ترجمات عبرية

مباط عال: عرين الأسود: الواقع والتحديات المستقبلية لإسرائيل

مباط عال 2022-10-21، بقلم: أودي ديكل : تحديات عرين الأسود

يعمل، مؤخراً، في منطقة نابلس تنظيم عرين الأسود يضم عشرات النشطاء المسلحين، وهو غير منتمٍ لـ “حماس” أو لـ “فتح”/ كتائب شهداء الأقصى أو لـ “الجهاد الإسلامي”. الأعضاء في المجموعة هم في معظمهم شباب فلسطينيون، بعضهم كانوا في السابق منتمين لـ “فتح” أو “حماس” أو “الجهاد الإسلامي”. من بينهم أيضاً أبناء لآباء يخدمون في الأجهزة الأمنية الفلسطينية. تنسب هذه المجموعة لها معظم عمليات إطلاق النار في شمال الضفة الغربية في الأسابيع الأخيرة، وهي العامل الرئيسي لتصاعد “العمليات” في المنطقة. في ايلول الماضي تم تسجيل رقم قياسي بلغ 34 عملية إطلاق نار في الضفة الغربية، وهو الرقم الأعلى منذ عقد. شمل بعض الأحداث إطلاق النار من بعيد على المستوطنات وعلى السيارات في الشوارع وعلى مواقع للجيش الإسرائيلي، وبالأساس مواجهات بالنار مع قوات الجيش التي تعمل في البلدات الفلسطينية. يتركز التنظيم ومعظم نشاطاته في “شمال الضفة الغربية”، لكن في حالة واحدة وجدت علاقة بينه وبين “مقاتل” جاء إلى يافا وهو مسلح بسلاح بدائي وعبوات ناسفة. ولحسن الحظ وبفضل اليقظة تم اعتقاله من قبل قوات الأمن قبل العمل.

دوافع التنظيم الاساسية هي التطورات على الارض، والنشاط المحموم للجيش و”الشاباك” في عملية “كاسر الامواج” في شمال “الضفة الغربية”، وضعف السلطة الفلسطينية، وازدياد الصراعات الداخلية في الساحة الفلسطينية قبل اليوم التالي لمحمود عباس. يضاف الى ذلك عجز وغياب الدافعية من أجل منع تنفيذ عمليات من قبل الاجهزة الامنية الفلسطينية، والوضع المالي الصعب للشباب الفلسطينيين الذين لا يعملون في إسرائيل، والانتشار الواسع وتوفّر السلاح والذخيرة. أطلقت هذه المجموعة على نفسها اسم “عرين الاسود”، وتبنت رموزا جديدة مثل الملابس باللون الاسود واشارة تعرض بنادق ام16 متقاطعة فوق قبة الصخرة وخطوط حمراء من اجل الاشارة الى أن سلاحه غير موجه لأبناء شعبه. الهدف العلني في قسمه، “السير في أعقاب الشهداء”، هو مواجهة جنود الجيش الإسرائيلي الذين يعملون في المدن والقرى الفلسطينية، وتشويش نسيج حياة المستوطنين وذهابهم للصلاة في قبر يوسف، وأيضا إيقاظ الجمهور الفلسطيني من أجل انتفاضة شعبية واسعة.

المجموعة نشيطة جدا في الشبكات الاجتماعية، وهي تقوم بحملات بالاساس في “تيك توك”، الى جانب توثيق مواجهات اطلاق النار ونشر الافلام في الشبكات في الزمن الحقيقي، وتطلب من الجمهور الفلسطيني التجند للدفاع عن الحرم. اضافة الى ذلك تدعو الى اضرابات وتظاهرات ضد السلطة، على سبيل المثال الدعوة الى اضراب شامل بعد تنفيذ العملية على حاجز مخيم شعفاط للاجئين، التي جرفت في الشبكات الاجتماعية مئات النشطاء في شرقي القدس الى “أعمال الشغب: في الشوارع والى إضراب معظم الجامعات في مناطق السلطة والإضراب التجاري في المدن الفلسطينية. رغم أن المجموعة لا تنتمي لأي تنظيم أو أي حركة إلا أنها مزودة بالسلاح الذي تم تهريبه ومن انتاج محلي، وأيضا مزودة بالأموال من “حماس” ومن “الجهاد الإسلامي”.

قُتل اكثر من عشرة نشطاء من المحسوبين على “عرين الأسود” في مواجهات مع قوات الجيش، من بينهم محمد العزيزي، احد نشطاء “فتح” في الأصل والذي أصبح مستقلاً، وكان القوة المحركة لتشكيل المجموعة مع إبراهيم النابلسي. العزيزي تمت تصفيته في 24 تموز في منزل عائلته. بعد ذلك تمت تصفية النابلسي. وقد قاد الخلية مصعب اشتية، الذي اصبح مطلوباً ايضا للسلطة الفلسطينية لأنه حصل على مساعدة مالية وسلاح من “حماس”. في 19 ايلول تم اعتقاله من قبل اجهزة السلطة بتهمة حيازة السلاح وبسبب مخالفات ضريبية والحصول على اموال غير قانونية والمس بأمن السلطة. ورغم الاحتجاج على اعتقاله إلا أن السلطة تستمر في اعتقال اشتية.

مجموعة “عرين الأسود” هي نوع من التيار الثوري، الشاب والمندفع والذي يعارض الخط السياسي للرئيس محمود عباس، وبالاساس التنسيق الأمني مع إسرائيل وحكم السلطة الفلسطينية. في المرحلة الحالية تركز المجموعة على المواجهات مع الجيش والمستوطنين، لكنها يمكن أن تواصل وتتحول معارضة بارزة لقيادة السلطة. تحصل هذه المجموعة على الدعم أيضا من “فتح”، بالأساس من معارضي الرئيس عباس. لذلك، يصعب التحديد بشكل قاطع بأن مجموعة “عرين الاسود” هي تنظيم منعزل سيتم حله فيما بعد. ربما هي مجموعة تشكل إرهاصاً لسلسلة تنظيمات محلية لخلايا مستقلة، لا تنتمي الى أي تنظيم، والتي ستنبت وستعمل في الضفة الغربية وفي شرقي القدس، وهناك الآن تعمل مجموعات من الشباب الفلسطينيين الذين الى جانب الحفاظ على الحرم يثيرون أعمال العنف في الأحياء العربية، كما حدث في عيد العرش.

من السهل على إسرائيل التصرف أمام السلطة الفلسطينية بإطارها الحالي، ويساعد الانقسام السياسي الفلسطيني الداخلي على مواصلة هذا النهج، بالأساس لأن كل ثقل المسؤولية عن ادارة حياة السكان الفلسطينيين لا يقع على عاتقها. الى جانب ذلك توجد حرية عمل، عملياتية – امنية، لإسرائيل داخل “المناطق” الفلسطينية. معظم الجمهور في إسرائيل يتمسك بالنظرية التي تقول بأنه لا توجد أي جدوى لخطة سياسية، وأننا سنعيش على حد السيف الى الأبد. الفلسطينيون ايضا يعيشون في واقع يسود فيه الشعور بالطريق المسدود، وأنه لا توجد أي طريق تضمن مستقبلاً أفضل، ولا توجد قيادة يمكن الاعتماد عليها. لذلك، نشأ الفراغ الذي تملأه مجموعات من الشباب الفلسطينيين المتشددين، الذين ينجحون في جر شباب آخرين. هدفهم هو محاربة الاحتلال، مع محاولة إثارة الاحتجاج الشعبي. ليس فقط أن تنظيم الشباب يجبي ثمن المس بالإسرائيليين والجنود، بل هو ايضا يضعف اكثر السلطة الفلسطينية، ويقوض قدرتها على فرض القانون والنظام والاستقرار في “المناطق”.

وزير الدفاع، بيني غانتس، قال في مقابلة مع “واي نت” في 13/10، بعد اعمال الشغب الخطيرة التي اندلعت في شرقي القدس، بأن “الحديث يدور عن فترة حساسة جدا. لم نفقد السيطرة… نقوم باستخدام جميع الوسائل التي لدينا ونتغلب بقدر الإمكان. نقوم بتنفيذ نشاطات هجومية في نابلس وجنين وفي أي مكان آخر يكون فيه هذا الأمر مطلوباً. في نهاية المطاف سنقوم باعتقال هؤلاء المقاتلين. يدور الحديث عن مجموعة تتكون من 30 شخصا. يجب علينا أن نعرف كيف نضربهم ونحن سنقوم بذلك. ستنتهي هذه المجموعة بشكل ما. وآمل أن يكون هذا في اسرع وقت ممكن”. ايضا تم سحب تصاريح الدخول الى إسرائيل من 164 شخصا من ابناء عائلات اعضاء “عرين الاسود”، هذا ما جاء من مكتب منسق اعمال الحكومة في “المناطق”.

علاوة على ذلك، هناك في إسرائيل من يقولون بأنه قد حان الوقت لتنفيذ عملية “الدرع الواقي 2”. ولكن ماذا سيكون هدف عملية كهذه اذا لم يكن لدى إسرائيل هدف سياسي تسعى العملية الى تحقيقه؟ ما هو معنى دعم فكرة الدولتين، التي اعلن عنها رئيس الحكومة، يئير لابيد، في الجمعية العمومية للأمم المتحدة، بدون أفعال بروحية هذا التصريح؟ لأنه لا يمكن هزيمة طموحات عرقية، دينية وقومية، بقوة الذراع فقط. حتى الآن الانجاز الوحيد بالنسبة لإسرائيل هو غياب الدافعية في اوساط الفلسطينيين للتجند لنضال شعبي عنيف، متصاعد وواسع. الجمهور الفلسطيني سئم من قيادة السلطة ويئس منها. وحتى لو كان يرى اهميةً وانجازاً وطنياً في مجرد قيام مؤسسات السلطة إلا أنه يسعى الى تغيير حقيقي لرؤساء القيادة ونماذج عملها.

“عرين الاسود” هو اشارة اخرى لإسرائيل بأنه لا يمكنها “احتواء” الاراضي الفلسطينية الى الأبد، ومرحلة اخرى في ضعف السلطة الفلسطينية قبل اليوم التالي لمحمود عباس. عدد من السيناريوهات يمكن أن تخرج من الوضع الحالي:

1- مبادرة تنبت من اسفل وتحصل على دعم الجمهور الفلسطيني لتغيير القيادة وقواعد اللعب القائمة.

2- سيطرة “حماس” على التنظيم، وزيادة “العمليات” والفوضى في الضفة الغربية.

3- ضغط دولي على إسرائيل من أجل السماح بإجراء الانتخابات للمجلس التشريعي ورئاسة السلطة الفلسطينية كطريقة وحيدة للحفاظ على السلطة.

ستسرع عملية عسكرية مثل “الدرع الواقي” إضعاف السلطة وستحولها الى عنوان لا أهمية له في التسويات السياسية، وستضر بالفعالية القليلة التي بقيت للأجهزة الأمنية الفلسطينية، وستنبت مجموعات أخرى من الشباب الفلسطينيين المستعدين للتضحية بأنفسهم في النضال ضد إسرائيل، وايضا يمكن أن تؤدي الى احد السيناريوهات المذكورة اعلاه. فهل إسرائيل، الجمهور والقيادة بما يتجاوز الانتماء الحزبي، مستعدة لذلك أو تعطي اهتمامها له؟

مركز الناطور للدراسات والابحاث Facebook

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى