لوموند – بقلم بنجامين بارت – بين “إسرائيل” والإمارات .. محور إستراتيجي جديد
لوموند الفرنسية – بقلم بنجامين بارت *- 25/12/2020
كانت أنغام موسيقى الكليزمر تصدح في حديقة أحد قصور دبي. هذه الموسيقى الإيقاعية التي تعتبر من التراث الشعبي لليهود الأشكناز، جعلت جميع المدعوين يغادرون كراسيهم أثناء الحفل. كان الرجال يرتدون بدلات داكنة ويضعون على رؤوسهم قبعات سوداء أو عمامة الكيباه، فيما ارتدت النسوة فساتين طويله وملونة، وتحلق الجميع حول العروسين في المنصة. أثناء التصفيق الحار وعبارات التهنئة “مازل توف” باللغة العبرية، اقترب بعض سكان دبي لمشاهدة هذا العرض المثير للفضول، وهم يرتدون الدشداشة البيضاء. هذا أول زواج يهودي أرثوذكسي يُقام في الإمارات العربية المتحدة، الدولة النفطية الغنية في منطقة الخليج.
نشر مقطع الفيديو الذي يظهر فيه هذا الحفل في بداية شهر كانون الأول/ ديسمبر، وانتشر بشكل سريع على شبكات التواصل الاجتماعي. وهو يرمز إلى الأجواء الحميمية التي يمكن وصفها بأنها شهر عسل بين الإمارات وإسرائيل، منذ تطبيع العلاقات الدبلوماسية بينهما. هذه الخطوة التي أعلن عنها في منتصف أغسطس/ آب، وتم التوقيع عليها بعد شهر واحد في شرفة البيت الأبيض، بالتوازي مع اعتراف مملكة البحرين أيضا بدولة “إسرائيل”، أعقبها سيل من الاتفاقات في مجالات التكنولوجيا، والإعلام، وكرة القدم، والخدمات المالية، والسياحة، والبحث العلمي، والنقل الجوي.
يقول حسين إيبش الباحث في معهد دول الخليج في واشنطن: “إن مسار التطبيع بين الإمارات و”إسرائيل” يتقدم بأقصى سرعة، وهو متفرد من حيث طبيعته. يرغب الإماراتيون في تحقيق اندماج على كل المستويات مع “إسرائيل”، بينما تحمل بقية الدول التي اعترفت بها، على غرار البحرين والمغرب والسودان، طموحات أقل بكثير”.
يُذكر أن معهد دراسات الأمن القومي، الذي يعد أهم مركز للتفكير في “إسرائيل”، فتح قنوات التواصل مع نظيره مركز الإمارات للسياسات. كما أن بنك هبوعليم الذي يمتلك وزنا ثقيلا في قطاع المالية الإسرائيلي، وافق على التعاون مع بنك الإمارات دبي الوطني. وعلى نفس الطريق سار معهد وايزمان للعلوم وجامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، إلى جانب مؤسسات أخرى.
“دبي تمثل المدينة المعولمة بامتياز، فالجميع يأتي إليها، وهي أيضا في حاجة دائمة لإعادة ابتكار نفسها، لذلك فإنه من الطبيعي أن يجد فيها الإسرائيليون مكانا لأنفسهم “.
الإمارات، الإلدورادو الجديدة
تسير عملية تجاوز الخطوط الحمراء وتطبيع العلاقات بشكل راديكالي، لدرجة أن أحد أعضاء العائلة المالكة في أبوظبي لم يجد حرجًا في شراء نصف أسهم بيتار القدس، وهو نادي كرة قدم “إسرائيلي” ارتبطت سمعته بالشعارات المعادية للعرب التي يطلقها مناصروه. كما أن قناة أي24 الإسرائيلية وقعت عقد تبادل للمحتوى الإعلامي مع مؤسسة دبي للإعلام، دون أي اكتراث ظاهر بحقيقة أن الصحافة في الإمارات تخضع لرقابة مشددة من قبل نظام استبدادي.
تتركز أنظار الإسرائيليين على دبي. وقد حولت الرحلات الأسبوعية الثلاثون الطريق بين البلدين إلى مضمار سباق نحو هذه الإمارة التي تمثل قطبا للسياحة والتجارة العالمية. من عباقرة التكنولوجيا في تل أبيب، إلى الأزواج القادمين للترفيه، وأصحاب المؤسسات الصغرى والمتوسطة، وحتى أبناء طائفة الحريديم في حي مياشاريم الأورثوذكسي في القدس، الجميع يريدون نصيبهم مما ينظرون إليه على أنه مدينة الإلدورادو الجديدة، التي تعد بالمتعة والعقود الضخمة وحياة الترف بأسعار مخفضة.
يرى أنطوني هاريس، وهو سفير بريطاني السابق في أبو ظبي بات يشتغل في قطاع التأمينات في دبي، أن “دبي تمثل المدينة المعولمة بامتياز، فالجميع يأتي إليها، وهي أيضا في حاجة دائمة لإعادة ابتكار نفسها، لذلك فإنه من الطبيعي أن يجد فيها الإسرائيليون مكانا لأنفسهم”.
قامت فنادق هذه المدينة الدولة بإثراء قائمات الطعام بأطباق الكاشير (الطعام اليهودي الحلال)، واجتهدت للتأقلم مع تعاليم يوم السبت الذي يمثل عطلة نهاية الأسبوع لليهود ولا يستخدم خلاله المتدينون أية أجهزة إلكترونية. وخلال الفترة بين السادس والعاشر من ديسمبر/ كانون الأول، شارك حوالي 200 مستثمر “إسرائيلي لأول مرة في معرض الخليج لتكنولوجيا المعلومات “جايتكس”، الذي ينظم في مركز ضخم للمؤتمرات في دبي ويعد قبلة للمهتمين بالابتكار.
سلام دافئ
خلال الأسبوع الماضي، زار عشرات الآلاف من سكان الدولة اليهودية الإمارات، بمناسبة الحانوكا أو عيد الأنوار، الذي يشبه أعياد الميلاد عند المسيحيين. وبعد اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زاده في نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، في عملية وجهت فيها طهران أصابع الاتهام لتل أبيب، كانت حكومة نتنياهو قد حذرت مواطنيها من السفر إلى الخليج، خوفا من أن يكونوا هدفا للانتقام الإيراني. إلا أن هذه التحذيرات لم يلق لها الإسرائيلون بالا، أمام “حمَى التوجه إلى دبي”.
يقول موشي كوهين، المحامي الذي جاء مع الوفود التي تقاطرت بحثا عن فرص الاستثمار: “إن الإسرائيليين يتحرقون شوقا للقدوم إلى هنا، وهنالك بيننا وبين الإماراتيين سلام دافئ، وهو ليس سلاما باردا كما هو الحال مع مصر والأردن. يمكن أن تشعر بذلك في الإعلام والشوارع حيث لا مشكلة في التجول مرتديا الكيباه.” وأضاف مازحا “خلال بضعة أسابيع سيكون عدد الإسرائيليين هنا أكثر من عدد الإمارتيين”، في إشارة منه إلى حقيقة أن المواطنين يمثلون فقط خمسة بالمائة من بين 3.5 مليون ساكن في دبي.
يعتقد رافائيل ناغل، رجل الأعمال الألماني اليهودي، المقرب من النخبة السياسية والتجارية في الإمارات، أنه ” بعد اللؤلؤ والبترول والسياحة فإن التحالف مع “إسرائيل” سيكون محرك النمو الجديد للاماراتيين.” هذا الرجل المولع ببنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي، قام بتأسيس “دائرة الأعمال الإبراهيمية”، وهو نادي لرجال الأعمال والمسؤولين رفيعي المستوى، يهدف إلى التقارب بين الخليج والدولة العبرية.
حول هذا الأمر يقول موظف بنكي أوروبي في دبي: “أنا أتواصل بشكل يومي مع زملائي في تل أبيب عبر الهاتف. وأموال الإماراتيين تجعلهم يحلمون، لكن بعض الإسرائيليين يتصرفون بشكل عدائي أكثر من اللازم، والإماراتيون لا يرغبون في علاقة يستفيد منها طرف واحد، بل يريدون الاستفادة من الخبرات التكنولوجية وخاصة في المجال الفلاحي، وإذا لم يفهم الإسرائيليون ذلك فسيتم حرمانهم من الفرص”.
“التعاون الاقتصادي والأمني بين أبوظبي وتل أبيب بدأ قبل وقت طويل من الاحتفالات التي أقيمت في أيلول/ سبتمبر في البيت الأبيض “.
العديد من النقاط المشتركة
هذه العلاقة الرومانسية يمكن رؤيتها أيضا في “إسرائيل”، حيث انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو يظهر فيها الإماراتيون والبحرينيون وهم يحظون باستقبال حار في تل أبيب، ويتغنون بالتعددية والانفتاح في المجتمع الإسرائيلي، ويلقون التحية باستخدام عبارة شالوم. هذا الترحاب يجعل الزوار يمتنعون عن انتقاد نظام الاحتلال العسكري الذي يرزح تحته الفلسطينيون على بعد عشرات الكيلومترات فقط.
بعضهم يبالغون في المجاملة، إلى درجة انتقاد السلطة الفلسطينية في رام الله بعبارات لا تبعد كثيرا عن بيانات نتنياهو. هذه المشاهد دفعت ببعض الشبان من سكان بلدة كفر قاسم العربية الإسرائيلية الى القيام بمحاكاة ساخرة لهذا الوضع. حيث ظهروا متنكرين بالزي والعمامة الاماراتية وجابوا شوارع تل أبيب لتلتقط لهم الصور وتقدم لهم التحية، والواقع أنهم لو كانوا بملابسهم العادية لما قوبلوا بغير التجاهل أو الريبة.
هذه الأجواء التي ضخمتها مجموعة من حسابات تويتر المساندة للتطبيع، التي ظهرت بين عشية وضحاها، تنبع من كون السلطتين الإسرائيلية والإماراتية تجمع بينهما العديد من النقاط المشتركة: مثل العداء تجاه إيران، والتبعية للولايات المتحدة الأمريكية، والرفض المطلق للتيارات الإسلامية، ومعارضة الطموحات الديمقراطية العربية، والميل لاستخدام العمليات السرية والقوة، والهوس بمسألة الأمن، والاستثمار المحموم في كل مجالات التكنولوجيا السيبرانية. لذلك يبدو التناغم صادما بين صقري الشرق الأوسط: بيبي نتنياهو من جهة، ومحمد بن زايد الرجل القوي داخل الإمارات من جهة أخرى.
هذا التقارب يأتي على إثر 20 سنة من التواصل السري بين البلدين، إذ أن التعاون الاقتصادي والأمني بين أبوظبي وتل أبيب بدأ قبل وقت طويل من الاحتفالات التي أقيمت في أيلول/ سبتمبر في البيت الأبيض. ويذكر رجل أعمال باكستاني مطلع على أسرار دبي، أنه قابل خلال سنوات الألفين الرجل الذي يشرف على الاتصالات السرية من الجانب الاسرائيلي، وهو بروس كشدان، وكانت تقوم على حراسته الشخصية امرأة تمتلك رتبة نقيب في “سييرت متكال”، إحدى وحدات النخبة في الجيش الإسرائيلي.
في لقاء له مع التلفزيون الإسرائيلي، كان أحمد بن سليم، نجل رجل سلطان أحمد بن سليم المدير التنفيذي لشركة موانئ دبي العالمية، قد كشف عن قدومه إلى “إسرائيل” منذ 2001، بهدف إجراء اتصالات سرية مع هذا البلد المقرب. وفي العام 2008، في خطوة لا يمكن أن تكون مصادفة، تمكنت شركة موانئ دبي العالمية من الفوز بعقد إدارة رصيف ميناء طركونة التجاري في إسبانيا، بالشراكة مع شركة زيم الإسرائيلية.
لكن اغتيال قيادي من حركة حماس، الحركة الإسلامية الفلسطينية، في دبي سنة 2010، على يد عملاء سريين “إسرائيليين”، أدى إلى تجميد هذا التقارب لفترة وجيزة. ومن جانبه، يتذكر أحد المستشارين الغربيين الرحلات التي قام بها صديق له، الذي يعمل طيارًا في شركة طائرات خاصة، بين تركيا والإمارات. في هذا الصدد، يعترف رجل الأعمال رافائيل ناغل أنه “كان في طريقه للبحث عن مسؤولين في شركة “إسرائيلية” مكلفة بتركيب نظام مراقبة الحدود الإماراتي الإلكتروني”، مشيرا إلى أن “البلدان يعملان معا على مدى عقود”.
جهاز الأمن في وضع الاستعداد
في الحقيقة، إن محمد بن زايد ليس مضطرا للتعامل مع الرأي العام المشحون، على عكس نظرائه في البحرين والسودان والمغرب، وهذا الأمر من شأنه أن يعزز التقارب بين الطرفين. كما أن غالبية الإماراتيين – الذين يبدو أن نسبة ضئيلة منهم مسيّسة – مقتنعون بأن قائدهم صاحب رؤية وسيحقق الاستقرار في المنطقة. في الأثناء، يبدو أن جهاز الأمن في وضع الاستعداد، ناهيك عن أنه وقع تمرير رسائل تحذر من الانتقاد العلني للاتفاقيات الموقعة مع “إسرائيل”. وعلى هذا النحو، أدركت النخبة المتشككة والدعاة المحافظون أنه لم يعد أمامهم خيار سوى التزام الصمت أو تغيير رأيهم.
كان خيار المحلل السياسي عبد الله عبد الخالق، الذي عمل مستشارا سابقًا لبن زايد، الإشادة بهذه العملية – التي تأتي بعد عداء طويل الأمد لممالك الخليج مع “إسرائيل” – بقوله: “أنا لا أحبهم شخصيًا، لكن هذه الصفقة تمنح الإمارات صورة صانع السلام وبطل التسامح. هذا سيجلب لنا أصدقاء جدد، وسيقوي علاقتنا مع الإدارة الأمريكية القادمة”.
في الأوساط الديمقراطية، المقربة من الرئيس المنتخب جو بايدن، تضررت سمعة الإمارات جراء مغامرات حليفها الرئيسي ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، المسؤول عن التدخل الكارثي في اليمن والمتهم الرئيسي باغتيال الصحفي جمال خاشقجي. في هذا السياق، يقول الباحث حسين إيبش: “في السنوات الأخيرة، عندما اتصل السفير الإماراتي لدى الولايات المتحدة بالنواب الديمقراطيين في الكونغرس، لم يتسرعوا في الرد. وفي أعقاب إعلان التطبيع، اتصل الديمقراطيون بالسفير لتهنئته”.
حصل نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بدولة الإمارات العربية المتحدة، محمد بن زايد، على مكافأة سخية. إلى جانب أسطول من مقاتلات إف-35 الأمريكية والطائرات من دون طيار المقاتلة من طراز إم كيو-9 ريبر، الذي من شأنه أن يمنح الإمارات السيطرة على سماء الخليج، تنتظر القوات المسلحة الإماراتية تلقي طائرة الحرب الإلكترونية المتطورة للغاية “بوينغ إي إيه-18جي غرولير”. وحسب ما أكده عبد الخالق: “لن تحصل أي دولة أخرى في المنطقة على هذه الأسلحة في السنوات العشرين المقبلة. ومن شأن ذلك أن يعزز قوة الردع لدينا ضد إيران”.
يحلم القادة الإماراتيون بنظام الدفاع الجوي “القبة الحديدية” الذي طورته “إسرائيل” والمنتشر على طول الحدود مع قطاع غزة. ورغم امتلاك بطاريات باتريوت الأمريكية، لا يزال الإماراتيون يشعرون بالضعف تجاه برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني. لذلك، يتوقع إبيش أن يتم نقل هذه التكنولوجيا العسكرية إلى الإمارات في السنوات القادمة؛ ويمكن للإسرائيليين أن يطلبوا في المقابل نشر مستشارين عسكريين على الأراضي الإماراتية. بهذه الطريقة، سينتهي بهم الأمر على الحدود مع إيران.
“حسب معلومات صحيفة “لوموند”، يدرس المسؤولون الإماراتيون خطة عمل تهدف إلى التخلص من الأونروا تدريجيا، دون جعل هذا الأمر مشروطا بحل مشكلة اللاجئين“.
القضية الفلسطينية
ردًا على اتهامهم بخيانة الفلسطينيين، يقول المسؤولون الإماراتيون إن موقفهم لم يتغير تجاه القضية الفلسطينية. وبعد تجميد خطة نتنياهو لضم الضفة الغربية مقابل التطبيع، ما زال الإماراتيون يزعمون دعم إقامة دولة فلسطينية. وكدليل على ذلك، يشير عبد الخالق إلى أن بلاده أيدت في الأسابيع الأخيرة سبعة قرارات في الجمعية العامة للأمم المتحدة تندد باستمرار الاحتلال الإسرائيلي، موضحًا: “لم يرق ذلك للإسرائيليين وأخبرونا بذلك. لكن لدينا الآن نفوذ عليهم. وإذا انخرطوا في أفعال لا نحبها، فلا يزال بإمكاننا تجميد التقارب، أو حتى التراجع عنه”.
في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وفي خضم قمع الانتفاضة الثانية، كان رد فعل قطر وعمان – البلدين اللذين كانا في ذلك الوقت في طليعة التقارب مع “إسرائيل” – مماثلًا أيضًا. وقع غلق مكاتب التمثيل التجاري التي سُمح لإسرائيل بفتحها في الدوحة ومسقط تحت ضغط الرأي العام. ومنذ ذلك الحين تغير الوضع في الخليج بالكامل.
بسبب تنامي نفوذ إيران في المنطقة، أصبح اللوبي المؤيد للتطبيع – الذي أُجبر على البقاء متحفظا قبل عشرين سنة – يتمتع بالسلطة العليا الآن، بدعم ضمني من القوى العالمية. وحسب الإعلامي السعودي عبد الرحمن الراشد المقيم في دبي: “للفلسطينيين الحق في تأسيس دولة، لكن قضيتهم لم تعد أولوية. كان من المفترض توقيع اتفاقيات التطبيع منذ عشرين سنة. لدى دول الخليج قواسم مشتركة مع “إسرائيل” أكثر من العديد من الدول العربية”.
على المدى القصير أو المتوسط، لا يمكن استبعاد وجود دبلوماسية إماراتية جديدة تخدم مصالح “إسرائيل” – على سبيل المثال فيما يتعلق بقضية الأونروا، وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين. فما بين 2018 و2019 موّلت الإمارات هذه المنظمة إلى حد كبير، إلى جانب كل من قطر والمملكة العربية السعودية، وذلك في محاولة لتعويض النقص في التمويل الذي خلفه قرار وقف التمويل الأمريكي الذي أصدره دونالد ترامب. ولكن هذه السنة، لم تقدم أبوظبي شيئا تقريبا للمنظمة، التي تقف على عتبة الإفلاس.
حسب معلومات صحيفة “لوموند”، يدرس المسؤولون الإماراتيون خطة عمل تهدف إلى التخلص من الأونروا تدريجيا، دون جعل هذا الأمر مشروطا بحل مشكلة اللاجئين. من خلال القيام بذلك، ستنضمّ أبو ظبي إلى المطلب طويل الأمد لإسرائيل، الذي يصر على أن هذه المنظمة تعرقل السلام من خلال رعاية اللاجئين الذي يحلمون بالعودة إلى الأراضي التي طُرد منها آباؤهم في سنة 1948. ومن جانبه، لم يستجب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، لطلب الصحيفة بتوضيح هذه النقطة. ولكن هناك شيء واحد مؤكد: لن يكون هناك عودة إلى الوراء. هناك محور استراتيجي جديد آخذ في الظهور سيتعين على دول الشرق الأوسط التعامل معه.
*بنجامين بارت – مراسل لوموند في بيروت .