لوموند الفرنسية – الحسابات السياسية لمختلف الأطراف تدفع قطاع غزة نحو حافة الهاوية
لوموند 27/9/2018
حذرت صحيفة “لوموند’’ الفرنسية من التداعيات الكارثية للإجراءات الاقتصادية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والسلطة الفلسطينية ضد قطاع غزة، الذي تدفعه الحسابات السياسية لمختلف الأطراف إلى حافة الهاوية.
“لوموند’’ أشارت إلى أن تقرير البنك الدولي الجديد، الذي سيتم تقديمه اليوم الخميس ، يرسم صورة واضحة للوضع في قطاع غزة، الذي أصبح “تحت التنفس الاصطناعي’’، في ظل الانهيار المستمر لاقتصاده، مسجلاً نمواً سلبياً بنسبة 6 في المئة خلال الربع الأول من العام الجاري، وقد يزداد سوءاً في الأشهر القادمة. في حين، ارتفع معدل البطالة إلى مستوى تاريخي حيث وصل إلى 53 في المئة، بما في ذلك 70في المائة بين أوساط الشباب. كما ارتفع معدل الفقر من 39 في المئة إلى 53في المئة، بين عامي 2011 و2017.
وأوضحت الصحيفة الفرنسية أنه في ظل نظام الحصار الإسرائيلي-المصري، أصبح الاقتصاد الحقيقي لقطاع غزة متهالكًا، وانخفض نصيب القطاعْين الزراعي والصناعي من 27 في المائة إلى 13 في المائة منذ عام 1994، دون أن يتم تعويض ذلك بظهور أنشطة جديدة ذات إمكانات عالية، كالتكنولوجيات الجديدة. فمنذ بداية عام 2017، ألغت السلطة الفلسطينية 26 ألف وظيفة في القطاع العام، 22 ألف وظيفة منها في غزة. وخلال عامين، انخفضت الميزانية التي تخصصها رام الله لقطاع غزة من 125 مليون دولار إلى 96 مليون دولار، ما يعني أن عشرات الآلاف من العائلات شهدت انخفاضًا في دخلها الفردي بنسبة 30 في المئة ثم 50 في المئة، حسب أحصائيات البنك الدولي.
ومع ذلك -تتابع “لوموند’’ -يخطط الرئيس الفلسطيني محمود عباس لفرض تدابير عقابية جديدة على سكان غزة في منتصف أكتوبر / تشرين الأول القادم، إذا لم يتم تسجيل أي تقدم ملموس في عملية المصالحة بين حركتي فتح وحماس. إذ يسعى هذا الأخير إلى بسط السلطة الفلسطينية السلطة الكاملة على غزة.
من جانبها، أوقفت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تمويلها لوكالة الأونروا، بعثة الأمم المتحدة التي تساعد ما يقرب من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني وأحفادهم في العديد من دول الشرق الأوسط. وستكون لهذا القرار انعكاسات كارثية على النظام المدرسي في غزة، حيث تعتمد 225 مدرسة على دعم الأونروا. كما أن الوكالة (الأونروا) تقدم المساعدة الطارئة للسكان القطاع الذين هم في وضع حرج.
ولمواجهة هذا الوضع الكارثي في غزة، كان نيكولاي ملادينوف ، المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام، قد طرح نيكولاي على الطاولة ، منذ عدة أشهر ، مقترحات الطوارئ ، التي يمكن تحقيقها في أقل من عام ، بشأن بعض المواضيع الرئيسية: الكهرباء ومعالجة مياه الصرف الصحي… إلخ. كما دعا البنك الدولي إلى التوسع الكبير في منطقة الصيد إلى 20 ميلاً بحريًا، كما كان الحال في تسعينيات القرن الماضي، لكن هذا الإجراء يعتمد فقط على حسن نية إسرائيل، وكذلك عودة حركة البضائع والأشخاص عبر معبر رفح جنوب القطاع، والتي تعتمد هي الأخرى على حسن نية مصر. وأيضا تقترح المؤسسة الدولية رفع القيود المفروضة على استيراد ما يسمى بالمنتجات ذات الاستخدام المزدوج (خاصة في البناء)، أي أنه يمكن استغلالها لأغراض عسكرية من قبل حماس، وفقًا للدولة اليهودية.
غير أن صحيفة “لوموند’’ اعتبرت أن كل هذه المشاريع الاقتصادية المعقولة، تصطدم بواقع سياسي غير مواتٍ للغاية: الانقسام بين الفصائل الفلسطينية، وإدارة أمريكية صماء تجاه القضايا الإنسانية والانتخابات المقبلة في إسرائيل.