كمال زكارنة يكتب – التفرغ لمواجهة الاستيطان

كمال زكارنة 11/11/2019
لم يعد هناك وقت للانتظار والمراهنة على الاحتلال الصهيوني ،فقد كشف كل اوراقه ومخططاته ومشاريعه ،واصبحت اهدافه واضحة ومعلنة اكثر من اي وقت مضى ،ولا يخفي نواياه في الاستيلاء على الارض الفلسطينية من خلال التزسع الاستيطاني الزاحف والمتدرج المكثف في جميع اراضي دولة فلسطين المحتلة ،ويعمل في المرحلة الاولى على السيطرة الكاملة على 63 % من الاراضي التي احتلت عام 1967 وهي اراض تعرف بالاراضي الاميرية او اراضي الدولة وتمثل مناطق «ج» بحسب اتفاق اوسلو وضمها واعلانها تحت السيادة الاسرائيلية وتهويدها ،والتقدم بعد ذلك في مرحلة لاحقة للتمدد الاستيطاني في باقي الاراضي المحتلة والتضييق الخانق جغرافيا وديمغرافيا وعمرانيا على الشعب الفلسطيني وشل حركته الاقتصادية والاجتماعية وتعطيل حياته كليا .
امام هذا الواقع الذي يفرضه الاحتلال الصهيوني ،وانسحابه المعلن والمتعمد من عملية السلام وتحلله من جميع الاتفاقيات التي وقع عليها ام الشهود الدوليين،والارتداد نحو المشروع الصهيوني التاريخي المعروف باقامة دولة الكيان الصهيوني من النيل الى الفرات انطلاقا من فلسطين التاريخية ،لا بد للقيادة الفلسطينية ان تتفرغ لمواجهة التوسع الاستيطاني المجنون الذي ينتشر مثل النار بالهشيم ويجتاح مساحة دولة فلسطين المحتلة بالكامل ،وان تركن جميع الملفات الاخرى جانبا وان تجعل هذه المرحلة مرحلة التصدي الفعلي الشعبي الجماعي الشامل والجامع للاستيطان الصهيوني والدفاع عن الارض الفلسطينية وانقاذها من غول الاستيطان الذي يجرفها شبرا شبرا ،وهذا ينسحب على الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج بحيث يقوم كل فرد اينما وجد بواجبه الوطني لانتزاع الاراضي المحتلة من بين انياب المحتلين والمستوطنين،قبل ان تغتصب المستوطنون المحتلون كامل الارض.
التصدي الامثل للمشاريع الاستيطانية الصهيونية بالعودة الى الانتفاضة الاولى ،التي مثلت افضل صور المقاومة السلمية الشعبية ،اسلوبا وتنظيما ومشاركة شعبية شاملة ،من جميع الاطياف السياسية والحزبية والتنظيمية الفلسطينية ،وكل من يقف في وجه هذه المقاومة او يعترضها او يتنحى جانبا فان حسابه سوف يكون على يد الشعب.
الانتفاضة الاولى التي يجب اعادتها بصورتها الاصلية، اشغلت جيش الاحتلال الصهيوني ست سنوات متتالية ،واستدعى الاحتلال الاحتياط ولم يهدأ ليلا ولا نهارا ،ودخلت الانتفاضة كل بيت صهيوني كما شارك فيها كل بيت فلسطيني ،لكن شتان بين الانشغال الصهيوني والمشاركة الشعبية الفلسطينية .
لم تعد هناك خيارات للتعامل مع هذا العدو المتغطرس ،غير التصدي والمواجهة والصمود ،وقد استنفدت القيادة الفلسطينية جميع الوسائل ومعها الامة العربية من اجل التوصل لى سلام دائم وشامل وعادل ،وقدمت الدول العربية مبادرة السلام العربية المعتدلة والمتوازنة ،وتعالت عليها دولة الاحتلال التي ترفض مبدأ الارض مقابل السلام وتصر على السلام مقابل السلام ،اي رفض اقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران عام 67 ، من خلال فرض سياسة وحلول الامر الواقع.
يجب ان يعلم الاحتلال ان مقاومته اسهل الخيارات ،ومواجهته في الميدان رغبة شعبية فلسطينية جامحة ،من اجل تنظيف اراضي دولة فلسطين المحتلة من المستوطنين والمستوطنات لانه دون ذلك لا تستقيم الامور.