أقلام وأراء

ما الذي يميز فتح عن غيرها؟

باسم برهوم – 5/4/2021

بغض النظر إن كنا نتفق أو نختلف مع فتح، فإن أحدا لا يمكنه التشكيك بوطنية هذه الحركة واسقلالية قرارها. فهي فلسطينية 100%، لا تتبنى أي فكرة أو عقيدة سوى الوطنية الفلسطينية والتعبير عن الروح النقية للشعب الفلسطيني. وفتح تنظيم ديمقراطي بطبيعته وتعددي على الصعيد الفكري، فأي فلسطيني، وبغض النظر عن ما يحمله من أفكار يمكنه أن يكون عضوا في فتح يعبر داخلها ومن خلالها عن نفسه بحرية تامة.. لماذا فتح هي هكذا؟

عندما تأسست فتح في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، جاء تأسيسها انطلاقا من فكرة رئيسية هي أن يتحكم الشعب الفلسطيني بقرار قضيته، وبما أنها وضعت لنفسها هدفا وحيدا هو التحرير والعودة فإن توحيد الشعب الفلسطيني وحشد طاقاته كانت هي المهمة الرئيسية لها. فقد أدركت هذه الحركة مبكرا أن أحد أهم أسباب ضياع فلسطين في عام 1948 كان عدم امتلاك الشعب الفلسطيني لقراره، وأن غيره، والمقصود الحكام العرب، كان هو من قرر مصيره بهذا  الشكل الكارثي.

ومن يتابع مسيرتها بشكل موضوعي، يلاحظ أن فتح هي من بادر إلى اطلاق الثورة الفلسطينية المسلحة المعاصرة عام 1965. وهي من خلص منظمة التحرير الفلسطينية من عهد الوصاية ومن ثم أصبحت بقيادة فتح هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني. وفتح هي من دافع وفي كل المراحل، وحتى اللحظة عن استقلالية القرار الوطني ومنعت كل المحاولات للسيطرة عليه مجددا من دول وجماعات. ولا يختلف اثنان على أن فتح هي من صاغ وحمى المشروع الوطني. وهي من تحمل مسؤولية بناء أول سلطة وطنية فلسطينية على الأرض الفلسطينية وتصدت بقوة لكل المحاولات  لتدميرها من قبل إسرائيل وغيرها، لأنها تمثل أول تجسيد حقيقي لدولة فلسطينية مستقلة.

ومن دون شك أن فتح قد ارتكبت أخطاء خلال مسيرتها، سواء في قيادتها للمنظمة أو للسلطة… ومن هو الحزب أو التنظيم الذي لا يرتكب أخطاء، فما بالك وفتح تتحمل مسؤولية قضية هي الأصعب والأعقد، وفي ظل تدخلات خارجية وكم من الأعداء لا حصر لهم. ولكن فتح بقيت هي المعبر عن الهوية الوطنية، ولم تفرط ولم تتنازل عن الثوابت والأهداف الوطنية، وحافظت على أن تبقى القضية الفلسطينية بيد أصحابها وهم من يقرر مصيرها ومصيرهم بأيديهم، وفتح هي من قاوم كل الضغوط وتصدت بحزم لكافة المخططات الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية، التي كان آخرها الدولة ذات الحدود المؤقتة وصفقة القرن.

فتح قد تكون أخطأت، ولكن يجب ألا يغيب عن بالنا أن إسرائيل تدرك أن العدو الاكثر خطرا على المشروع الصهيوني هي فتح وبالتالي هي الأكثر استهدافا وبأكثر الطرق خبثا. كما يجب أن لا يغيب  عن بالنا أن كل الدول والأطراف التي تسعى للإمساك بورقة القضية الفلسطينية وقرار الشعب الفلسطيني المستقل ترى في فتح أنها هي العقبة، كل هذه الأطراف كان لها مصلحة بالمبالغة بأخطاء فتح والنفخ بها بهدف تشويه الحركة وإضعافها، وكانت هذه الأطراف تجد دائما وفي كل المراحل أذرعا لها داخل الساحة الفلسطينية.

استهداف فتح لا يمكن فصله أبدا عن استهداف القضية الفلسطينية، وليس المقصود هنا التغطية على أخطاء هذه الحركة عبر هذا التعميم، فلا أحد من مصلحته حجب الأنظار عن الأخطاء، حتى فتح ذاتها، تتحدث وتعترف بأخطائها، ولكن فتح تبقى ضرورة وطنية في هذه المرحلة وإضعافها هو إضعاف للنصال  الوطني  برمته.. فمن هو صاحب المصلحة في ذلك؟

إن أخطر ما يمكن أن تتعرض له القضية الفلسطينية هو أن تقود الانتخابات إلى فقدان الشعب الفلسطيني لقراره الوطني المستقل، لننظر إلى بعض الدول العربية الشقيقة التي فقدت قرارها السيادي ما الذي حل بها. فهي إما اصبحت ساحة لكل التدخلات الخارجية وأصابها الدمار كدول وكيانات، أما البعض الآخر قد رضخ وركع لإسرائيل وقبل بها وصية عليه.

إن ما يميز فتح بأنها هي الضمانة الوطنية، وهي الحامي الحقيقي لمكتسبات الشعب الفلسطيني، لذلك علينا ألا نذهب لصندوق الاقتراع بمنطق ردات الأفعال وإنما بمنطق المصلحة الوطنية، وهذا لا يلغي إطلاقا فكرة محاسبة فتح على أخطائها، فهذه المحاسبة هي جزء من ثقافة ومنهج عمل متواصل. ولعل المجلس التشريعي القادم هو مكانها المناسب. ولكن حذار من التفكير بإلحاق الهزيمة بفتح لأن ذاك لو حصل ستكون الكارثة على الشعب الفلسطيني، وهذا لن يحصل لأن الإنسان الفلسطيني أكثر وعيا مما تعتقد الجهات التي تسعى إلى تصفية القضية الفلسطينية بأياد فلسطينية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى