ترجمات عبرية

مارتين شيرمان : ميناء لغزة .. كسل لا نهاية له

بقلم: مارتن شيرمان، اسرائيل اليوم 28/6/2018

من الصعب الا نتذكر القول القاطع لالبرت آينشتاين عن الكون والغباء الانساني، في ضوء المحاولات لاثارة النقاش عن بناء ميناء لغزة. ما يجعل هذه المبادرات الخطيرة مقلقة هو هوية العاملين عليه – ضباط الجيش الاسرائيلي في الماضي وفي الحاضر بل ووزراء في الحكومة.
في الماضي تركزت هذه الفكرة الخرقاء على بناء جزيرة اصطناعية (يمكن قطعها عند المواجهة) في البحر، على مسافة نحو 3 كيلو متر عن شواطيء غزة، يكلف بناؤها المليارات ويستغرق سنوات. وحسب هذه الرؤيا، ستقام منشآت للتحلية، محطات توليد للطاقة، بل ومطار – وكأن هذه المشاريع لم تقم على اليابسة داخل القطاع، فقط بسبب غياب الجزيرة الاصطناعية؛ وكأن احتمالات نجاحها ستكون أعلى، اذا ما اقيمت على مسافة كيلو مترات عن الشاطيء وليس على الشاطيء نفسه.
مؤخرا، ظهرت رواية اكثر غرابة، على ما يبدو باقرار من وزير الدفاع ليبرمان، جرى فيها الحديث عن جزيرة اخرى، بعيدة على نحو بارز عن غزة – قبرص. وحسب هذه الفكرة الالمعية الجديدة، ستعمل اسرائيل على أن تبني من اجل اعدائها الالداء رصيفا في قبرص “يتضمن آلية رقابة اسرائيلية، كي لا تستغل حماس الثغرة كي تهرب مواد قتالية ووسائل ارهاب”.
(1) كيف ستراقب اسرائيل استخدام المواد “ثنائية الاستخدام”، مثل الاسمدة (التي تستخدم ايضا لانتاج المواد المتفجرة)، المعادن (لاستخدام الصواريخ) والاسمنت (لانفاق الارهاب)؟ اليوم أيضا – برقابة اسرائيلية – نحو 90 في المئة من الاسمنت الذي يتم ادخاله تصادره حماس لاغراضها “غير المدنية”، فكيف لن تتفاقم المشكلة اذا كان سيكون لهم ميناء خاص بهم؟ يجدر بالذكر بان الفلسطينيين وسعوا جدا مفهوم “ثنائي الاستخدام”، والذي يضم اليوم الطائرات الورقية، البالونات، المسامير، الوقود، سكاكين المطبخ ومقدمات السيارات – التي تحول لتصبح آلات سحق، تدمير الاملاك والاصابة للارواح.
(2) في صيغة الجزيرة القابلة للقطع – ماذا سيكون مصير فريق الرقابة الاسرائيلي (او الدولي)، المعزول على تلك الارض الاصطناعية المحوطة بالبحر، في حالة تعرضه للاعتداء من جموع غزية؟ وفي صيغة قبرص – كيف سيمنع رفع عتاد حربي الى سفينة في قلب البحر دون مرافقة ملاصقة من “الاحتلال الصهيوني” على طول الابحار من قبرص الى غزة؟ كيف لن يعتبر هذا “استمرار للاحتلال”؟
(3) أي سبب كاف لوقف عمل او قطع الميناء؟ اذا كان هذا هو القرار الحصري لاسرائيل، فكيف يقلل هذا من سيطرتها على الغزيين؟
ما يثير القلق الاكبر هي التبريرات لمثل هذا التأييد: الميناء المقترح سيؤدي الى التخفيف من الضائقة الاقتصادية في القطاع وتهدئة العنف تجاهنا؛ هو سيكون مقابل جثتي مقاتلي الجيش الاسرائيلي وتحرير المواطنين الاسرائيليين المحتجزين لدى حماس.
النقطة الاولى هي اقرار للرواية الفلسطينية الكاذبة بان الارهاب هو نتيجة “الاحتلال”، وبالتالي فان الذنب فيه ملقي على اسرائيل. اما الحقيقة فهي النقيض التام! فالعداء العربي تجاه اسرائيل هو المسبب للضائقة وليس نتيجتها. لو كانوا في غزة راغبين في تحسين وضعهم، فان كل ما كان يتعين عليهم ان يفعلوه هو الكف عن محاولة قتل اليهود والسماح بالمبادرات والابداعات الاسرائيلية للعمل على ازدهار غزة.
النقطة الثانية هي تشجيع واضح على استمرار الابتزاز. فاذا كان احتجاز الجثامين والاسرى المدنيين الضالين يساوي لمنظمات الارهاب ميناء (!)، فلماذا لا يروا في ذلك دعوة واضحة لاستمرار خط العمل هذا؟ ولا يزال يقولون ان ليبرمان “يتحدث العربية”.
العبث الاكبر هو حقيقة أن لغزة يوجد ميناء منذ الان! وهذا يسمى “ميناء اسدود” الاقرب الى غزة من معظم مدن اسرائيل. في وقت السلام والهدوء، يمكن لاسدود ان يلبي احتياجات غزة؛ وفي اوقات المواجهة والحرب، فهل يرغب احد ما في أن يكون لهم ميناء؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى