسطينيين أن لا يتوقفوا عند الانتخابات، التي كانت فكرة تنظيمها غير موفقة، وأغلب الظن أنها كانت استجابة لضغوط خارجية، سواء من الاتحاد الأوروبي الذي يضغط على عباس من أجل شرعنة مساعداته المالية للسلطة، أو من بعض الدول العربية، التي تضغط على عباس وحماس معاً من أجل الموافقة على الانتخابات بهدف إعادة التيار المنشق عن حركة فتح إلى الأراضي الفلسطينية ومنحه مكاناً داخل السلطة. المطلوب فلسطينياً هو إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة والبدء فوراً بإعادة بناء منظمة التحرير، وإعادة تشكيل مؤسساتها وإعادة رسم ملامح المشروع الوطني الفلسطيني على قاعدة، أنه ينبغي علينا تجاوز السلطة، وإذا كانت هذه السلطة باقية لا محالة، ولا أمل في حلها والتخلص منها، فينبغي تغيير وظيفتها، وفكرة تغيير وظيفة السلطة سبق طرحها على المستوى الفلسطيني، وتحتاج الى أن تتم بلورتها ومن ثم تنفيذها لضمان أن تكون لدينا سلطة تتناقض مع الاحتلال، ولا تقدم له أي خدمات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى