ترجمات عبرية

ماعوز عزرياهو وامنون لورد – 1967: فرنسا القت عود الثقاب

بقلم: ماعوز عزرياهو وامنون لورد، اسرائيل اليوم – 16/7/2018

برز الحضور الفرنسي في الاعلام الاسرائيلي في الاسبوع الاخير. بمناسبة نهائي كأس العالم ويوم الباستيل، منحت سفيرة فرنسا في اسرائيل ايلين لا غال، سلسلة من المقابلات الصحفية عرضت فيها موقف حكومتها. الرسالة بسيطة: سياستنا ليست ابدا مناهضة لاسرائيل. الانتقاد على اسرائيل كان معتدلا، والصيغة الدبلوماسية وفيرة الابتسامات شددت على التعاون الثقافي، الاكاديمي والاقتصادي بين الدولتين.

فضلا عن الاقوال المبتسمة، واضح للجميع انه من ناحية جغرافية استراتيجية، منذ حزيران 1967، تميل الجمهورية الفرنسية الى الجانب المناهض لاسرائيل في النزاع الشرق اوسطي – ولا يهم اذا كان هذا هو الدول العربية، الفلسطينيين (منذ 1974) او ايران.

في الاشهر الاخيرة فقط رأينا كيف أيدت فرنسا بشكل نشط تشكيل لجنة تحقيق لفحص مسؤولية اسرائيل عن العنف على حدود غزة. وفرنسا تدفع نحو حفظ الاتفاق مع ايران، حتى من خلال تعويضات لنظام آيات الله. كما أن فرنسا هي السيد السياسي لرئيس السلطة الفلسطينية، كما تشهد زياراته المتواترة الى قصر الاليزيه في باريس. وكما يذكر، فقد قضى ياسر عرفات آخر ايامه في المستشفى العسكري الفرنسي.

في ضوء الموقف الفرنسي المناهض لاسرائيل، يجدر العودة الى الانفجار الكبير – حرب الايام الستة – والتشديد على الدور المركزي الذي لعبته فرنسا في نشوب الحرب. مفاجيء أن نكشف كم هو الجانب الفرنسي يندحر عن النقاش التاريخي. فتاريخ 67 يعنى بالسياسة الاسرائيلية، بالدول العربية، بدور الاتحاد السوفياتي وبالاساس بموقف الولايات المتحدة؛ ولكن العلاقات الخاصة كانت بالذات مع فرنسا.

ينتمي كاتبا هذا المقال لجيل لا ينسى لذعة ما يعتبر على مدى سنوات طويلة “خيانة فرنسا”. فنحن نذكر جيدا قول دي غول، ابو فرنسا الحديثة، بان من ناحيته من اطلق الرصاصة الاولى، مذنب في بدء الحرب. كنا على وعي بالحظر الفرنسي على السلاح لاسرائيل ورفض فرنسا الالتزام بالعقود الموقعة، حين كانت موردة السلاح الرئيسة للجيش الاسرائيلي.

ما لم نعرفه هو، انه بخلاف ما ثبت في الذاكرة، فان الحظر لم يفرض على اسرائيل بعد حرب الايام الستة، بل قبل يومين من نشوبها. فقد وضعت فرنسا عمليا اللبنة الاخيرة في سور الحصار الذي بنته حول اسرائيل الدول العربية الى جانب الاتحاد السوفياتي. وبلغت الصحافة عن موقف ديغول، ولكنها لم تبلغ عن الحظر، ربما خشية تعميق الخوف لدى الجمهور الاسرائيلي.

بعد قرار الحظر، في 3 حزيران، التقى وولتر ايتان، سفير اسرائيل في فرنسا، مع الرئيس ديغول. وفي برقية “عاجلة” بعث بها الى اشكول، بلغ السفير بان الرئيس الفرنسي شرح بان “الحظر سيبقى ساري المفعول طالما ليس واضحا اذا كنا سنخرج الى الحرب… (شرحت له) بانه يحرمنا من السلاح كضغط علينا الا نخرج الى الحرب، ولكن يحصل ايضا بانه اذا ما خلق لدى الناس وضع من اليأس، فان هذا يدفعهم بالذات الى الحرب”. وبلغ ايتان بان ديغول لم يعقب.

في داخل الفضاء الشرق أوسطي المفعم بابخرة الوقود، القت فرنسا بعود ثقاب مشتعل. في سيرته الذاتية اشار وزير الخارجية آبا ايبان، الى أن الحظر الفرنسي كان له “أثر قوي” على زملائه الوزراء. وحسب تحليله، كان معنى الحظر ان على الجيش الاسرائيلي ان يعيد النظر في الوضع. والاثار واضحة: مع فرض الحظر توجد اسرائيل في ذروة قوتها. ولكن في كل يوم يمر، من اسبوع الى اسبوع، تضعف وتوازنها يميل الى النقصان. والسبب بسيط: بينما تيار توريد السلاح السوفياتي الى اعدائها يتواصل، تقطع فرنسا شريان التوريد لاسرائيل.

ان الحظر الذي فرضه ديغول على اسرائيل قبل يومين من نشوب حرب الايام الستة، كان بالتالي عاملا حاسما في نشوب الحرب. سفيرة فرنسا ولدت قبل بضعة اسابيع من ذلك، ولا يمكن أن نتوقع منها أن تتذكر المساهمة السلبية الحاسمة لحكومتها في ازمة 1967. ولكن هناك تثبت نمط العمل الفرنسي، الذي يرافقنا حتى اليوم؛ كل ما يتبقى هو سياسة مصالح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى