ترجمات أجنبية

مؤسسة جيمس تاون – محور إيران الجديد في آسيا الوسطى

مؤسسة جيمس تاون –  بقلم  أوميد رحيمي –  19/4/2021

نفذ مسؤولون رفيعو المستوى من إيران وطاجيكستان ما مجموعه 3 زيارات بين دوشانبي وطهران، على التوالي في أقل من شهرين، وهي علامة مهمة على أنه بعد أعوام من العلاقات الفاترة، تحسنت العلاقات الدبلوماسية أخيرا.

وترددت شائعات عن المزيد من هذه الزيارات الثنائية في المستقبل القريب. وفي الوقت نفسه، اختتم وزير الخارجية الإيراني “محمد جواد ظريف” مؤخرا جولة كبيرة بين 5 إلى 8 أبريل/نيسان لجمهوريات آسيا الوسطى الـ4 المتبقية، بينما كان مسؤولون آخرون في وزارة الخارجية في فيينا يتفاوضون مع مجموعة “4+1″، أي المملكة المتحدة وفرنسا وروسيا والصين بالإضافة إلى ألمانيا، لإبقاء خطة العمل الشاملة المشتركة بشأن البرنامج النووي الإيراني على قيد الحياة. ويمكن اعتبار هذا التركيز المتجدد على آسيا الوسطى اتجاها جديدا في سياسة طهران الخارجية تجاه المنطقة.

وأصبحت سياسة “النظر شرقا” الفكرة الأساسية لنهج إيران بعد خطة العمل الشاملة المشتركة في العلاقات الدولية. وتعتبر طهران آسيا الوسطى “جسرا” بين إيران والشرق. وخلال الأعوام الـ 7 الماضية، كانت علاقات إيران مع آسيا الوسطى راكدة إلى حد كبير، بل وانخفضت في بعض الحالات. وبالتالي، من الجدير بالذكر أنه في الأشهر الأخيرة من إدارة الرئيس “حسن روحاني”، قبل الانتخابات القادمة في 18 يونيو/حزيران 2021، تم إيلاء الكثير من الاهتمام الخاص لآسيا الوسطى.

ومن بين جمهوريات آسيا الوسطى السوفيتية السابقة، شهدت طاجيكستان التكثيف الأكثر أهمية للعلاقات مع إيران. وبدأت عملية إعادة بناء العلاقات الثنائية في عام 2019، لكنها، كما هو متوقع، واجهت بعض النقاط الصعبة في وقت مبكر. ومع ذلك، بعد مشاحنات دبلوماسية، زار وزير الداخليةالإيراني “رحماني فضلي” دوشانبي أخيرا في منتصف فبراير/شباط 2021، وهو ما كان بشكل فعال نقطة انطلاق جديدة لذوبان الجليد المستمر بين البلدين الناطقين بالفارسية.

وبعد شهر، غادر وزير الخارجية الإيراني إلى دوشانبي لحضور مؤتمر قلب آسيا. وبعد أسبوع واحد فقط، في 6 أبريل/نيسان، زارت وزيرة الدفاع الطاجيكية “شيرالي ميرزو” طهران، لتكون أول مسؤول أمني رفيع المستوى من دوشانبي يزور إيران رسميا منذ 5 أعوام.

ومع التصعيد الأخير في التوترات الحدودية مع قيرغيزستان، يبدو أن طاجيكستان تبحث مرة أخرى عن مساعدة داعمها السابق. ويعتقد بعض الخبراء أن إيران دعمت طاجيكستان بهدوء في مسائل الأمن الداخلي في الماضي، مثل التمرد في “خودايبيرديف” عام 1998.

وابتداء من 5 أبريل/نيسان، بدأ وزير الخارجية الإيراني “جواد ظريف” في جولة تستغرق 4 أيام في آسيا الوسطى، ابتداء من أوزبكستان. وتنمو العلاقات الثنائية بين الجارتين بسرعة؛ حيث زادت التجارة المتبادلة بنسبة 38% في عام 2019. كما أجرت إيران وأوزبكستان مشاورات وثيقة بشأن عملية السلام الأفغانية، ما أدى إلى التعاون في مشاريع التنمية الإقليمية المشتركة. على سبيل المثال، من المرجح أن تصبح سكة حديد “هرات – مزار الشريف” ممر عبور استراتيجي بين البلدين، يربط إيران بآسيا الوسطى عبر أفغانستان، متجاوزا تركمانستان. علاوة على ذلك، ستكون الهند الشريك الرئيسي الذي يربط هذا الطريق بممر النقل الدولي بين الشمال والجنوب عبر أوراسيا.

أما جمهورية قيرغيزستان، الوجهة الثانية لـ”ظريف”، فهي الدولة الوحيدة في المنطقة التي وقعت خارطة طريق لمدة 10 أعوام للتعاون مع إيران عام 2016. وسلمت طهران شحنتين من المساعدات الإنسانية إلى قيرغيزستان أثناء تفشي فيروس كورونا المستجد، وافتتحت مجمعا رياضيا في “أوش” في ديسمبر/كانون الأول الماضي.

وقيرغيزستان أيضا هي أول دولة في آسيا الوسطى تحصل على مساحة رصيف آمنة ومرافق مرتبطة بها في ميناء تشابهار الاستراتيجي الإيراني وذلك في عام 2007. وتستمر في استخدام هذا الميناء لصادراتها. وفي العام الماضي، افتتح البلدان أيضا بشكل مشترك ممر العبور بين قيرغيزستان وطاجيكستان وأفغانستان وإيران “كاتي” من أفغانستان.

وتعد كازاخستان دولة معروفة في إيران، لأنها استضافت مرارا المفاوضات النووية الإيرانية. وكانت عملية “أستانا” هناك أيضا منصة مشتركة بين إيران وتركيا وروسيا لحل الأزمة السورية. والآن، في محاولة لتنمية العلاقات مع إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن”، من المرجح أن تكون كازاخستان على استعداد للعب دور الوسيط في المحادثات لإنقاذ خطة العمل الشاملة المشتركة.

وبالإضافة إلى حل النزاعات الدولية، تعمل إيران وكازاخستان أيضا بشكل وثيق في مجال العبور. وتم افتتاح ممر سكة حديد شرق قزوين في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، ليربط كازاخستان بحدود إيران الجنوبية. ومؤخرا، في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، تم شحن البضائع عن طريق البحر من “أمير آباد” الإيراني إلى ميناء “كوريك” في كازاخستان على بحر قزوين.

وفيما يتعلق بالعلاقات مع تركمانستان، فإن الوضع مختلف تماما. ونتيجة للخلافات حول المبلغ الذي تدين به إيران لواردات الغاز الطبيعي من تركمانستان وهيكل السداد، فإن الجانبين محاصران في نزاعات قانونية في المحاكم الدولية. علاوة على ذلك، أغلقت تركمانستان حدودها مرارا وتكرارا خلال العام الماضي بسبب جائحة فيروس كورونا، ما أعاق بشكل كبير طرق التجارة الدولية في المنطقة.

وأُعيد فتح معبر “سرخس” الحدودي الإيراني مع تركمانستان بعد أشهر قليلة فقط، لكن معبر “إنش بورون” للسكك الحديدية ظل مغلقا لمدة 6 أشهر تقريبا، و”لطف آباد” لمدة 9 أشهر. كما تراجعت العلاقات التجارية الثنائية بشكل كبير خلال الأعوام الـ 4 الماضية، من 579 مليون دولار إلى 133 مليون دولار. وبالرغم من أن الرئيس “قربانقولي بيردي محمدوف” زار إيران عدة مرات بين عامي 2007 و2014، إلا أنه لم يعد إلى طهران منذ ذلك الحين.

وتعد أفغانستان المجاورة هي العامل المهم الآخر الذي يؤثر على محور إيران في آسيا الوسطى. ويشكل الأمن في أفغانستان تهديدا مشتركا لكل من إيران وآسيا الوسطى. وبالتالي يمكن أن تساعد القضية في الاستمرار في التقريب بين الجانبين وقد تكون حافزا لتعزيز التعاون إلى مستوى الشراكات الاستراتيجية.

ويبدو أن السلوك الدبلوماسي الأخير للحكومة الإيرانية يظهر تطلعا كبيرا تجاه آسيا الوسطى. لكن الرئيس المقبل لإيران سيتم انتخابه في أقل من 3 أشهر، وعلى الأرجح سيسعى إلى إعادة ضبط السياسة الخارجية الإيرانية في اتجاه أكثر توازنا.

وبالتالي، في الوقت المتبقي، تسعى إدارة “روحاني” إلى توفير أساس جديد يمكن أن يحول آسيا الوسطى إلى “جسر” مفيد لإيران لبناء علاقات أعمق مع الصين وروسيا الأبعد. وبدورهم، يدرك قادة آسيا الوسطى بالتأكيد جيدا نهج طهران الجديد، وقد يكونون مستعدين لتقديم تنازلات خاصة للحكومة الإيرانية القادمة مقابل حل التحديات الثنائية العالقة وفتح فرص جديدة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى