أقلام وأراء

محسن أبو رمضان يكتب – بخصوص القائمة المشتركة

محسن أبو رمضان  *- 18/10/2020

تردد مؤخرا عبر وسائل الاعلام عن نية حركتي فتح وحماس بتشكيل قائمة مشتركة لخوض انتخابات للمجلس التشريعي كجزء من ترتيبات عامة تشمل دمج حماس بالمنظمة والاتفاق عل جميع الآليات الرامية لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني.

يرى بعض المثقفين أن هذه القائمة ستعيد إنتاج النخب القديمة التي عانى منها شعبنا جراء سنوات الانقسام كما ستعمل على تقليص مساحة الديمقراطية عبر الاستحواذ على الكم الأعظم من المقاعد بسبب نفوذ الحركتين الواسع بين أوساط القاعدة الشعبية بدليل ما ظهر من نتائج الانتخابات للعديد من الهيئات سواء البلديات او النقابات المهنية أو مجالس طلبة الجامعات.

اعتقد ان المقاربة الانتخابية والديمقراطية في مجتمعنا يجب أن ترتبط بالسياق الوطني وليس بالضرورة بالسياق الديمقراطي فقط.

وعلية فإن الانتخابات يجب أن تصب في مصلحة العمل الوطني في مواجهة صفقة القرن وخطة الضم ومسار التطبيع.

وإذا أردنا إعادة صياغة الحالة الوطنية الفلسطينية وفق مفهوم التحرر الوطني فإن مدخل التوافق الديمقراطي يتقدم بهذه الحالة عن العملية الانتخابية والديمقراطية.

وعلية فإن توافق الحركتين الكبيرين يشكل الشرط الضروري لمواجهة التحديات العاصفة والمحدقة بالقضية الوطنية لشعبنا.

وفي إطار استعادة مفهوم التحرر الوطني فيصبح والحالة هذه من الضروري التركيز على ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني على قاعدة ديمقراطية وتشاركية.

وحتى يتم الانتقال عبر مفهوم التوافق من حالة المحاصصة التي تلقى انتقادا واسعا بين أوساط عديدة من المثقفين وبعض القوى السياسية والمجتمعية فإن التوافق يحب أن يترابط مع عملية تقود الى ترتيب البيت الداخلي بحيث يتم إعلاء شأن منظمة التحرير الفلسطينية كجبهة وطنية عريضة تمثل جموع الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده وان تقوم بالإشراف على السلطة التي من الهام إعادة وظائفها لتعمل على تقديم الخدمات وتعزيز صمود شعبنا.

ومن أجل الاستمرار بالمسار التحرري فمن الضروري أن لا يتم تجديد شرعية اتفاق أوسلو عبر انتخابات للمجلس التشريعي بل انتخابات لبرلمان دولةفلسطين وبوصفها تحت الاحتلال ومطالبة بلدان العالم والأمم المتحدة بالعمل على ازالته وتحقيق الحرية والاستقلال والعودة لشعبنا وفق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.

سيكون أعضاء برلمان دولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران عام 67 أعضاء طبيعيين في هذه الحالة بالمجلس الوطني لتستكمل عضويته من خلال انتخابات باقي الأعضاء من الشتات او عبر التوافق الديمقراطي.

ان تشكيل قائمة مشتركة بين فتح وحماس سيقطع الطريق على تيار السلام الاقتصادي الذي ربما سيستفيد من الانتخابات ليعزز من مكانته بالمجتمع.

ومن أجل تجاوز إمكانيات صعود تيار السلام الاقتصادي فعلى القوى الديمقراطية والتقدمية أن تسارع بتوحيد ذاتها لتتمكن من أن تكون التيار الثالث بالمجتمع الفلسطيني وذلك بدلا من تيار رأسمال والليبرالية الجديدة الذي يدعو للتكيف مع صفقة القرن ومفهوم السلام الاقتصادي باسم الواقعية واختلاف موازين القوى بما يعاكس مصالح شعبنا.

لا أرى غضاضة بتشكيل قائمة مشتركة بين فتح وحماس وكذلك إمكانية أن ينضم لها قوى وشخصيات اخرى ليتم تحصين الجبهة الداخلية وسد الطريق على من يريد استثمار بوابة الانتخابات لتعزيز تيار يتماشى مع صفقة القرن.

وعلينا الاستفادة من تجربة القائمة المشتركة في مناطق 48 حيث توحدت جميع القوى على اختلاف مشاربها الفكرية في مواجهة قوى اليمين الفاشية في دولة الاحتلال حيث تقدم الخيار الوطني على المنافسة الانتخابية.

تنطلق مقالتي هذه من أولوية البعد الوطني في مواجهة التحديات الراهنة وان يتم استثمار الانتخابات باتجاه تمكين وترتيب البيت الداخلي عبر إعادة صياغة الصراع على ارضية التحرر الوطني وان تكون الانتخابات وسيلة وليست هدفا بحد ذاته و باتجاه تحصين الجبهة الداخلية والتي تعتبر شرطا ضروريا ورئيسيا لإفشال خطة الابارتهاييد والتميز العنصري المعروفة باسم صفقة القرن.

*مدير مركز حيدر عبد الشافي للثقافة والتنمية.

1

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى