ترجمات أجنبية

مجلة ذي أنترسبت – أمريكا تبني شمال النيجر، قريبا من الجزائر وليبيا، أكبر قاعدة عسكرية أجنبية في المنطقة

مجلة ذي أنترسبت – ترجمات – 18/2/2018
كتبت مجلة “ذي أنترسبت” عن قاعدة ضخمة أمريكية في النيجر للطائرات من دون طيار (درونز).
في صباح يوم 4 أكتوبر من العام الماضي، غادرت قافلة من القوات الخاصة الأمريكية والنيجيرية في ثماني مركبات قرية تونغو تونغو. وبينما كانوا يقطعون طريقهم بين منازل الطوب الطيني بأسقف من القش، تعرضوا لهجوم من قبل عشرات المسلحين، إن لم يكن مئات. ففر عدد من النيجريين والأميركيين، ومع انتهاء القتال، لقي خمسة نيجيريين وأربعة أمريكيين مصرعهم، وتُركت جثثهم عارية في الأدغال بعد أن أخذ المسلحون لباسهم.
وقال سومانا ساندا، زعيم حزب معارض في البرلمان النيجري، في مقابلة أُجريت معه في نيامي، عاصمة البلاد الهادئة على ضفاف نهر النيجر: “فوجئت عندما علمت أن الأمريكيين قد لقوا حتفهم في هجوم تونغو تونغو”، ، لي في مقابلة أجريت معه في مكتبه البكر وزينت قليلة. وأضاف: “هذه هي اللحظة التي اكتشفت فيها، بصفتي نيجريا وعضوا في البرلمان وممثلا للشعب، أن هناك قاعدة أمريكية”.
في الواقع، انتشرت قوات العمليات الخاصة الأمريكية في النيجر منذ عام 2013 على الأقل، وتمركزت في جميع أنحاء البلاد على الخطوط الأمامية مع جنود النخبة النيجيرية. وما حدث في بلدة “تونغو تونغو” ينبئ عن المواجهات المحتملة وربما حالة الفوضى مستقبلا، ويشير إلى وجود مقاومة للتدخل العسكري الأمريكي في النيجر.
تبني الولايات المتحدة قاعدة عسكرية جوية للطائرات من دون طيار، بتكلفة مالية إجمالية تُقدر بحوالي 110 ملايين دولار، على بعد 450 كيلومترا شمال شرق نيامي في أغاديز، وهي مدينة كانت بمثابة مركز تجاري على الحافة الجنوبية للصحراء، وليس بعيدا عن مالي والجزائر وليبيا وتشاد، وهي واحدة من أكبر الاستثمارات العسكرية الأمريكية في أفريقيا، أحدث ساحة قتال في حرب غامضة ومبهمة وباهظة الثمن.
ومن المقرر الانتهاء منها في أواخر 2018، ظاهريا هي ملك للجيش النيجيري، لكن أمريكا هي من تتولى بناءها وتشغيلها والإنفاق عليها. ويجري تشييدها على أرض كانت تستخدم سابقا من قبل الرعاة الطوارق. وهناك، حتى الآن، حظيرة كبيرة واحدة، ربما مخصصة للطائرات من دون طيار، ومدرج قيد الإنشاء وعشرات من الهياكل الصغيرة، حيث يعيش الجنود ويعملون.
تحدث موفد المجلة إلى القاعدة الأمريكية شمال النيجر في منطقة “أغاديس”، جو بيني، إلى قائد عسكري نيجيري على صلة بالقاعدة الجوية، وأبلغه أنها تُستخدم أساسا لمراقبة مسلحي القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي والمرابطين وحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا والمجموعات الإسلامية التابعة لـ”تنظيم الدولة، ومنها بوكو حرام، وهو ينشطون في المناطق الحدودية في البلدان المجاورة. وتقلع، حاليَا، الطائرات الأمريكية من دون طيار من مطار نيامي، لكن هذه العمليات ستنتقل إلى “أغاديس” بمجرد اكتمال القاعدة الجوية الجديدة.
وتعمل القوات الخاصة الأمريكية بشكل منفصل عن قاعدة الجوية للطائرات من دون طيار، والتي تديرها القوات الجوية. وتقوم “القبعات الخضراء” (القوات الخاصة الأمريكية لسلاح المشاة) بتدريب القوات الخاصة النيجيرية والقيام بمهام المطاردة والاعتقال في المواقع الأمامية في “أولام” بالقرب من الحدود المالية، و”أغلال” بالقرب من الحدود الجزائرية، و”ديركو” على طول طرق النقل الرئيسة بين النيجر وليبيا، و”ديفا”، على طول الحدود الجنوبية الشرقية مع نيجيريا وتشاد، وفقا لما أفاد به القائد العسكري النيجري.
وعندما سأل الصحفي عن الوجود الأمريكي في تلك المناطق من النيجر، أجابت المتحدثة باسم القيادة الأمريكية في أفريقيا، سامانثا ريو: “لا أستطيع تقديم تفاصيل مفصلة لمواقع خدمة وحداتنا في النيجر بسبب… ومع ذلك، يمكنني أن أؤكد لك أن هناك ما يقرب من 800 من أفراد وزارة الدفاع (عسكريين ومدنيين ومتعاقدين) يعملون حاليا في النيجر، مما يجعل هذا البلد ثاني أعلى تركيز لأفراد وزارة الدفاع في جميع أنحاء القارة، بعد جيبوتي في فرقة العمل المشتركة – القرن الإفريقي”.
والولايات المتحدة هي واحدة من العديد من الجيوش الغربية التي أقامت وعززت العلاقات العسكرية مع النيجر على مدى السنوات القليلة الماضية. ويُشار هنا إلى أن لدى فرنسا جنودا في هذه البلاد منذ عام 2013. وفي عام 2015، أعادت فرنسا فتح الحصن الاستعماري في “مداما”، بالقرب من الحدود مع ليبيا. وأعلنت إيطاليا مؤخرا أنها سترسل 470 جنديا إلى قاعدة فرنسية في شمال النيجر.
وذكر الكاتب أن ما تبنيه أمريكا هو أكبر قاعدة عسكرية أجنبية في المنطقة، وتعدَ زيادة غير مسبوقة في التدخل الغربي، فضلا عن استثمار اقتصادي كبير. وحاول الصحفي معرفة رأي السكان عن القاعدة والطائرات من دون طيار التي سوف تقلع قريبا منها وتحلق في أجواء منطقة “أغاديز”، ولكن بعد بضعة تحدث إلى مجموعة من الأشخاص، بدا له بأن القضية محرمة، وأكثر الناس لا يرغبون في التعبير صراحة عن موقفهم خشية المطاردة من السلطات المحلية.
ونقل الكاتب أنه زار مدرسة في “أغاديس”، وكان مديرها مُحرجا جدا من وجوده، كلمه بعيدا عن الأنظار وأبلغه أن لا يمكن أن يكون لديه رأي حول الأميركيين لأنه لا يمكن معرفة لماذا هم هنا. وقد سمع الصحفي، في الأسبوعين الماضيين الذين قضاهما في النيجر، روايات تفيد بأن الأمريكيين شمال النيجر كانوا يحرضون المسلحين أنفسهم للتغطية على نشاط من نوع مختلف: “يحفرون بحثا عن الذهب أو يتتبعون أماكن وجود اليورانيوم أو النفط أو حتى المياه الجوفية. ولا يعتقد أحد، من غير المسؤولين الحكوميين، بأن الأمريكيين موجودون هنا من أجل الأمن”.
وتبلغ مساحة القاعدة الأمريكية في “أغاديز” حوالي 6 كيلومتر مربع، ومعظم الأراضي لم تُستغل بعد. وتقوم القوات الأمريكية بدوريات في محيطها، وهي محاطة بجدار يصل طوله إلى10 أقدام يفصل المدينة عن المطار. ويقول الناشطون والمحامون والسياسيون المعارضون في النيجر إن القاعدة الأمريكية ليست قانونية، بحجة أنها تنتهك المادتين 169 و66 من الدستور النيجيري.
وقال الكاتب أن المخاطر التي يتعرض لها الأمريكيون في النيجر تؤدي إلى أخطاء، وبدلا من أن تؤدي (الأخطاء) إلى إعادة النظر في المخاطر، يمكن أن تؤدي إلى مزيد من التصعيد. فبعد عملية “تونغو تونغو”، على سبيل المثال، سم النظام في النيجر للولايات المتحدة بتسليح طائراتها من دون طيار.
ونقل عن إمام في مدينة “أغاديز”، قوله إنه يشعر بالقلق لأن الطائرات من دون طيار الأمريكية لن تكون قادرة على التفريق بين المسلحين والقوافل المنتظمة في الصحراء، والذين غالبا ما تكون مسلحة للحماية من قطاع الطرق، مضيفا: “إن الطائرة من دون طيار يسيطر عليها أناس في قاعدة عسكرية في أميركا، وكثيرا ما يخطئون ويقتلون أشخاصا غير متطرفين… وهذا لن يحل أي مشكلة، ولن يجلب سوى المزيد من انعدام الأمن”.
في الواقع، إذا كانت حفنة من “القبعات الخضراء” الأمريكية يمكن أن تقوم بمهمة متقطعة تؤدي إلى تصعيد كبير للصراع، فماذا يحدث عندما يكون هناك ما بين 2000 إلى 3000 جندي أمريكي يعمل في قاعدة جوية للطائرات المسلحة من دون طيار بعيدا عن مساءلة الجمهور؟
وقال الكاتب إنه يشعر بأن “أغاديز” مقبلة على تغيير جذري، وليست بعيدة عن هذا، يصبح فيه الجيش الأمريكي نقطة مركزية لإثارة العداء. والطائرات المسلحة من دون طيار هي قضية رئيسة في أي مكان تستخدمها الولايات المتحدة. وانطلاقا من السرية وانعدام الثقة حتى الآن، فإنه ليس من الصعب تصور المستقبل الذي تسبب فيه ضربة خاطئة للطائرة من دون طيار غضب سكان “أغاديز” ليتحركوا ضد القاعدة.
مترجم عن
https://theintercept.com/2018/02/18/niger-air-base-201-africom-drones/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى