محمد خروب: بعد حوارات الجزائر هل هي وثيقة وفاق وطني فلسطيني حقاً؟
حوارات الجزائر: محمد خروب ١٦-١٠-٢٠٢٢م
اختُتم في العاصمة الجزائرية يوم 13 الجاري فصل جديد من حوارات الفصائل الفلسطينية الـ«14», إلى جانب ما يُوصفون في القاموس الفصائلي/السائد.. «المُستقلّون وممثلو منظمات المجتمع المدني», ما أوصل عدد المُتحاورين الى تخوم الـ«100».
حوارات الجزائر تواصَلت ليومين, ولم تحدث أي مفاجأة تستدعي تمديد جلسات حوار تكرّر للمرة السابعة, الذي هو في واقع الحال حوار بين حركة فتح ومُنافِستها (حتى لا نستخدم توصيفاً آخر) حركة حماس، فيما توزّع باقي المتحاورين بين الحركتين لأسباب مختلفة كرّستها سنوات الانقسام منذ العام 2007. وما يزال الشعب الفلسطيني يدفع الأكلاف الباهظة لهذا الصراع بين حركتين تُصران على التمسّك بشروطهما التعجيزية لتحقيق مُصالحة «هشّة» لا تلوح في الأفق حتى بعد توقيع ما وُصف «وثيقة الوفاق الوطني”, التي اتّسمَت بالعمومية وحفلت بلغة مُراوغة?وحمّالة أوجه, قابلة لتفسيرات متباينة يمكن استغلالها لنسف أي محاولة جادة لتوافقات الحد الأدنى حتى. ضاربة عرض الحائط بكل ما باتت عليه جموع الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع, وإلى حد ما بين فلسطينيي الداخل وخصوصاً في الشتات, من قناعات بأنّ الصراع في «جوهره» يتمحور على الفوز بكعكة السلطة المسمومة, أكثر مما يتعلق بالقراءات والمواقف السياسية, التي لا تلبث أن تتصدّر المشهد كلما لاح في الأفق, مسعى عربي جاد لا يروم «توظيف الورقة», في مسعى لإنهاء الانقسام والتوجّه نحو تبني مواقف صلبة ذات بُعد وطني لا فصائلي, أو يتم ت?ريسه لصالح هذا المحور العربي أو ذاك, وعبره نحو واشنطن أو تل أبيب. وتحول دون نجاح مشروعات تصفية القضية الفلسطينية من قبل أطراف ودول وأحلاف, لم تعُد تُخفي موافقتها الانخراط في مُخطط صهينة المنطقة وأسرَلتِها ومنح دولة العدو الصهيوني تفويضاً لقيادة المنطقة وكتابة جدول أعمالها.
ما علينا..
يُسجل للجزائر الشقيقة وهي تستعد لاستقبال مؤتمر القمة العربية في الأول من تشرين الثاني الوشيك, مواظبتها على جمع كلمة الفصائل الفلسطينية المُتناحرة والتي يبدو أن معظمها (أي الفصائل) تريد التغطية على إخفاقاتها حدود الفشل, في التصدي أو حتى إعاقة مشاريع التهويد والضم والأسرلة، عبر منح أولوية مُزيفة لحوارات تُوصَف بالعميقة والجادة لكنها لم تفضِ يوماً إلى أي نتيجة طوال 15 عاماً, بعد انفراد حركة حماس في قيادة قطاع غزة المُحاصر والمُجوّع, واستمرار فتح/السلطة في إدارة شؤون الضفة الغربية المحتلة, دونما قدرة على كبح ا?قمع الذي يمارسه الاحتلال العنصري/الاستيطاني, بكل فئات الشعب الفلسطيني وممارسة الإعدامات الميدانية بحق الفلسطينيين دونما أي اعتبار أخلاقي أو إنساني أو قانوني, تؤيده في ذلك وتدعمه وتُدافع عن ارتكاباته الوحشية, دول المعسكر الغربي وعلى رأسها الولايات المتحدة..
لم تعد ثمة أهمية تُذكر أو قيمة لدى الجمهور الفلسطيني وبخاصة في الضفة والقطاع, للتصريحات والبيانات التي تصدُر عن الفصائل الفلسطينية, قبل وخلال وبعد مؤتمرات وحوارات تتحّدث عن المصالحة وإنهاء الانقسام، ما دامت الحال البائسة هذه مُستمرة طوال عقد ونصف، فيما يتواصل الاستيطان وتهويد القدس واستباحة المقدسات والإعدامات الميدانية، في الوقت نفسه الذي لا تتوقّف فيه مهرجانات الخطابات الحماسية واحتفالات قادة الفصائل وزياراتهم وبخاصة قادة فتح/وحماس لبعض الدول العربية/وغير العربية, دون أن تسفر تلك اللقاءات أو الزيارات أو ?لخطابات العرمرمية عن أي نتائج ملموسة. على النحو الذي يُذكِّرنا بـ«حكاية إبريق الزيت»، التي تعني في المأثور الشعبي أن ليس ثمة حكاية في الأساس او حتى مجرّد إبريق للزيت, وإنما كل ما يُقال ويشار إليه.. هو «كلام في كلام».
ليس المقصود بهذه العجالة بثّ اليأس أو الترويج للتشاؤم وملامسة العدمِيّة, بقدر ما تروم الإضاءة على مشهد فلسطيني سياسي وخصوصاً فصائلي «قاتِم», تُبذَل فيه وعود مُتكررة ومزاعم بوجود نِيّات حسنة, لكنها تُخفي/وتستبطِن «كما بات واضحاً ومعلوماً» رغبة لدى هذه الفصائل, التمسّك بمواقفها وإرسال رسائل «طمأنة» للمحاور التي تنتمي إليها. وغالباً لتسويق نفسها لدى عواصم القرار الدولي/الغربية.